أكدت دراسة صادرة حديثاً عن «الأكاديمية الوطنية البريطانية للثقافة البدنية» أن ممارسة الألعاب الحركية والأنشطة الحيوية ككرة القدم والسلّة والطائرة والسباحة تمثّل علاجاً فعّالاً لأمراض المفاصل وهشاشة العظام وضغط الدم المرتفع والقلب والسمنة. وأشارت إلى أن ممارسة الفتيات للرياضات التنافسية وخصوصاً كرة القدم لثلاث مرّات أسبوعياً، مع التغذية السليمة، قد يساعد على إنقاص كيلوغرام واحد من الوزن الزائد أسبوعياً، علماً أن الكيلوغرام الواحد من الوزن يحتاج إلى فقد 3500 سعرة حرارية. ومع ازدياد عدد الفتيات اللواتي يمارسن كرة القدم، «سيدتي» اطلعت من مدربة اللياقة البدنية وقائدة فريق كرة قدم للفتيات سحر نجدي وأستاذة التغذية العلاجية في «المركز الطبي الدولي» بجدة سميّة صالح على مستوى اللياقة البدنية المطلوبة لممارسة لعبة كرة القدم، والنظام الغذائي الموصى به لمن يمارسن هذه الرياضة.
تحتاج رياضة كــــرة القدم إلى مجموعة من التمرينات المكثّفة والأنشطـــة البدنيّـة المؤهّلة لها كالمشي والجري والقفز بالحبل وركوب الدراجة والسباحة، والتي تعمل على تنمية اللياقة البدنية وتعزيز العضلات لناحية الإطالة وقوّة التحمّل والتناغم، فضلاً عن تحسين وظائف الأجهزة الداخلية في الجسم كالرئتين والكبد والكلى، وتقليل فرص الإصابة بأمراض القلب والدم والمفاصل، وكذلك خفض نسبة «الكوليسترول» الضار LDL الذي يمثّل العامل الرئيس المسؤول عن الإصابة بالأزمات القلبية والوعائية، ورفع نسبة «الكوليسترول» الجيّد HDL وتقليل إجمالي معدّل السموم الضارّة والشحوم المتراكمة بالجسم. ومعلوم دورها في تحسين الحال النفسية للفرد، وذلك من خلال تخليصه من التوتر والقلق الناتجين عن الضغوط اليوميّة.
مكوّنات اللعبة
تعدّد نجدي المكوّنات الرئيسة التي تؤهّل الفتاة ممارسة لعبة كرة القدم، أبرزها:
- القوة العضليّة: القدرة العضليّة اللازمة لزيادة مقاومة كثافة الجسم أثناء التمرين، وإحداث التكيّف اللازم مع المؤثّرات المرتبطة بالبيئة الخارجية، اذ قد تسبّب أرضيّات ملاعب كرة القدم، سواء كانت طبيعية أو صناعية، في التعرّض لبعض الإصابات الشائعة كتمزّق الأربطة أو التواء الكاحل أو الرابط الصليبي أو كسر عظمة الفخذ والتي تحتاج إلى قوّة عضليّة جيّدة لسرعة التئامها وعلاجها.
- التحمّل العضلي: القدرة على تحمّل عناء التمرين بشكل متواصل ولأطول فترة ممكنة بدون ظهور علامات التعب أو الملل أو الإجهاد العضلي. لذا، ينصح اختصاصيو الطب الرياضي بالمواظبة يومياً على ممارسة الرياضات المرتكزة على نشاط القلب كالركض أو السباحة أو المشي السريع.
- التحمّل الدوري التنفسي: قدرة القلب والرئتين على نقل الدم والأكسجين إلى جميع أجزاء الجسم، بكثافة عالية وكفاءة كبيرة أثناء القيام بالنشاط البدني. وفي هذا الإطار، أثبتت الأبحاث الرياضية أن كرة القدم هي من الألعاب التي تعتمد على عمل الرئتين بشكل أساسي، وذلك لتنظيم عملية التنفس أثناء الركض في الملعب والتصويب.
- المرونة: قدرة اللاعبة على استخدام المدى التشريحي لمفاصل الجسم، وذلك بزيادة مرونة العضل والأوتار والأربطة التي تحيط بالمفاصل أثناء اللعب وتقليل معدل الخشونة فيها.
- قياسات الجسم: تشمل تناسب الدهون مع الكتلة العضلية في الجسم، من خلال توازن قياسات القوام كالطول والوزن مع كمية الشحوم في الجسم، اذ تسبّب الدهون الزائدة في وضع أعباء إضافية على جميع أجزاء الجسم كالمفاصل والعضلات والأجهزة الحيوية الداخلية فيه، بالإضافة إلى التأثير السلبي والمباشر على نظام الدورة الدموية، ما يعوق القيام بالأداء الرياضي الجيد أثناء ممارسة اللعبة.
البرنامج الغذائي
تؤكد صالح على أهمية التغذية السليمة اللازمة لأداء بدني عالٍ، ومعلوم ان نسبةً كبيرةً ممن يمارسون رياضة كرة القدم، يكونون أكثر عرضة لفقدان العديد من الفيتامينات والمعادن، نتيجة اختلال التوازن المائي بالجسم وزيادة التعرّق وفقد الأملاح، ما قد يؤدي إلى الإصابة. وتنقسم التغذية السليمة إلى أقسام ثلاثة، هي:
- التغذية قبل المباراة: يوصي الاختصاصيون بتناول وجبة خفيفة قبل أداء التمرين أو المباراة بساعتين على الأقل، حتى يتسنى للمعدة هضم الطعام وتفريغ الجزء العلوي من الأمعاء. ويجب أن تحتوي هذه الوجبة على 300 إلى 800 سعرة حرارية، وذلك حسب وزن الجسم ونوعيّة النشاط، على أن تشمل: نسبةً عاليةً من «الكربوهيدرات» المركبة التي تمدّ الجسم بالطاقة اللازمة، ونسبة كافية من السوائل المهمة في الحفاظ على معدّل الماء في الجسم وتقليل الفقد منها أثناء أداء النشاط البدني. وفي هذا الاطار، يفضّل تناول خبز «التوست» المحمّص بشرائح جبن «الشيدر» أو وجبة من المعكرونة أو الأرز البني أو البطاطا المسلوقة بالزبدة وكوب من عصير الفاكهة الطازجة، مع تجنّب الألياف كالخضر أو الفاكهة أو الحبوب الكاملة، اذ يسبّب تناولها إلى تكوين الغازات وحدوث الانتفاخ، مع الامتناع عن الإسراف في تناول البهارات أو التوابل الحارة أو الملح الزائد والشاي والقهوة والمشروبات الغازية لاحتوائها على مادة الكافيين المدرة للبول.
- التغذية خلال المباراة: يعتبر تناول السوائل عاملاً أساسياً خلال المباراة، يتوقّف على شدّة النشاط الرياضي وفترة التمرين، بالإضافة إلى درجة حرارة المناخ الخارجي. لذا، ينبغي إمداد اللاعبة بالماء اللازم كل 15 دقيقة لتعويض ما فُقد منه، مع تناول كميّة بسيطة من «الكربوهيدرات» سهلة الهضم بمعدّل 30 إلى 70 غراماً كل ساعة، وذلك للحد من انخفاض السكر المفاجئ في الدم وإمداد العضل بـ «الغلوكوز» الكافي وتأخير الشعور بالتعب أو الإجهاد. ويوصي باحثو الطب الرياضي بتناول كوب (200 ملليلتر) من المحلول المائي المحتوي على نسبة 10% من مزيج السكريات الأحادية والثنائية والمركبة كل 20 دقيقة، وذلك للكربوهيدرات فيه والتي قد تنعدم فائدتها في إمداد الجسم بالطاقة إذا انخفضت نسبتها عن 6% من تركيز المحلول المائي، أمّا في حال زيادة التركيز عن 10% فإنها قد تؤدي إلى الإصابة بالإسهال أو الغثيان أو التأخر في التفريغ المعوي، ما يعوق الأداء البدني الجيد خلال المباراة.
- التغذية بعد المباراة: يجب أن تتوازن الوجبات الغذائية مع الكمية المفقودة من الماء و«الغليكوجين» والأملاح المعدنية والفيتامينات أثناء المباراة، علماً أن ما فقده الجسم من «الغليكوجين» يحتاج إلى 24 ساعة على الأقل لإعادة تخزينه مرّة أخرى في الكبد. وينصح بتناول المواد الغذائية المحتوية على نسبة عالية من الكربوهيدرات والسكريات بكمية تتراوح ما بين 100 إلى 200 غرام خلال الساعتين الأوليين، ثم تناولها بمعدل 10 غرامات لكلّ كيلوغرام من وزن الجسم على مدار اليوم. ويمكن تعويض الجسم عن النقص في أملاح الصوديوم والبوتاسيوم بتناول عصائر البرتقال أو الموز أو الفراولة أو الكيوي، والتعويض عن كميّة الماء والفيتامينات المفقودة أثناء اللعب من خلال الإكثار من تناول الألياف المتوافرة في الخضر والفاكهة.
خطوات مفيدة
- احرصي على تفادي التمرين في خلال الطقس الحار ذي الرطوبة المرتفعة، والذي يسبّب فقدان كميّة كبيرة من مياه الجسم.واختاري فترة الصباح (من الثامنة حتى العاشرة) أو بعد الظهر (من الخامسة عصراً حتى الثامنة مساء) لهذه الغاية، اذ تعتدل درجة الحرارة ويتوافر الأوكسجين اللازم لزيادة الأيض وتنفس العضل.
- قومي بارتداء الملابس الرياضية المناسبة لنوعية النشاط البدني المبذول، وتجنّبي تلك الثقيلة أو الضيقة والتي تساعد على التعرّق من دون تهوئة جيّدة للجسم. وفي هذا الاطار، ينصح مدربو الرياضة على ارتداء الملابس القطنية الخفيفة الواسعة ذات الألوان الفاتحة والتي تعمل على امتصاص العرق والحفاظ على حرارة الجسم ثابتة تقريباً طوال فترة التمرين.
- واظبي على ممارسة تمرينات الركض الخاصة بكرة القدم في الهواء الطلق، مع الاهتمام باختيار الحذاء المناسب، وذلك لسلامة الركبة والقدم معاً.
- لا تنتظري الشعور بالعطش حتى تقومي بشرب الماء أثناء التمرين، فالعطش ليس المؤشر الوحيد إلى احتياج الجسم للماء.ويجدر بك تناول كوبين من الماء مقابل كل نصف كيلوغرام يفقده الجسم.
- استمري في ممارسة رياضتك المفضلة، حيث أثبتت الدراسات أن غالبية ممارسي الرياضة أكثر عرضة لزيادة الوزن نتيجة التوقف عن التمرينات أو الألعاب الرياضية، وذلك بسبب استمرار مركز الشهية بالمخ في طلب نفس مستوى الشبع الذي كان يطلبه خلال ممارسة الرياضة، ما يؤدي إلى تناول كميات كبيرة من الأطعمة تفوق احتياجات الجسم الفعلية وتراكم السعرات الحرارية الزائدة، وبالتالي تخزينها على شكل دهون موضعية تحت الجلد.