نفترق. نعم. بكل ما تحمله الكلمة من حسم وحدة وصلابة. كلمة سهلة في نطقها، ولكن لو تعلم كم هي ثقيلة وقاسية. كم عاشت هذه الكلمة معي في ليال طويلة، تفرض نفسها، وكلما أزحت ساعة من ليلي الطويل قفزت للساعة الأخرى متشبثة بدقائقها، شاخصة بحروفها، ثابتة في موقفها. ما أطول ليالي الحيرة والتفكير.
الاستمرار وهم نفرضه كواقع، وحلم نتخيله حقيقة. هل نتعامى عن الحقائق؟ هل نجامل في مشاعرنا؟ المستقبل لوحه تفننت في رسمها، وخيال أمعنت في أشكاله وألوانه. لهفة الشوق وحماس العواطف تجعلنا نتمادى دون أن ندري. كم من ليلة تبدأ بتخيل لتفاصيل ليالينا وكلماتنا، لينتهي ليلي وأنا مازلت في الفصول الأولى. ما أصعب حينما نكتشف أن خيالنا وجموحنا واندفاعنا يقودنا إلى محطات ضبابية تتلاشى عند أول ريح، ويصبح أجمل أو ربما أقسى ما فيها متعة خيال رسمناه وغد انتظرناه.
أأصمت، ونسمح بالأيام تمضي؟.. وهل العمر رخيص؟ لو تغاضينا اليوم فمن سيلوّن الغد، من سيخلق الفرح في صفحات ساعاته؟ من يملك القدرة على إسكات الضمير وكبت الحقائق وتجاوز الوقائع، ومن أجل من؟
أعترف بأننا في المحطة الخطأ، رغم اعتقادنا أننا في القطار الصحيح. لست هنا للوم والعتاب. فحينما يرحل الليل يأخذ قصصه وقمره وأسراره ويرحل ليمنح المساحة للنهار. ينتهي شيء، ويبدأ شيء آخر. ما أقساها من كلمة «النهاية»، لكنها الحقيقة التي تؤلمك مرة، إلا أنها تعفيك من مرارات كل ليلة. تخيلت أن نقول كل الكلمات ومن كل اللغات، ولم يخطر ببالي أن تدخل كلمة النهاية في قاموسنا. فعلاً. ليس دائماً ما نتوقع هو ما يحدث في نهاية المطاف.
سأضع نقطة فاصلة في نهاية الصفحة، لكنها صفحة في كتاب. والعطاء الذي منحته هو جزء مني ولا مجال للندم. المعادن الأصيلة تبقى بنقائها حتى لو مرت عليها المتغيرات. أحياناً الخوف من المجهول يحرمنا من اتخاذ القرارات الحاسمة في حياتنا. نعتقد أنها النهاية وربما أنها البداية. الفرح ينتظرني في الغد، وعدالة الحياة تمنح السعادة لمن يستحق، حتى ولو بعد حين.
اليوم الثامن:
هل أكون الآخر وأستمر
أم أكون أنا وأرحل...؟.