اجعل نظرك للأفق البعيد وتجاوز الدوائر الصغيرة، فبقدر ما تسمو بنظرك للأعالي بقدر ما تتضاءل العوائق التي حولك. وفي حياتنا نقابل أشخاصاً مختلفين يظهرون بشكل، لكنهم في واقعهم شيء آخر. والتباينات جزء من حقيقة هذه الحياة. فهناك أشخاص سعادتهم في العطاء، وآخرون مهنتهم الانتهازية. ناس يسعدون بالعطاء، وآخرون يشقون بالأخذ.
طبائع الناس تختلف، لكننا نستوعب ونحاول أن نتفهم أسباب الآخرين. وأسوأ أنواع البشر، اللئيم. فهو عنصر بقدر ما تكرمه يستغل ما يأخذه منك للإساءة. وتحتار مع الشخص اللئيم. فأنت لو قاسمته نصف مالك، لذهب وأخفى الحصة التي حصل عليها، وعاد إليك ليشاغلك في النصف الآخر. اللئيم شخص لا يستمتع بما لديه، لأنه في حالة قلق دائمة. ويسعى دائماً للحصول على الأكثر، ويشعر أن الأشياء، التي لدى الآخرين لها قيمة أكبر. لذلك هو في داخله شقيّ ويعيش الحرمان، حتى لو تظاهر عكس ذلك.
ونواجه أشخاصاً يلوثون صفحات الحياة بمعدنهم اللئيم، ومن الحسن أن نتحاشاهم؛ ولكن أحياناً يبتلي البعض بمن لا بد من صداقتهم أو قرابتهم. وهنا يواجه الإنسان خيارات صعبة. وتبدو أفضل الخيارات تقليل الاحتكاك بهم وعدم الانجراف في ردود الفعل والتفكير فيهم. فالتجاوز والترفع عن الصغائر يقودك إلى مساحات واسعة من التسامح والتوافق مع النفس.
وقد يطغى الجانب الإنساني وصفة العطاء على البعض، ويتعاملون حتى مع اللئيم بالكرم، ليكتشفوا لاحقاً أنهم قدموا الزهور ليحصدوا الشوك. وأن الأمور ليست كما تبدو دائماً. فاللئيم متقلب حسب المصالح، متنكر في كل الشخصيات ما عدا نفسه. ولهذا نستغرق بعض الوقت لاكتشاف معادن الناس وحقيقة جوهرهم.
نحن نسعد بقدر ما نستطيع أن نجد لأنفسنا المحيط والمجتمع الذي يتناسب مع طبيعتنا وحقيقتنا. فالأشياء المصطنعة والمزيفة عمرها قصير. بينما الحقائق الصادقة مهما كانت بسيطة فهي أكثر راحة واستمرارية. العناصر السلبية موجودة في كل زمان ومكان، لكننا نمتلك أنفسنا بكل المساحات التي فيها، ولدينا الفضاءات المفتوحة لنحلق فيها. فمهما كانت البثور داكنة، فإن المساحات البيضاء هي التي تسود
اليوم الثامن:
كلما عرفنا معادن مختلفة من البشر
اكتشفنا قيمة الأشخاص الذين نحب.