التعاطف مصطلح يشير إلى استجابات المرء الإدراكية والوجدانية، تجاه تجارب الآخرين التي يلاحظها، من خلال القدرة على مساعدتهم والتعبير عن التعاطف. ويعدّ التعاطف مهارة أساسية في العلاقات الناجحة؛ حيث يساعد على فهم آراء الناس ووجهات نظرهم وحاجاتهم وأمنياتهم.
تعرّف الجمعية الأميركية لعلم النفس الشفقة بأنها الشعور بالقلق أو الشفقة النابعة من الوعي بمعاناة الآخرين أو حزنهم.
ويعد التعاطف فهماً لتجربة شخص آخر، من خلال تخيل وتصور المرء نفسه في وضعه وموقفه، يدرك المرء تجربة الآخر كما لو كان يمر بها هو نفسه، ولكن مع مقدرته على التمييز بين ذاته والآخر. وفي الجانب المقابل تُعبر الشفقة عن تجربة الفرد تحت تأثير الظرف مع شخص آخر. قد لا يتم قبول الشفقة جيداً مثل التعاطف، إلا أنَّ الشفقة الممزوجة بالحساسية والألفة والتواصل القريب يمكن أن تُقدم دعماً في مواجهة شدائد الآخرين. من ناحية أخرى، قد تؤدي الشفقة بدافع التعاطف غير المتفهم إلى خلق شعور بالغربة والنفور لديهم.
وفقاً لعلم النفس، تشير نظرية المحاكاة، إلى أنه عندما يرى المرء إنساناً آخر يختبر ويعيش تجربة عاطفية، فإنه يشعر بالشعور ذاته في داخله. هناك عامل بيولوجي لهذه النظرية، وهي أدلة لوجود «الخلايا العصبية المرآتية» التي تنشط عند ملاحظة وتجربة مشاعر الآخرين التي تشارك في تخطيط السلوك المعرفي المعقد، والتعبير عن الشخصية، واتخاذ القرار، وتغيير السلوك الاجتماعي، وكذلك تنشط هذه النظرية الأفكار المسؤولة عن النفس والمحيطين بنا.
وبناءً على هذه النظرية، يمكن للأفراد التوقع وتفسير سلوك الآخرين، فمن المتوقع أن يشمل التعاطف نظريات عدة تجمع بين كل من الإجابات التلقائية والعاطفية والاستدلال المفاهيمي المكتسب، بحسب المجال والموقف، وقد تظهر إحدى الاستجابات العاطفية والمعرفية أو كليهما.
تؤثر العوامل البيئية والموروثة في قدرة المرء على التعاطف، ويعكس التعاطف بغض النظر عن المتغيرات العمرية في جميع الأعمار. غالباً ما يكون للأفراد الذين يمتلكون مستويات عالية من التعاطف فعالية جيدة في المجتمع، وارتباطات اجتماعية وعلاقات كثيرة. فالتعاطف عامل أساسي في بناء الارتباطات بين الأفراد بنجاح، سواء في المجتمع أو مكان العمل، ويعد نقص التعاطف أحد دلالات اضطراب الشخصية للمجتمع.
فعندما يتعاطف المرء مع الآخرين، ويشعر بالتوتر والحزن، ويعيش ألمهم عاطفياً وجسدياً؛ فإن ذلك يؤدي إلى ارتفاع مستويات هرمون التوتر «الكورتيزول» في الجسم، ويجعل المرء أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب، ويعرضه التعاطف المفرط للشعور بالعجز واليأس، فالمرء لا يتمكن من تقليل الوجع عن كل من حوله، وينتج من إرهاق التعاطف بعض الأعراض النفسية، مثل: الابتعاد عن الآخرين، والشعور عن الانفصال بالواقع، والافتقار إلى الطاقة، والشعور بالإنهاك أو الإحباط، والشعور بالغضب أو الكآبة، ولوم الذات. لا يوجد مفتاح يسيطر على فتح وغلق مشاعر الفرد، فإذا كان الفرد يسرف في التعاطف مع الآخرين، وقد يشعر بأن الأمر خارج إرادته، فإنه يمكنه تنظيم مشاعره والتحكم فيها، ويجب على المرء ألا يصاب بإرهاق التعاطف؛ حتى لا يتعرض لأزمات نفسية وصحية.
من المهم أن يعترف المرء بما يشعر به ويظهر لنفسه التعاطف؛ حيث تمنعه انشغالات الحياة بالعناية بما يشعر المرء به، وتصبح المشاعر مكبوتة في داخله، لذلك من المهم تغيير بعض طاقة التعاطف، وأخذ قسطٍ من الراحة.
إن الشعور بالاتصال مع الأصدقاء والأهل يمكن أن يكون شافياً لمن يعانون من إرهاق التعاطف، ويعاونهم البوح عن انفعالاتهم وما يمرون به من حزن وكآبة. إضافة إلى تناول الطعام بشكل جيد، والحصول على قسط كافٍ من النوم، وممارسة الرياضة لتنشيط الجسم وتحسين المزاج.