الخوف، هو استجابة عاطفية، تنجم عن الشعور بالتهديد، ما يؤدي بنا إلى الاختباء، أو الهرب، وعلى الرغم من أن الخوف لديه حيز في حياتنا، إلا أننا يجب ألا نسمح له بالسيطرة عليها. يقول علماء النفس، ومنهم جون واطسون: إن الخوف مجموعة صغيرة من العواطف الأساسية، أو الفطرية، ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتوتر، وهناك اختلاف كبير بين خوف المرأة، وخوف الرجل، ويختلف ذلك الخوف تبعاً للمجتمعات أيضاً. واليوم سنسلط الضوء على أكثر الأشياء التي تجعل المرأة في وطننا العربي تشعر بالخوف.
ترى اختصاصية تحليل وتعديل السلوك ابتسام قاسم، أن الخوف يمكن أن يكون مرضاً معدياً، يحدث نتيجة توجهات المجتمعات وسلوكها، فالشخص فيها يتعلم الخوف بغض النظر عما إذا كان قد تعرض إلى صدمات نفسية أم لا، وهو ما يُعرف بـ "تكيُّف الخوف"، أو "الخوف الاشتراطي"، ومن أهم هذه "التكيُّفات" في وطننا العربي:
العنوسة
ترتفع يوماً بعد يوم نسبة العنوسة في الوطن العربي بشكل كبير ومقلق، حيث نجد أن 35% من الفتيات في كلٍّ من الكويت، وقطر، والبحرين، قد بلغن مرحلة العنوسة، وفي العراق وصلت النسبة إلى85%، أما في الإمارات فبلغت 68%. كل هذه الأرقام والإحصاءات تشكِّل هاجساً للفتاة العربية، ما يجعلها تشعر بالخوف من شبح العنوسة، وبالتالي التعرُّض إلى انتكاسة نفسية شديدة، بل إن الأمر قد يتحول عند بعضهن إلى ما يشبه الرهاب "رهاب العنوسة"، حتى إن لم تكن الفتاة قد بلغت سن الزواج المتعارف عليه في مجتمعها.
التحرش اللفظي والجسدي
كما ترى قاسم أن التحرش لم يعد ظاهرة مؤقتة، بل أصبح واقعاً محتوماً، وحمى، ومرضاً يضرب المجتمع! ولم يعد الأمر يقتصر على التلميحات اللفظية الخادشة للحياء، بل أصبح أكثر انتشاراً وأذى، ووصل حدَّ التطاول الجسدي، حيث نجد أطفالاً لم يتجاوزا العاشرة من عمرهم، يتحرشون بالفتيات، لذا فمن الطبيعي أن تشعر الفتيات العربيات بالخوف على سلامتهن، ومهما كانت عقوبة المتحرش كبيرة، فإن ذلك لا يمحو أثره السيئ على نفسية الفتاة.
التحيز إلى الجنس الآخر
على الرغم من أن المرأة انتزعت كثيراً من حقوقها، إلا أننا مازلنا نعاين تحيزاً من قِبل بعض الأفراد والأسر إلى الذكور، ولا يمكن أن ننكر أننا في المجتمع العربي نعطي الرجل حقوقاً أكثر من المرأة باعتبار أنها كائن "ضعيف"، و"غير مسؤول" على الرغم من أنها أثبتت عكس ذلك، وهو ما يجعلها تشعر بالخوف من هدر حقوقها.
الخيانة والزواج مرة أخرى
نعم، المرأة ترى بأن ارتباط زوجها بأخرى، هو نوع من أنواع الخيانة على الرغم من أنه يتم في إطار الشرع والقانون، فهي ترى بأن زوجها لا يحق له الارتباط بامرأة أخرى طالما أنها لم تقصِّر معه، لذا يمكن وصف هذا الأمر بأنه من أكثر المخاوف والكوابيس التي تراود المرأة العربية.
سن اليأس المبكر
من المتعارف عليه بأن انقطاع الدورة الشهرية يحدث بعد سن الأربعين، ويعني ذلك نهاية مرحلة الخصوبة عند المرأة، وبالتالي فقدان القدرة على الإنجاب، وهذا ما يجعلها تشعر بالخوف، ويزداد الأمر سوءاً حينما يراودها هاجس انقطاعها في وقت مبكر، خاصة إذا كانت غير متزوجة، أو متزوجة ويرغب زوجها في مزيد من الأطفال.
من الجيد أن نعلم بأن الشخص الذي يشعر بالخوف، هو أكثر قدرة على تغيير سلوكه نحو الأفضل، لكنَّ المشكلة تكمن في أن يميل إلى الهرب، أو الاختباء، لأنه سيصاب حينها بالتوتر الشديد، إضافة إلى الاضطرابات والصدمات النفسية، وعلينا أن نعلم أيضاً أن هناك اختلافاً كبيراً بين الثقافات حول كيفية الاستجابة إلى الخوف، وأن الخوف هو جزء من الطبيعة البشرية.