المهندسة مي الحسيني: هدفي إعداد تصاميم تعزز الفرح

المهندسة مي الحسيني: هدفي إعداد تصاميم تعزز الفرح
المهندسة مي الحسيني: هدفي إعداد تصاميم تعزز الفرح

بعد مُعاينة صور بعض التصاميم الداخلية المُعاصرة العائدة لشقق فخمة أو زيارة بعضها، من المُلاحظ أن التكرار سمة الغالبية منها؛ لا سيما لنواحي المواد والألوان وتقسيمات الفراغات المعمارية. قلة من المهندسين المعماريين والداخليين تُحاول إبراز لمسات خاصة تنمّ عن أسلوب مُميّز. المهندسة المصرية مي الحسيني من هذه القلة التي تمتلك فلسفة تصميمية واضحة تُبرزها في المشاريع التي تتولاها، تتحدّث عن فلسفتها، لـ «سيدتي»، في هذا الحوار.

المهندسة مي الحسيني

قدّمي نفسك لقراء «سيدتي».

أنا مصممة داخليّة ومهندسة معماريّة ومؤسّسة مشاركة لـ «استديو» Spaces Architects؛ كرسّت وأُكرّس حياتي المهنية لخلق مساحات آسرة تمزج بين العملية وبين الجمالية والابتكار. يحثّني شغفي العميق بالتصميم إلى جعل البيئات التي أشتغل عليها تُلبّي الاحتياجات الفعلية للعملاء، كما تُلهمهم وتُعزّز حياتهم. من خلال الاهتمام الدقيق بالتفاصيل، أعمل عن كثب مع فريق عملي لتطوير مفاهيم مُتفرّدة تعكس رؤيتي في كل مشروع. سواء تعلّق الأمر بمشروع سكني أو تجاري، أؤمن بأن التصميم يمتلك قوة تحويلية ويُشكّل التجارب البشرية ويخلق بيئات مُتناغمة. هدفي الأسمى هو تقديم حلول تصميمية استثنائية تتجاوز التوقعات وتترك انطباعات دائمة.
نقترح عليك متابعة اللقاء الخاص مع المصمم روبرتو لازيروني Roberto Lazzeroni : «التصميم العاطفي» يعزز لدي حرية الإبداع

علم نفس الألوان

 


أنتِ مُهتمّة للغاية، بجعل التصميم الداخلي المُتعلّق بالمشاريع السكنية مُحفّزاً للمشاعر الإيجابية للسكّان. كيف يتحقق ذلك؟

بالتأكيد؛ هدفي الأساس هو إعداد تصاميم داخلية مُحفّزة لمشاعر إيجابية ومُعزّزة للفرح والراحة والاسترخاء والشعور العميق بالرفاهية، من خلال الاعتبارات الأساسية الآتية: فهم علم نفس الألوان لاختيار منها تلك التي تُثير المشاعر الإيجابية، لا سيما الدرجات الدافئة لتحفيز الطاقة والدرجات الباردة للهدوء. أضيفي إلى ذلك، يقوم تصميم الإضاءة بدور حاسم أيضاً، خصوصاً مع توظيف الإضاءة الطبيعية بوفرة، ووحدات الإضاءة القابلة للتعديل لتحسين الحال المزاجية والرفاهية. كما لا أغفل عن دمج التصميم البيئي، من خلال النباتات والمواد الطبيعية بالعمل، ما يُعزّز الإحساس بالاتصال بالطبيعة ويُقلّل الإجهاد. يضمن تصميم المساحات الداخلية، مع مراعاة الراحة والعملية، تحقيق تجربة إيجابية؛ يتحقق ذلك من خلال تجهيزات الأثاث المريحة والمُنسجمة في الفضاء المعماري. يولّد كل من التفاصيل الهادفة، والطابع الذي يعكس شخصيات شاغلي المساحات وتفضيلاتهم، إحساساً بالانتماء والاتصال العاطفي.. أخيراً، على التصميم أن يُشرك حواس عدة من خلال الروائح والأصوات والعناصر الملموسة، ما يُثري التجربة العاطفية.

ماذا عن فلسفتك التصميمية؛ هل تتبعين القواعد بصرامة أم تتحدّينها؟

فلسفتي في التصميم الداخلي عبارة عن مزيج ديناميكي يقوم على اتباع المبادئ الراسخة وتحدّيها؛ أي الجمع بين أفضل ما في كلا النهجين، لغرض إعداد مساحات وظيفية ومُلهمة وفريدة. توفّر مبادئ التصميم أساساً متيناً لخلق مساحات مُبهجة وعمليّة. تُرشد هذه المبادئ، ومنها: التوازن والتناسب والمقياس إلى التخطيط الصحيح، وطريقة ترتيب العناصر داخل المساحة، كما تُساعد في خلق شعور بالانسجام، وفي التأكد من أن التصميم يخدم الغرض المقصود منه. مع ذلك، أؤمن أيضاً بتحدي هذه القواعد لإضفاء الإبداع والأصالة على تصاميمي. من خلال استكشاف مواد جديدة، وتجربة أنظمة ألوان فريدة، ودمج عناصر غير متوقعة بالمشاريع، أهدف إلى إنشاء مساحات تثير إحساساً بالدهشة والإثارة. يسمح تحدي القواعد باستكشاف وجهات نظر جديدة وخلق بيئات مُميّزة حقّاً.

الرخام مادة خالدة معروفة بأناقتها ومتانتها وتعدّد استخداماتها، ما يجعلها خياراً شائعاً في التصميم الداخلي


الحداثة والتقاليد


ما هو دور مصر في إلهامك والتأثير في أعمالك، في مجال التصميم؟

في مصر، تاريخ غني ورمزية ثقافية وجماليات مُترفة ومناظر طبيعية ومزج بين التقاليد والحداثة وتراث معماري ووفرة؛ كل العناصر المذكورة مُلهمة لي ومُساعدة في تكوين منظوري التصميمي الذي يقوم على دمج الألوان الترابية بالمواد الطبيعية، كما الحداثة بالتقاليد، في إطار إعداد مساحات خالدة وذات مغزى.

أخبرينا المزيد عن «استوديو» التصميم الذي أسّسته، مع شريكك؛ ما هي المشاريع التي تركزان عليها حاليّاً؟

يهدف «الاستوديو» Spaces Architects الذي أسّسناه منذ أعوام عدة، إلى إنشاء مساحات آسرة ومبتكرة تمزج بين العملية والجمالية واللمسة الشخصية. نؤمن، شريكي وأنا، بأهمية تصميم بيئات تلبي الاحتياجات العملية للعملاء، كما تُلهمهم وتُعزّز حياتهم أيضًا. لناحية المشاريع، التي نُركّز راهناً عليها، هناك تصميم المنازل الفريدة وحسب الطلب، بصورة تعكس أنماط حياة العملاء وتفضيلاتهم، كما المشاريع التجارية، مثل: المساحات المكتبية ومحلات البيع بالتجزئة، مع السعي بجهد إلى خلق أجواء مُرحّبة وملهمة تُعزّز الإنتاجية (في المكاتب) ومُشاركة العملاء (في المحلات والبوتيكات). أضيفي إلى ذلك، نُشارك في إعداد مشاريع الضيافة، بما في ذلك الفنادق والمطاعم، مدفوعين بهدف خلق تجارب لا تُنسى للضيوف.
نقترح عليك قراءة اللقاء الخاص مع Studio Caramel: الأثاث شكل فني يعبر عن شخصية المصمّم وأسلوبه

التفضيلات الفردية وسياق المشروع

 


لاحظتُ الاستخدام المتكرر للرخام والألوان المحايدة في المشاريع السكنية التي أعدّها «الاستديو» أخيراً. هل يندرج الأمر تحت الميل التصميمي الراهن؟

الرخام مادة خالدة معروفة بأناقتها ومتانتها وتعدّد استخداماتها، ما يجعلها خياراً شائعاً في التصميم الداخلي. تُضيف المادة لمسة من الفخامة والرقي إلى المساحات، سواء كانت مستخدمة في الأرضيات أو «الكونترتوب» أو تشكيلات التصميم. توفر الألوان المحايدة، مثل: الأبيض والرمادي والبيج، بدورها، إحساساً بالهدوء والتنوع والخلود. الألوان المحايدة بمثابة خلفية لعناصر التصميم الأخرى، إذ تسمح بالمرونة عند دمج الأنماط والأنسجة وتشكيلات التصميم المختلفة، كما تخلق جوّاً هادئاً ومتناغماً وتروق لمجموعة واسعة من الأذواق والتفضيلات. صحيح أن استخدام الرخام والألوان المحايدة يُمثّل اتجاهاً بارزاً، في الوقت الراهن، لكن من الضروري مُراعاة التفضيلات الفردية والسياق المحدد لكل مشروع.

مشاريع «الاستديو» التصميمي السكنية، مُمتدّة في دول عربية وغربية؛ كيف تبرزين أسلوبك التصميمي؟

في «الاستديو» التصميمي ذي الخبرة في إعداد التصاميم الداخلية لمشاريع سكنية في دول عربية وغربية، ندرك أهمية «تطويع» أسلوبنا ليتماشى مع السياق الثقافي المحدد وتفضيلات العملاء. نُقارب المشاريع، بصورة مُتجانسة، لناحية دمج خبرتنا في مجال التصميم بالفهم العميق للثقافة المحلية حيث المشروع والتقاليد المعمارية وقواعد «اللايف ستايل». لإبراز أسلوبنا، نجهد في تصميم فضاءات تُعبر عن التناغم بين صفات الخلود والأناقة والعملية والحساسية الثقافية. نأخذ في الاعتبار التفاصيل المعمارية والمواد والألوان وخيارات الأثاث لخلق لغة تصميمية متماسكة وجذابة، من الناحية البصرية. بغض النظر عن موقع المشروع، الأولوية هي لفهم وجهات نظر العملاء وتطلعاتهم؛ نعمل عن كثب معهم لدمج تفضيلاتهم الشخصية وأذواقهم ومتطلباتهم بالتصميم. الهدف هو جعل المساحات «شخصية» ومتناسبة مع أسلوب حياتهم، جنباً إلى جنب تضمين خبرتنا وحساسيتنا في مجال التصميم.

أؤمن بدور التصميم الداخلي في تشكيل التجارب وخلق البيئات المُتناغمة


نهج شامل للرفاهية


في سوق العقارات العائدة للشقق الفاخرة، في المنطقة، تتكرر التعليقات حول فخامة واجهات المباني، بصورة لا تتساوى مع الشقق داخلها. ماذا عن هذه السوق؟

الملاحظة صحيحة؛ قد يُعزى التباين بين المظهر الخارجي للمباني والشقق داخلها إلى استثمار المطورين في تصاميم الواجهات اللافتة للنظر والمُثيرة للإعجاب، لجذب المشترين أو المستثمرين المحتملين. لكن، دواخل الشقق في هذه المباني لا توازيها فخامة وجودة، لهدف خفض التكاليف أو لسبب الاهتمام غير الكافي بالتصميم الداخلي والتشطيبات، أو عدم مراعاة تجربة المعيشة بشكل عام. ففي بعض الحالات، قد يعطي المطورون الأولوية لتحقيق أقصى قدر من الأرباح على توفير مساحة معيشة فاخرة حقّاً. لذا، أنصح الذين يرغبون في تملك الشقق الفخمة بالبحث والتقييم الدقيق للشقق داخل المباني المُصنفة فخمة، قبل الالتزام بالشراء، أي فحص جودة المواد والتشطيبات والتصميم العام. قد تُساعد الاستعانة بخبرة المصمم الداخلي، في هذا الإطار. لناحية المطوّرين العقاريين، أرى أنه من الضروري إعطاء الأولوية لنهج شامل للرفاهية، بصورة تضمن أن كلّاً من التصميم الخارجي والداخلي يفي بوعد البذخ، وأن تمتد التجربة الفاخرة من الخارج إلى وسائل الراحة الداخلية، ما يخلق بيئة معيشية رائعة حقّاً للمشترين.

أخبرينا عن مستقبل التصميم في حضور الذكاء الاصطناعي: كيف يُمكن للمهندسين والمصممين الإفادة من التطورات التقنية ذات الصلة؟

يوفّر حضور الذكاء الاصطناعي في مجال التصميم، العديد من الفوائد للمهندسين والمصممين، فهم يستطيعون عبر الذكاء الاصطناعي أتمتة المهام المتكررة، واكتساب الإلهام الإبداعي، وإجراء عمليات مُحاكاة مُتقدّمة وتخصيص التصاميم وتعزيز الممارسات المستدامة. يُعزّز الذكاء الاصطناعي الكفاءة والإبداع في عملية التصميم. مع ذلك، من المهم أن نتذكر أن الإبداع والخبرة البشرية يظلان أساسيين. من خلال البقاء على اطلاع دائم والتعاون مع خبراء الذكاء الاصطناعي، يُمكن للمهندسين والمُصمّمين تبني إمكانات الذكاء الاصطناعي لتحقيق نتائج تصميمية أفضل.
ومن عالم الديكور نقترح عليك لقاء المصممة غادة قناش: أنا ضد كل ما يغيّب العنصر الإنساني