تُشير الثقافة الرقمية إلى القدرة على الاطلاع على التقنيات والأدوات والمنصات الرقمية واستيعابها واستخدامها بشكلٍ فعّال، وهي تعني ببساطة استخدام البرامج الإلكترونية وتطبيقاتها في تداول المعلومات والمعرفة بسرعة هائلة، بهدف تيسير الحصول على هذه المعرفة وتطويرها، بما يخدم إنجاز الأعمال المطلوبة بدقة وكفاءة.
ثورة المعلومات أهم مراحل التطور الكبرى في تاريخ الإنسانية
يقول نبيل السماحي اختصاصي النظم والمعلومات لـ"سيدتي": تعتبر ثورة المعلومات التي يعيشها العالم في الوقت الحاضر إحدى أهم مراحل التطور الكبرى في تاريخ الإنسانية، والثقافة الرقمية قد أصبحت منذ عقود ضرورة في حياتنا، بل إن الحياة الحالية نفسها ومفهوم الثقافة الرقمية يوضح لنا كيف تُشكِّل التقنية والإنترنت طريقة تفاعل البشر والعلاقة التي تجمعهم مع التقنية، ولأنّنا في عصر التكنولوجيا فقد أصبح لزاماً استخدام مصطلحات تتماشى مع هذه الثورة العلمية، ومنها مصطلح الثقافة الرقمية التي تشير إلى المعطيات الجديدة التي يفرضها عالم التطور العلمي والحضاري، وهذه الثقافة الرقمية لم تعد تقتصر على سن أو بلد معين، فالجميع انغمس في بحورها وراح ينهل من محتوياتها ويطلع عليها بنهم كبير.
تعريف الثقافة الرقمية
الثقافة الرقمية هي مصطلح يوضح آلية عمل تكنولوجيا المعلومات والإنترنت في تشكيل الطريقة التي يتفاعل بها البشر مع هذه التكنولوجيا والعلاقة التي تجمعهم مع هذه التقنية، أي استخدامها في حياتهم العملية والشخصية، وهي الطريقة التي تحثُّنا على تغيير تصرفاتنا وتفكيرنا والآليات التي نتواصل بها داخل مجتمعاتنا؛ إذ تشمل الثقافة الرقمية الطرق والتقنيات والوسائط الجديدة التي يمكن استخدامها لأداء المهام المطلوبة، وهذه الثقافة هي نتاج التكنولوجيا وثمرة من ثمارها الكبرى، ولذلك فإن تطورها مرهون بمدى تطور التكنولوجيا في مجتمع ما.
قد ترغبين في التعرف إلى: مناقشة مركز الملك عبدالعزيز للحوار لدور الثقافة الرقمية في تعزيز قيم التعايش
الثقافة الرقمية ما بين الفوائد والمخاطر المحتملة
فوائد الثقافة الرقمية:
الثقافة الرقمية مكنت الاشخاص من التواصل
للثقافة الرقمية العديد من الفوائد التي مكَّنت الأشخاص من التواصل على نطاق واسع وكبير عبر الرسائل النصية والمكالمات الصوتية أو المكالمات الحية داخل برامج التواصل المختلفة، أدت إلى:
سرعة تبادل المعلومات
ساعدت الأشخاص على تبادل الكثير من المعلومات بسرعة عالية فيما بينهم، من أي مكان في العالم، وساعدت على أداء الأنشطة والأعمال بسرعة وبجودة عالية.
تعزيز التواصل والتعاون
مكَّنت الأشخاص من التواصل مع بعضهم البعض، عبر الرسائل النصية أو المكالمات الصوتية أو مكالمات الفيديو أو تبادل الوسائط المتعددة، كما ساعدت على تسهيل إجراء اجتماعات العمل والتعلم عن بُعد، وذلك بفضل تقنيات المؤتمرات الافتراضية والكتب الرقمية وما إلى ذلك، إلى جانب تعزيز استخدام أدوات الوقت الفعلي للتواصل والتعاون الفوري، مما يجعل من الأسهل على المؤسسات العمل معاً، بغض النظر عن مكان تواجد الموظفين.
التبسيط عند الاستخدام
في الثقافة الرقمية، يشعر الأفراد براحة وسهولة أكبر عند استخدام الأدوات والتقنيات الرقمية.
تعزيز عقلية أكثر انفتاحاً
تعمل الثقافة الرقمية على تعزيز عقلية أكثر انفتاحاً على التغيير، وتيسير عمليات التحول الرقمي بشكل عام علاوة على ذلك، فهي تتيح للمؤسسات التعامل بشكل أفضل مع الاضطرابات الرقمية عندما تتطلب التقنيات الرقمية الجديدة.
التعلم والتحسين المستمر
تدعم الثقافة الرقمية تطوير المهارات ودوام التعلم، مما يضمن المواكبة للتطورات التكنولوجية وجهود التحول الرقمي، حيث تشجع الثقافة الرقمية على تبني الأدوات الرقمية والابتكار والتعاون، استناداً إلى الانفتاح الأساسي على التغيير والتعلم المستمر بشكل عام.
تحسين الكفاءة
من السمات المشتركة لاعتماد الثقافة الرقمية هي تقليل المهام الروتينية، مما يقلل من الأخطاء التي يقع فيها الأشخاص ويعمل على زيادة الإنتاجية والكفاءة بشكل عام.
الابتكار
تشجع الثقافة الرقمية الإبداع والتجريب لدى موظفيها، مما يمهد لتطوير أفكار وطرق وأساليب جديدة لبناء المنتجات وتحسين الخدمات والتفاعلات.
المرونة
تتمتع المؤسسة أو المنشأة التي تتمتع بثقافة رقمية قوية بقدرة أكبر على الاستجابة والتعافي من الاضطرابات من أي نوع.
مخاطر مرتبطة بالاعتماد على الثقافة الرقمية
يقول نبيل السماحي إن هذه الثقافة الرقمية لها وجه آخر خطير، ذلك أن الفيض الهائل من المعرفة الذي يتدفق بلا نهاية في هذا العالم الافتراضي عبر شبكات التواصل ومحركات البحث، ليس كله ثميناً، بل يفتقر معظمه إلى الموثوقية والدقة، وهذه المخاطر هي:
تغير لمظاهر بعض القيم
لقد تعرضت الثقافة في هذا العصر إلى تغير في مظاهر القيم الجمعية، وتحولت إلى قيم فردية مع ظهور ثقافة الشباب المتأثر بأنظمة الثقافة التقنية السريعة، وهذا التدفق نتيجة تنامي استخدام التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة من قبل الأجيال الجديدة، حتى أصبح العالم ليس قرية صغيرة كما كان يقال، وإنما أصبح غرفة صغيرة تنتشر فيه المعرفة بسرعة قياسية، وهذا له الكثير من المخاطر في تغيير بعض القيم.
الفجوة الرقمية
إن الأفراد في أي منظمة غير القادرين على استخدام التكنولوجيا الرقمية لا يستطيعون المساهمة بشكل مستمر في الثقافة الرقمية.
الإفراط في الاعتماد على التكنولوجيا
إن هذا الإفراط في الاعتماد على الأدوات الرقمية أدى إلى خلق ثغرات تشغيلية، وخاصة في مواجهة المشكلات الفنية الناشئة أو الأعطال.
التفاعلات السطحية
إن الاستخدام المتكرر والحصري للاتصالات الرقمية قد يؤدي إلى تدهور قدرة الإنسان على إقامة الروابط، وتعطيل الذكاء العاطفي لدى الفرد، وإضعاف قدرته على التعرف إلى إشارات الاتصال الدقيقة وتفسيرها مثل لغة الجسد.
التشتيت
إن الاتصال الرقمي المستمر والحمل الزائد للمعلومات يمكن أن يؤدي إلى تفتيت مدى انتباه الإنسان وتقليل التركيز وإضعاف الإنتاجية الإجمالية.
يمكنك كذلك التعرف إلى: تقنيتي الواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي؟