يُقبل أهالي مراكش بشكل لافت على تحضير «الطنجية» وتناولها، حيث تشهد الأفران التقليدية ازدحاماً كبيراً، في إشارة إلى ما تحتله هذه الأكلة من أهمية في نفوس «المراكشيين»، لدرجة -كما يؤكد المعلم هشام (طباخ)- أنه أصبح من المعروف أن كل من زار مراكش ولم يتذوق «الطنجية» فكأنما لم يزر المدينة؛ نظراً لما ينفرد به هذا الطبق العجيب من مذاق لذيذ ونكهة عجيبة، ولذلك لا غرابة أن تشهد الأفران الازدحام خلال الشهر الفضيل، الذي يصادف كذلك عودة بعض أبناء مراكش المقيمين خارج المدينة؛ لقضاء شهر رمضان وسط ذويهم، فيحنون لهذه الوجبة العجيبة التي لها أصول وطريقة تحضير تكون في متناول جلّ الناس، ولكن أغلبهم بات يفضل الاستعانة بخدمات طباخين مختصين في تحضيرها، وبعض الجزارين ممن يتقنون إعدادها وتحضيرها.
ويؤكد الكوميديان المراكشي المعروف عبدالله فركوس، والذي يتفنن في تحضير هذه الأكلة، أن طبق «الطنجية» و«مراكش» قلب واحد.. ونبضهما واحد، لهما نفس الطعم، ونفس النكهة، فالزائر لمدينة البهجة يكتشف في «الطنجية» عبق الحضارة والتاريخ، وفي رمضان بالخصوص تصبح «الطنجية» وجبة مائدة العشاء الرئيسية لدى كثير من الأسر التي تتجمع من حولها، فيحلو السمر.
إعداد الطنجية
وللطنجية طريقة خاصة لتحضيرها، حيث تتطلب قدراً خاصة لطبخها، وهي على شكل «قلة» من الطين، كما أن الطهو يشترط ناراً هادئة في الفرن التقليدي، واللافت أن الطنجية هي اختصاص الرجال الذين يتفوقون على النساء أحياناً في طريقة إعدادها. ويعزو أهل مراكش الأمر إلى أن هذه الأكلة يتم تحضيرها من طرف الرجال في نزهاتهم وسط جنان وبساتين المدينة خاصة أيام الربيع، وهي ما يسمى عند المراكشيين بـ«النزاهة»، وكانت تقليداً يحرص عليه الرجال الذين يخرجون جماعات لقضاء يوم نزهة وسط الخضرة، وكانت الطنجية زاد تلك النزهات.
نكهة خاصة
ويقول أمين بنكيران (فنان وابن المدينة) إن لرمضان في مراكش وعند أهاليها نكهة خاصة وسحراً، ويحافظون على عاداتهم وطقوسهم، ولو حتى على مستوى نمط العيش، فـ«الطنجية» طبق كل الفصول. ويضيف أمين: ولكن في رمضان تبقى الطنجية الأكلة التي يحلو للمراكشيين الالتفاف من حولها، والسمر بعدها على كؤوس الشاي إلى آخر ساعة من الليل، وإن كان البعض يفضل تناولها وقت الإفطار، وهذا الطبق يمنح لمراكش التفرّد والخصوصية، ويؤكد تجذرها في عمق التاريخ. والمراكشيون يقولون باللسان الدارج «اللي زار مراكش وما كلاش الطنجية شي ما دارو» دلالة على أهميته في المطبخ المراكشي.
«الطنجية» تفردت بها المدينة الحمراء
أما عبدالحي النافعي، الكاتب العام لجمعية حرفيي الحلقة، والعارف بتاريخ وأصول تحضير «الطنجية»، فيرى أن المطبخ المراكشي غني بأكلاته المتنوعة، لكن تبقى «الطنجية» أشهر طبق يمكن أن يقدمه أهالي مدينة مراكش (المدينة الحمراء) لضيوفهم في جميع فصول السنة، بما في ذلك شهر رمضان، حيث يتسابق المراكشيون لتحضيرها، وتناولها وقت وجبة العشاء كطبق مميز بلحومه وتوابله، ويمكن اعتبار «الطنجية» جزءاً لا يتجزأ من كيان مدينة مراكش، فالزائر للمآثر والمعالم التاريخية أول ما يسأل عنه هو سرّ شهرة هذا الطبق العجيب، الذي لا تكتمل زيارة مراكش إلا بتناوله، وارتشاف كؤوس الشاي بعده.
وأخيراً وبالنظر لشهرة هذه الأكلة، التي دخلت كتاب «غينيس»، فإنه لا يمكن إلا أن نردد مع أهالي مراكش: «من لم يتذوق الطنجية فكأنه لم يزر المدينة ولا تعرف على كنوزها التراثية».
أشهر طريقة لتحضير الطنجية
المقادير:
كيلو غرام ونصف من لحم العجل (البقر).
نصف كيلو غرام بصل.
رأس ثوم مدقوق.
نصف كأس صغير من زيت الزيتون.
ملعقة كبيرة من السمن البلدي.
ملعقة صغيرة من (سكين جبير) الزنجبيل.
ملعقة صغيرة من الزعفران الحر المدقوق.
ملعقة كبيرة من الفلفل الأحمر الحلو.
ملعقة صغيرة من القُزْبْر (حبوب) المطحون.
ملح.
نصف لتر من الماء.
طريقة التحضير:
يقطع اللحم إلى قطع صغيرة، ويوضع في الطنجية (قدر من الفخار).
يرمى فيها الزيت والسمن، والثوم المدقوق، والبصل المقطع إلى شرائح رقيقة، والقزبر (حبوب) المدقوق، والزعفران، وسكين جبير، والملح، والفلفل الأحمر الحلو، ونصف لتر من الماء.
تحرك القدر جيداً حتى تتمازج كل العناصر فيما بينها.
تقفل القدر بإحكام.
ترسل الطنجية إلى الفرن العمومي؛ لتطهى وسط رماد الحطب الساخن (عادة صاحب الفرن يعرف كيفية طهي الطنجية والمدة اللازمة لذلك).
الصور:
1- الطنجية المراكشية
2- القدر الخاصة بطهي الطنجية
«الطنجية» طبق مراكشي على الحطب يطبخه الرجال فقط!
- أخبار
- سيدتي - محمد بلال
- 20 يوليو 2014