من المؤكد أن النجاح في العمل يتطلب قدراً من الإنتاجية؛ حيث إنه من الضروري الالتزام بالمواعيد النهائية، وتقديم عمل عالي الجودة بما يخدم مصالح المنظمة. ولكن على الجانب الآخر، قد تصبح الإنتاجية ضارة، وهذا ما قاد الخبراء مؤخراً لإطلاق مصطلح "الإنتاجية السامة"، وهو الذي يصف الحالات التي تصبح فيها الإنتاجية مفرطة؛ مما يؤثر سلباً على الصحة البدنية والنفسية.
من هذا المنطلق، استعرضنا عبْر السطور القادمة بعض الأمثلة على الإنتاجية السامة؛ جنباً إلى جنب مع بعض الأسباب المؤدية لأن تصبح الإنتاجية أمراً مؤذياً، وكذلك ثلاثة حلول جوهرية لمنعها، نقلاً عن مجلة فوربس الأمريكية.
أمثلة على الإنتاجية السامة في مكان العمل

الأمثلة التالية هي بمثابة مؤشرات تدق ناقوس الخطر، وتنبهك في حال ابتعدت عن مفهوم الإنتاجية الحقيقي المؤدي إلى نجاح العمل ونجاحك سوياً؛ بدلاً عن انهيار صحتك ودخولك في دوامة من الإنتاجية السامة، وهي:
- العمل حتى في حالة المرض الشديد لتلبية المواعيد النهائية.
- التركيز على إنتاج كميات كبيرة من العمل.
- عدم استخدام الإجازات مدفوعة الأجر بسبب، المخاوف بشأن انخفاض الإنتاجية.
- التضحية بالصحة والرفاهية من أجل العمل.
- الشعور بالقلق عند أخذ استراحة من العمل.
- البقاء في العمل حتى وقت متأخر بشكل منتظم من دون تعويض إضافي، أو التخلي عن وقت عطلة نهاية الأسبوع لإنجاز المزيد من العمل.
أسباب الإنتاجية السامة

قد يكون للإنتاجية السامة أسباب جذرية عديدة، منها الأسباب الثلاثة الأساسية والمؤدية لعدم التوازن ما بين حياتك المهنية والعملية، نتيجة لتبنيك مفهوماً خاطئاً عن الإنتاجية، وهي:
بعض الشخصيات!
قد تكون بعض الشخصيات أكثر عُرضة للوقوع في الإنتاجية السامة عن غيرهم، على سبيل المثال: أظهرت بعض الأبحاث التي أُجريت من قِبل "مجموعة تايلور وفرانسيس"، أنّ السعي للكمال يرتبط بإدمان العمل؛ لذا قد يكون الأشخاص الذين يتسمون بشخصية مثالية، قاسين على أنفسهم بشكل خاص؛ فهم يخشون الفشل، ولا يعتقدون بوجود أيّ مجال للخطأ. قد يؤدي هذا إلى وقوعهم في الإنتاجية السامة؛ إذ قد يعتقد الشخص بضرورة أن يكون "موظفاً مثالياً". كذلك الأشخاص الذين يُظهرون درجة عالية من سمة العصابية، هم أيضاً أكثر عُرضة للوقوع ضحيةً للإنتاجية الضارة؛ إذ يدفعهم اعتقادهم الضار إلى عدم تقدير أنفسهم ما لم يكونوا منتجين.
متطلبات العمل
في بعض الحالات، قد ترتبط الإنتاجية السامة بمتطلبات وظيفة معينة؛ حيث إنّ بعض الوظائف في طبيعتها مُرهِقة وتتطلب قدراً كبيراً من الوقت والجهد، مثل بعض الوظائف التي تستلزم الوفاء بالمواعيد النهائية، مع وجود عدد كبير من المهام المطلوب استيفاؤها في وقت محدود.
ثقافة مكان العمل
يمكن لثقافة مكان عمل معين أن تؤدي أيضاً إلى إنتاجية سلبية وسامة؛ فالمنظمات تؤثر فعلياً على مستويات إنتاجية موظفيها؛ حيث قد تتسامح بعض الشركات مع ساعات العمل الطويلة؛ بل وتُشجعها. وقد تُلزم شركات أخرى الموظفين بالعمل لساعات أطول، مُضحيةً بوقتهم الشخصي في سبيل الإنتاجية.
إنّ ثقافة العمل التي تُعلي من الإنتاجية على حساب رفاهية الموظفين، قد تُسهم في خلق الإنتاجية السامة لدى أفرادها.
حلول لمنع الإنتاجية السامة

ثمة ثلاثة حلول حاسمة تمنعك من الوقوع ضحية لهذا السلوك، وهي:
1. العودة إلى المنزل عند انتهاء يوم العمل
لستَ مُلزماً بالبقاء بعد نهاية يوم العمل لتحقيق إنتاجية إضافية، هناك حدود لما يمكنك إنجازه في يوم واحد. لذا احرص على العودة إلى المنزل عند انتهاء يوم عملك، وأيّ عمل متبقٍّ يُمكن إكماله في اليوم التالي. وحتى تقوم بذلك، رتّب أولويات المهام التي يجب إنجازها منذ بداية اليوم، وأنجز الأهم منها والمستعجل، ثم أجّل بقية المهام الأقل أهمية إلى وقت لاحق من اليوم، وبهذه الطريقة، إذا لم تُنجز جميع المهام؛ فلن تضطر للعمل لساعات متأخرة لأنك مسبقاً أنجزت الأمور الهامة.
اطلعي أيضاً على: كيفية كتابة القائمة بالمهام اليومية
2. إعادة صياغة أفكارك حول الإنتاجية
ربما غرستَ في نفسك فكرةَ ضرورةِ الإنتاج مهما كلّف الأمر؛ مما يدفعك للعمل لساعاتٍ طويلةٍ حتى الإرهاق. لذا إذا كنتَ تتبنى هذه العقلية؛ فقد يكون من المفيد إعادة صياغة أفكارك؛ حيث إنّ العمل الطويل يؤدي للإرهاق، وربما للاحتراق أيضاً، ويؤثر سلباً على جودة أدائك للمهام.
3. امنح نفسك وقتاً للراحة
استقطاع قسط من الراحة لا يعني بالضرورة الكسل أو عدم الإنتاجية؛ بل إنّ ذلك يجدد نشاطك ويهيّئك لتكون أكثر يقظة أثناء العمل. تبعاً لذلك، من المهم اعتبار الراحة أمراً أساسياً، واحرص على إدراج أوقات للتوقف عن العمل بانتظام في روتينك اليومي؛ لحماية نفسك من عواقب الإفراط في الإنتاجية؛ جنباً إلى جنب مع تخصيص بعض الوقت للهوايات التي تستمتع بها، أو مزاولة أنشطة استرخاء مثل: اليوغا أو التأمل أو التدليك.
تعرفي أيضاً إلى: طرق تخفيف تكاليف العمل وخلق التوازن المالي