صدرَ أخيراً في المملكة العربيَّة السعوديَّة نظامٌ جديدٌ للمبلِّغين والشهودِ بهدفِ تعزيزِ الشفافيَّةِ والعدالةِ في المجتمعِ السعودي، والقضاءِ بشكلٍ خاصٍّ، وبدأ سريانُ نفاذه يومَ السبت الموافق لـُ 29/6/2024.
هذا النظامُ، يأتي ضمنَ سلسلةٍ من الإصلاحاتِ القانونيَّةِ التي تشهدها المملكةُ في إطارِ "رؤيةِ السعوديَّة 2030" التي تسعى وبشكلٍ جادٍ وصارمٍ إلى تحسينِ النظامِ القضائي، وتعزيزِ حمايةِ حقوقِ الأفرادِ تحت ظلِّ القيادةِ الرشيدةِ.
ومن أهدافِ هذا النظامِ حمايةُ المبلِّغين والشهودِ، وتوفيرُ حمايةٍ قانونيَّةٍ لهم لضمانِ سلامتهم، ومنعِ أي انتقامٍ منهم، أو تعدٍّ يمكن أن يتعرَّضوا له نتيجةَ تقديمهم معلوماتٍ حسَّاسةً وأمنيةً. كذلك يسعى النظامُ إلى تعزيزِ الشفافيَّةِ في الجهاتِ الحكوميَّةِ والخاصَّةِ من خلال تشجيعِ الأفرادِ على الإبلاغِ عن أي مخالفاتٍ، أو فسادٍ دون خوفٍ، أو تردُّدٍ.
أيضاً يسهمُ النظامُ في تحسينِ جودةِ الإجراءاتِ القضائيَّةِ من خلال تقديمِ شهاداتٍ دقيقةٍ وصحيحةٍ، تؤدي إلى كشفِ الحقائقِ في القضايا الكبرى.
ودعونا نتطرَّق لأهمِّ ملامحِ النظامِ، ونوضحُ آليَّةَ الإبلاغِ فيه، إذ وضعَ النظامُ آليَّةً واضحةً للإبلاغِ عن المخالفاتِ، تشملُ توفيرَ قنواتٍ آمنةٍ وسريَّةٍ للمبلِّغين والشهودِ، إلى جانبِ تأمينِ حمايةٍ قانونيَّةٍ تامَّةٍ لهم، تشملُ حمايةَ هويَّاتهم، وضمانَ عدمِ تعرُّضهم لأي نوعٍ من التعدِّي والتهديدِ الواردِ حصوله.
كذلك يتضمَّنُ النظامُ تقديمَ مكافآتٍ وحوافزَ للمبلِّغين الذين يسهمون في كشفِ الفسادِ، أو المخالفاتِ الجسيمةِ، ويشتملُ على تدابيرَ قانونيَّةٍ صارمةٍ لمعاقبةِ أي شخصٍ، يثبتُ تورُّطه في أعمالٍ انتقاميَّةٍ ضد المبلِّغين، أو الشهودِ.
ومن المتوقَّعِ أن يسهمَ هذا النظامُ في تحقيقِ تقدُّمٍ ملحوظٍ في مكافحةِ الفسادِ، وأن يعزِّزَ النزاهةَ في المملكةِ، إضافةً إلى بناءِ ثقةٍ أكبر بين المواطنين والحكومةِ، ما يؤدي إلى مشاركةٍ أكثر فاعليَّةً من قِبل الأفرادِ في الإبلاغِ عن أي مخالفاتٍ، بالتالي تحقيقُ بيئةٍ أكثر عدالةً وشفافيَّةً.
وبصفتي محاميةً سعوديَّةً، أفتخرُ بهذا النظامِ، إذ يعدُّ تقدُّمًا مهماً نحو حمايةِ حقوقِ الأفرادِ، وتعزيزِ العدالةِ، ورفعِ مستوى الشفافيَّةِ العدليَّةِ والقضائيَّةِ.