استثمر ما تستطيع الآن، فالفرص لا تبقى إلى الأبد. اقض ما تستطيع من وقتك مع والديك وأعطهما اهتمامك وحنانك. فما من شيء في هذه الحياة يمنحنك الأمان والطمأنينة مثل الوالدين.
حاول أن تكسب رضاءهما وأن تمنحهما الحب، فمهما تقدمه لا يعادل شيئاً منحاه لك. الشخص الذي يعطي والديه وقته واهتمامه هو الرابح في حسابات الدنيا والآخرة. مشاغل الحياة كثيرة ومتشعبة؛ ولكن ما قيمة كل هذه المشاغل وأنت تشعر من داخلك بأنك مقصر تجاه من منحك الحب والعطاء؟ من قضى عمره كله من أجل أن يراك كبيراً وناضجاً. ما أصعب أن يعيش الإنسان لنفسه وذاته، وينسى الأهم من أجل أشياء عابرة. الإنسان الذي لا يستطيع أن يكون وفياً لوالديه فالرجاء معدوم فيه، ولن يكون له خير فيمن حوله أو حتى لذاته. ماذا يفيد تفاعل اللحظة؟ نهتم بهم في وجودهم. ثم نغادر وتختطفنا الحياة وننسى. وكأن ما عملناه معهم شيء نرضي به ضمائرنا. ننسى أن عجلة الحياة سوف تدور، وأننا يوماً سنكون الآباء الكبار. وقتها عدالة الحياة لا ترحم. أجمل لحظات العمر حين تكون بجوارهم تشاركهم اهتماماتهم وترسم الابتسامة على وجوههم. مهما كبرنا أو نجحنا أو تعثرنا فنحن في أعينهم أطفالهم الصغار الذين لن يكبروا أبداً. نسير في عوالم مختلفة ونواجه متغيرات كثيرة، وحينما نكون في حضورهم نحتضن الفرح ويستعيد العالم ملامحه، ويستقر الأمان في عمق المشاعر. يصبح الكون مسالماً، والحياة صفحة بيضاء. من الصعب أن تجد في الحياة من يحبك ويستوعبك بكل ما فيك من إيجابيات أو سلبيات مثل الوالدين. ففي قاموسهما: الحياة هي الأبناء. والأماكن بالنسبة لهما متشابهة ماعدا المكان الذي يوجد فيه أبناؤهما. شغلهما الشاغل إسعادهم وبث روح التفاؤل فيهم، وتفكيرهم وقلقهم ينحصر في تلك الدائرة. ما أطيب القبلة التي نسكبها على أيادي الأمهات والآباء في بداية صباحنا. ما أجمل الابتسامة على وجوههم التي تحفظ ملامحها لتبدأ فيها يومك. ما أكرم الحياة حينما يكونون حولك، فهذا رصيد لا ينضب وإحساس لا يقارن. يا ليتنا نكسب عمراً جديداً من أجل أن نمنحهم إياه. يا ليتنا نستطيع أن نفيهم حقهم، ولو جزءاً يسيراً من الدين الكبير. الحياة تكون أكثر قبولاً للعيش والتفاؤل إذا استطعنا أن نستعيد النقاء في داخلنا، لنمنح حبنا لمن يستحق. .
اليوم الثامن:
أصدق حب في الوجود الذي يكون من دون شروط