صور هاربة

محمد فهد الحارثي

في  بعدك ما عادت الأشياء كما كانت. هربت صور الابتسامة من الوجوه، وغابت ضحكات الفرح من النفوس. كيف يمكن لليل أن يحتضن هذا الكون، بعد ركض نهار طويل؟ في غيابك، كيف يتجرأ القمر أن يغازل الأماكن بنوره، وضوء وهجك لا يشرق في حياتي؟

 لاشيء يمكن أن يبعث البهجة والمشاعر مجروحة. لا يمكن للفرح أن يتسلل إلى المكان إذا غابت صورتك عنه. فلا معنى للفرح ولا قيمة للزمن في غياب من تحب. حينما نبتعد عمّن يحبوننا، نخسر استقرارنا وطمأنينتنا. نصبح ضائعين نبحث عن ركن آمن، أو عش حنون.

الخطوات التي تقودنا إلى المسافات البعيدة هي خطوات وهمية لأننا في داخلنا لم نبارح المكان. نوهم أنفسنا بالتغيير وفي داخلنا نتمسك بالحلم الذي جعلنا نرى الحياة بعيون جديدة. بالنسبة لي كان هذا الحلم هو القدر الذي نقلني من ملل الأيام إلى فرح الدقائق. من رتابة التكرار إلى مفاجآت اللحظة. هو الذي أنعش الإنسان في داخلي، وأثار البراكين المدفونة من العاطفة والحنين. ما أغرب هذا الشعور الذي يجعلنا نعيش أسرى للآخرين بإرادتنا. ما أجمل هذا الشعور الذي يرقى بالإحساس في داخلنا ويسمو بمشاعرنا.

حياتي كانت فارغة من الداخل، أيام تتلوها أيام. سنون ترحل وعمر يمضي، وحينما دخلت حياتي اكتشفت أن كل يوم هو عمر بكامله، وأن الحياة جميلة بالناس الذين يشاركوننا لحظاتها، ويسبغون علينا طيبتهم وحنانهم ونقاءهم.

أتحاشى النهايات، وأستبشر بالآتي. والتفاؤل هو الذي يمنحنا الطاقة، والأمل لانتظار الغد. وأدرك أنه مهما كانت السحب الداكنة فصباح الغد سيكون مشرقاً. الصعوبات جزء من تجربة الحياة، لكن الشعور الحقيقي هو الذي يسود. ميزة الحب أنه مزروع بالتسامح، مثمر بالعطاء.

اليوم الثامن:

لماذا نكتشف دائماً أهمية الأشياء

في اللحظة التي نخسرها ...