هل تأتيه صحوة ضمير ويستعيد نفسه؟. هل يتحرك العملاق النائم؟. هل يشعر بلحظة معاناة، ويرى الأمور على حقيقتها؟. أو لنقل يشعر بحقائقها؟. الضمير النائم تعذيب للآخرين واغتيال للإنسان ذاته. الرقيب الذاتي هو السلطة التي تجعلنا نمارس حياتنا وفق قانون العدالة. نعطي كل ذي حق حقه لكي نشعر براحة الضمير، وننام متصالحين مع أنفسنا.
ما أصعب أن تختطف ماهو ليس لك، وأن تتعامى عن الحقيقة. ربما تشعر بالانتصار، أنك كنت الظالم وليس المظلوم، وأنك في نظرك تسجل حسابات الربح وليس الخسارة. وهم.. هو اختطاف للسعادة من رصيدك. وهي أرباح نظرية، ولكن في معناها وإحساسها هي خسارة للنفس قبل أن تكون خسارة للسعادة. موهوم من يتوقع أن مسألة الضمير قضية جانبية؛ بل هي في عمق الجوهر. كم من أشخاص تنازلوا عن أشياء مهمة وغيّروا مواقفهم في لحظات صعبة بسبب هذا الكائن غير المرئي، ولكنه الأخطر، وهو الضمير.
كم هو مؤلم هذا الذي يبني حياته ومكتسباته على حقوق الآخرين. السارق الذي يُقبض عليه في سرقة هي جريمة واحدة يُعاقب عليها، ويُستعاد المال الذي سرقه وتنتهي القضية هنا ليكمل مشوار حياته بقناعة وتصالح. لكن الذي يختطف حقوق الآخر ويصورها لنفسه بأنها ذكاء وشطارة، ويبني عليها مشوار حياته، هو كمن يمارس جريمة السرقة كل يوم؛ لأن ما بني على باطل فهو باطل، أي أنه مئات المجرمين في شخص واحد. يالقساوة الإنسان.
الضمير هو المدخل لكي نعيش حياتنا بتصالح وسعادة مع أنفسنا. هو جزء منا لكنه الأهم، والذي يؤكد إنسانيتنا. التراجع عن الظلم في أي لحظة هو انتصار. هو في الحقيقة استعادة الإنسان لنفسه. نخطىء لو اعتقدنا أننا إذا استطعنا الإفلات من المحاسبة أننا كسبنا المعركة، فهناك عدالة إلهية تمهل ولا تهمل. ولكل أمر ساعته الحاسمة.
نستطيع أن نكون أنفسنا إذا كنا صرحاء مع ذواتنا أولاً. وإذا اتخذنا قراراً بأن نضع الأمور في نصابها، وأن نبادر. فأجمل ثروة في الوجود هو أن تستطيع النوم وأنت راض عن نفسك، وقد أرضيت ربك قبل كل شيء.. وثم من تحب
اليوم الثامن:
قد نعتقد أننا انتصرنا..
لكن ربما هي اللحظة
التي خسرنا فيها أنفسنا
@mfalharthi