الأسرةُ هي الخليَّةُ الأولى والأساسيَّةُ في المجتمع، ومنها يتكوَّن هذا المجتمعُ، ويكبرُ، ويتطوَّر، فأفرادها هم حجرُ الأساسِ، خاصَّةً الزَّوجين، لأنَّهما يربِّيان، ويزرعان شخصيَّة أبطالهما، ومتى ما كان هذا الثَّنائي متفهِّماً ومتجاوباً إيجابياً، نشأَ جيلٌ واعٍ صاعدٌ، يُسهم في بناءِ مجتمعه، ويسيرُ به نحو التطوُّر، لذا كان الحثُّ على اختيارِ الزَّوجين لبعضهما، هو العنصرُ الأساسُ في هذه الرحلةِ، وكان من الأفضلِ لكلِّ طرفٍ حضورُ دوراتٍ تأهيليَّةٍ قبل الزَّواج لمعرفةِ حقوقه وواجباته حتَّى يكون تأسيسُ هذه الأسرةِ أمراً سهلاً وبسيطاً، إضافةً لذلك لا بدَّ على الطرفَين معرفةُ أنَّ الحياةَ لا تسيرُ على وتيرةٍ واحدةٍ، فهي ليست سعادةً دائمةً، ولا حزناً دائماً، إنما هي مزيجٌ من كلّ شيءٍ، فرحٌ وحزنٌ، سعادةٌ وشقاءٌ، مرضٌ وشفاءٌ، أبيضُ وأسودُ، هدوءٌ وضجيجٌ، حقٌّ وواجبٌ، وعلى كلٍّ منهما أن يمتلك مهاراتِ الذَّكاء العاطفي لتدارك أي مشكلةٍ تحصل بينهما بأبسط الخسائرِ، وتجاوزِ العقباتِ. كما يسهمُ الحوارُ والتَّفاهمُ والاحترامُ في سيرورةِ الحياة ونجاحها، لأنها عناصرُ أساسيَّةٌ في خلقِ جوٍّ مناسبٍ وجميلٍ داخل الأسرة، ولا مانع في نهايةِ كلِّ سنةٍ أن يقومَ الزَّوجان بعملِ جردٍ لحياتهما، كما تقومُ به الشَّركاتُ سنوياً، لمعرفةِ الأخطاءِ التي تمَّ ارتكابها خلال هذه السَّنةِ، والإيجابيَّات التي تمَّت، والحثِّ على الإيجابيَّات، وتداركِ السَّلبيَّات، وتحويلها لإيجابيَّاتٍ، ووضع خططٍ جديدةٍ ومتطوِّرةٍ للعامِ الجديد، فتتواكبُ مع متطلَّباتِ الحياةِ المتجدِّدة، وكذلك متطلَّباتِ الأبناءِ المواكبةِ للتطوُّر التكنولوجي.
نستنتجُ ممَّا سبق أنَّ الحياةَ بوتقةٌ، تنصهرُ داخلها الإيجابيَّاتُ والسَّلبيَّاتُ، والأمورُ الجيِّدةُ والسَّيئة معاً، وعلى المرءِ أن يستخلصَ منها حياةً جديدةً، يعيشها بحلوها ومرِّها، ويجعلَ من صعوباتها سلَّماً، يصعدُ به نحو حياةٍ هانئةٍ مملوءةٍ بالحبِّ والوفاقِ، وهذه دعوةٌ مع نهايةِ العامِ إلى أن يضع كلُّ إنسانٍ خطَّةً جديدةً لحياته، يتعلُّمُ من أخطائه السَّابقةِ، ويرسمُ بريشته حياةً بسيطةً مملوءةً بالإيجابيَّاتِ، مستفيداً من مهاراته في الذَّكاءِ العاطفي الذي لا بدَّ من تسخيره لخدمته، لتغدو الحياةُ رائعةً ومثاليَّةً، ويكون مثالاً للآخرين وقدوةً لهم.