لا تخلو جيوب العلماء من الأفكار المجنونة، التي نراها الآن بعيدة كل البعد عن المنطق، لكنهم لا يبخلون علينا عادة برؤيتهم للمستقبل من خلال هذه الأفكار، تجارب علمية عديدة يجب التوقف عندها، قدمها هؤلاء العلماء ولا يزالون يقدمونها، وربما من أكثر هذه التجارب غرابة، ما قام به عدد من العلماء في روسيا، حين حاولوا جعل الكلاب تتنفس تحت الماء.
في الأيام الأخيرة من العام الماضي 2017، بثّت قناة "سانت بطرسبرج"، تجربة علمية مثيرة، وهي قيام باحثين روس بوضع كلاب في مياه مليئة بالأكسجين، وجعل هذه الكلاب تتنفس داخل المياه، عبر استنشاق الأكسجين الموجود فيها، بدلاً من الموجود في الهواء، وتمكن الباحثون من تحقيق إنجاز كبير من خلال جعل الكلاب تتنفس لقرابة النصف ساعة -30 دقيقة متواصلة-، وعلى عمق وصل إلى 500 متر تحت الماء، ودون أن تتعرض هذه الحيوانات لأي تأثيرات صحية سلبية جراء هذه التجربة، وهناك كلبٌ آخر قد أظهر قدرته على التنفس لعمقٍ أكبر من ذلك، وصل إلى الألف متر.
وحول كيفية القيام بهذه التجربة العلمية الكبيرة، التي من الممكن أت تغير الكثير من مفاهيمنا ومعتقداتنا حول العيش في الماء مستقبلاً، أوضح هؤلاء العلماء، بأن هذه التجربة الفريدة، تقوم على ملئ رئتي الحيوان بنوع معين من السوائل يُسمى الـ"بيرفلوروكربون"، بالإضافة إلى كمية كبيرة من الأوكسجين المُذاب في هذا السائل، حيث اكتشف العلماء أنه يتحول إلى وسط مناسب للغاية، بل وإلى درجة كبيرة لأي حيوان يتنفس الهواء العادي من الجو بأن يصبح قادراً على التنفس تحت الماء، لكنهم لا يزالون غير متأكدين من أثار هذا السائل على الرئتين في المستقبل، خاصة بعد تكرار اسستعماله.
فيديو هذه التجربة المجنونة كما يراه الناس، تم تداوله بكثرة بين نشطاء التواصل الإجتماعي، ولاقى العديد من الآراء والردود المختلفة، فعلى الرغم من أن الكثيرين يرون بأنه اكتشاف علمي مهم، وتجربة قد تغير كثيراً من شكل المستقبل، إلا أنها كانت قد لاقت على الجانب الآخر العديد من الإنتقادات، خاصة من جانب المؤسسات والمنظمات التي تناضل لحماية حقوق الحيوانات، إلا أن نائب رئيس الوزراء الروسيّ "ديمتري روغوزين"، دافع عن هذه التجربة في وجه ما تعرضت له من انتقادات، وأكد أن الهدف الرئيسي من هذا البحث العلمي، هو إيجاد طرق جديدة وممكنة للحفاظ على حياة الناس والمخلوقات الأخرى، كما أنه قرر تبني أحد هذه الكلاب التي أجريت عليها التجربة.
ويتابع "روغوزين" في دفاعه عن هذه التجربة قائلاً: "كل هذه التجارب ستصبح مبررةً إذا مكنتنا فيما بعد من الحفاظ على حياة آلاف البشر، أو ربما مئات الآلاف الذين يغرقون في المياه، كما أن هذا لا يعني فقط الحفاظ على حياة العاملين تحت البحر، بل يعني أيضاً الحفاظ على حياة الأطفال المولودين قبل الأوان الطبيعيّ، الذين يحتاجون إلى البقاء لفترةٍ تحت ظروفٍ مشابهةٍ لتلك الموجودة في الرحم".
ويبقى السؤال، هل من الممكن أن تكتمل هذه التجربة العلمية، وتصل إلى النجاح المنتظر منها..؟، والسؤال الأهم، متى من الممكن أن يتم تطبيقها على البشر..؟، وتبقى هذه الأسئلة كلها بانتظار إجابات تأتي لنا مع المستقبل، الذي قد لا يكون قريباً، ويظل العلماء يتابعون جنونهم واكتشافاتهم التي تصب –بمعظمها وليس كلها- بمصلحة البشرية.