من أصعب المشاعر في هذه الحياة حينما تشعر بالجحود. إنه يختطف الطيبة من داخل القلوب، يغتال البراءة في معدن النفوس. أقسى شيء حينما تشعر أن العطاء يقابل بالجفاء، والإحسان يقابل بالإساءة، والحب يقابل بالتجاهل. أصعب المرارات في هذا الوجود عندما تكتشف أنك أعطيت، ليكون المقابل هو النكران.
كيف يمكن لزمن أن يجود بأناس جبلوا على العطاء، وتعودوا على الحب. لغتهم الإيثار، سمتهم التواضع، وهدفهم إسعاد الآخرين. ليفاجأوا بعد ذلك، بأن من منحوهم العطاء ردوا ذلك بالتجافي. إنه زمن المرارة في عالم الجفاف.
تعطي لكي تفاجأ بأن من قدمت لهم الخير اعتبروه من المسلمات، تجاوزوا عن كل ذلك، وفكروا في أنفسهم فحسب. بالنسبة لهم الحياة هي هم فقط، وما عدا ذلك فراغات. يختطفون أجمل ما فينا ويرحلون، بل وربما يجرحون.
نسير في حياتنا بعفويتنا، نفتح الأبواب للآخرين، نقدم لهم ما نستطيع، لا ننتظر المقابل، فالزهور حين تورق، والسماء حينما تمطر، لا تنتظر المقابل. ولكنها أيضاً لا تتوقع الجحود. العطاء مثل الجنين يحتاج للرعاية والدفء ليكبر، غير أنه من السهولة أيضا أن يجرح.
نقف أحياناً في نقطة المنتصف لنتساءل: هل يمكن أن نستمر في العطاء، وإلى أي مدى؟ ربما يكون هناك أشخاص أراد القدر أن يكونوا في حياتك. وتجد نفسك في صراع بين طبع العطاء ومرارة الجفاء. وتقابل أشخاصاً يعتقدون أنهم كلما أخذوا أكثر كانوا أكثر ذكاء، حساباتهم مبنية على الانتهازية بعيداً عن المشاعر الإنسانية.
الجحود جارح وقاس. والحياة علمتنا أن الانتهازيين يربحون على المدى القصير، ولكن عدالة الحياة تكشف لنا حتى ولو بعد حين، كم كانوا هم أشقياء. وكم نحن نربح، ليس فقط في الرضا عن الذات وراحة الضمير، بل حتى في الحسابات الأخرى، فالخير هو الذي يدوم، والشمس تشرق حتى لو غطتها الغيوم.
اليوم الثامن:
الجحود أسوأ الخصال في هذه الحياة
ليس فقط لأنك تشعر بالندامة على ما قدمت ...
ولكنه أيضاً يحرمك من متعة العطاء في المستقبل