لم تكشف أمطار مدينة جدة سوء التخطيط لشوارعها، وسوء تصريف المياه والقائمين على أمانة المحافظة فقط، بل كشفت عن كوارث في عمليات البناء والمقاولين الذين يستغلون حاجة البسطاء من الناس ممن يبحثون عن السكن المناسب لهم ولأسرهم!
التقت «سيدتي» المتضررة السيدة عهود العطار، والتي تعمل معلمة تقتات من راتبها للصرف على نفسها وعيالها؛ لتكشف ما لحق بها من ضرر!.
تقول عهود: «قررت أن أشتري منزل الأحلام -كما يقولون- من خلال البحث عن المنزل الذي يناسبني أنا وعيالي التسعة، ومع ارتفاع الإيجارات لم تعد الشقة تفي بمتطلباتي أنا وأبنائي، ووجدت «فيلا» عن طريق إحدى الزميلات وفرحت بذلك، ثم قمت بتحويل راتبي من البنك الذي أستلمه منه إلى بنك آخر؛ حتى أحصل على قرض بالمبلغ المطلوب لشراء الفيلا، والتي تبعد عن مقر عملي أميالاً، وأخيراً تمت الموافقة على القرض من البنك بضمان الراتب، وطبعاً انتقلت للسكن في بيت العمر، وكانت الكارثة! في البداية لم يظهر أي شيء وقمت بشراء الأثاث لي ولأبنائي وتجهيز الفيلا بكافة المتطلبات، وبعد مرور شهرين بدأت تظهر عيوب المقاولين! حيث بدء «البلاط» الخارجي وجدار الفناء بالهبوط! فقمت بإبلاغ صاحب المكتب المسؤول عن الفيلا، والذي قام بدوره بإرسال عمال لصيانة التلف، ولكنهم لم يصلحوه بصورة جيدة؛ حيث عادت للسقوط مرة أخرى! وعندما حادثته للمرة الثانية، رفض إرسالهم حتى أنه لم يسلمني ضمانات الفيلا؛ بسبب أنه يريد استلام باقي مبلغ الدلالة، والذي تبلغ تكلفته 31000 ريال، وعلى الرغم أنه هو صاحب الفيلا! وأنا التي قمت بالبحث عنها بنفسي»!.
هطول المطر:
وتكمل عهود أنه وبعد هطول الأمطار يوم الثلاثاء الموافق 17 نوفمبر، هبط بلاط الفناء الخارجي بشكل أكبر مما كان عليه، وخفت على سلامة أبنائي من السقوط، ومنعتهم من الخروج والاقتراب من الجدار؛ حتى لا يسقط على رأس أحدهم! كما أن قوة الرياح عملت على قلع باب التراس الخارجي!.
«أنا حزينة جداً لأنني كنت أحلم بالاستقرار في بيت العمر أنا وأبنائي، خصوصاً وأن راتبي لم يتبق منه إلا 2500 ريال، أعطي السائق راتبه، ولا يبق لي سوى القليل الذي لا يكفي متطلباتي كمعلمة! كيف أدفع للدلالة وأنا متضررة بهذا المنظر، وليس لديّ حتى ما يصلح تلف الرياح والمطر»!.
رأي المختص:
ذكر المهندس الاستشاري طارق الفياض أن الأضرار في هذا المنزل يتحملها البائع لأنها نتيجة سوء تنفيذ، ويلزمه الإصلاح لما نتج من ضرر، وبالنسبة للعمولة، فلابد من اللجوء للقضاء لحسمها. والكثير من الفلل المعروضة للبيع لا تخضع لإشراف من قبل استشاري على أعمال التنفيذ، ومن المعروف أنها تسمى بناءً تجارياً، وهذا يعني أنها ليست لسكن من قام بالبناء بل للبيع، وتفتقد للجودة ولأبسط معايير مواصفات البناء المتعارف عليها هندسياً، ويكون الضحية هو المشتري!.
الرأي القانوني:
وبهذا الخصوص التقت «سيدتي» برئيس مبادرة تكامل للمعونة القضائية المحامي ماجد محمد قاروب؛ للإدلاء برأيه في حالة هذه السيدة، فذكر: «بكل أسف ما تعرضت له هذه المعلمة أمر ليس جديداً ويتعرض له الكثير من الناس، لأسباب مختلفة أهمها قلة الخبرة، وانعدام المشورة وضعف الثقافة الحقوقية لدى الجميع، ولذلك تضيع علينا الكثير من الحقوق كمستهلكين، وخصوصاً في مجال المقاولات؛ لأن انهيار المباني من حيث التشطيبات النهائية والتسليكات الداخلية للكهرباء تعاني من عيوب خطيرة قد تعرض البيوت، وساكنيها لمخاطر كبيرة بما في ذلك ضياع الحقوق، ونظراً لانعدام الأجهزة القضائية والقانونية لحل المنازعات البسيطة بشكل ميسر لمعاجلة مثل هذه الحالات، يظل الأمر معقداً ومكلفاً لأي مطالبات لحقوقها؛ لأن اللجوء للمحاكم يتطلب محامين، ويكلف الكثير من الوقت والمال والجهد، الأمر الذي يجعل موضوع التقاضي لهذه السيدة عديم النفع! لأنها بحاجة إلى ترميم سريع لمنزلها بدون أن تتكبد مصاريف إضافية خاصة، وندعو من خلال «سيدتي»، وزارة العدل للتعاون مع الهيئة السعودية للمهندسين بالقيام بتشكيل غرف لتسوية المنازعات الخاصة لأعمال المقاولين في المنازعات التي لا تتجاوز مليون ريال؛ من أجل التخفيف على المحاكم وعلى أصحاب القضايا، وبما يساعد على تجويد الخدمات التي تقدمها شركات المقاولات التي تستفيد من الوضع الراهن مما يجعلها تتمادى في خدماتها السيئة، وادعوها لتقديم طلب لوزارة العدل أو رئيس المحكمة بجدة لطلب المعونة القضائية المجانية من قبل لجنة المحامين بغرفة جدة، والتي قد توكل لها متبرعاً للعمل القضائي المجاني».