في ساعات قليلة تحولت قصة الطفل السعودي عمر المصاب بالتوحد والمتعرض، حسب تصريحات والدته السيدة داليا في السوشيال ميديا، للتعذيب والإهمال في إحدى دور رعاية الأطفال المصابين بالتوحد في الأردن، التي اكتشفت حين زارته بشكل مفاجئ من دون إعلام إدارة دار الرعاية بالصدمة، حين رأته مصاباً بكدمات وضربات متفرقة في وجهه وجسده، والتي تؤكد بعض التسريبات بأنه قد لا يكون مركز توحد أردنياً بل عربي وخاص -إلى ترند واسع المشاهدة والتفاعل في العالم العربي، وليس في المملكة العربية السعودية والأردن ودول مجلس التعاون الخليجي العربي فحسب، بعد نشر والدته السيدة داليا بحسابها في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» صوره عند إيداعه بالدار سليماً ومعافى، وصوره وهو مليء بالكدمات المتفرقة؛ لتحول قضية تعرض طفل للإهمال أو التعذيب العمد لقضية رأي عام.
«سيدتي» ومن منطلق مسؤوليتها الاجتماعية تابعت قضية الطفل السعودي عمر، في الأردن، وحاولت كشف ملابسات القضية وبُعدها القانوني من خلال هذا التحقيق:
والد الطفل عمر يشتكي
وقد قدم مواطن سعودي شكوى رسمية ضد أحد مراكز الرعاية للأطفال المصابين بالتوحد في الأردن عبر سفارة بلده السعودية لتعرض ابنه الصغير عمر المصاب بالتوحد للتعذيب، وكلفت سفارة المملكة العربية السعودية محاميها لمتابعة التحقيقات الرسمية في الشكوى المقدمة من الوالد السعودي، وتحولت القضية إلى القضاء الأردني العادل والنزيه.
وأشارت التحقيقات الأولية إلى أن الطفل السعودي اصطدم بسخان التدفئة، وحالته الطبية مستقرة، ويجري متابعة الحادث مع الجهات المعنية في الأردن.
نشطاء يطالبون بحق عمر
لكن الكثيرين من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي لم يقتنعوا بأن كدمات عمر في وجهه وجسده ناتجة عن سخان تدفئة، كما بيّنت التحقيقات الأولية وادعاءات مسؤولي دار الرعاية بالأردن، وأكدوا أن صور كدماته المتفرقة في وجهه وجسده تؤكد تعرضه لتعذيب في دار الرعاية، مطالبين بمحاسبة المسؤولين عن ذلك سواء بإهمالهم أو بإيذائهم المتعمد له، ومن أجل محاسبة المسؤولين قاموا بتدشين وسم بعنوان: «حقك حيرجعلك» حقق نسبة متابعة هائلة في فضاء السوشيال ميديا العربي، وتم تدشين وسم آخر بعنوان «كلنا عمر» تصدرت كلمته الكثير من مواقع التواصل الاجتماعي.
وزارة التنمية الاجتماعية الأردنية
رفضت وزارة التنمية الاجتماعية الأردنية حين اتصلت «سيدتي» بناطقها الإعلامي الدكتور فواز الرطروط التعليق على قضية الطفل السعودي عمر أو الكشف عن اسم دار رعاية التوحد المتهمة بالإهمال والتعذيب أو موقف الوزارة من هذه الدار بحجة أن القانون الأردني يمنع الحديث عن قضية منظورة في القضاء الأردني وهذا ما قاله لـ«سيدتي»:
إن قضية الطفل السعودي لا تزال منظورة أمام القضاء الأردني، ولا تجيز التشريعات والقوانين الأردنية لنا أو لغيرنا الحديث أو التعليق إعلامياً عن القضية؛ لئلا يحدث تأثير سلبي على مجريات القضية في الرأي العام.
وأكد الرطروط لـ«سيدتي»: نحن لا نسكت أبداً عن أي تجاوز يرتكب من دور الرعاية بحق الأطفال.
الرأي القانوني
ولمزيد من المعلومات حول وضع قضية الطفل السعودي قانونياً إثر تحويلها للقضاء الأردني ومتابعة التحقيقات فيها توجهت «سيدتي» إلى الناشطة الحقوقية رحاب القدومي، مستشارة دولية في شؤون الأسرة والطفل، وسألتها عن رأيها القانوني: فأكدت على أهمية محاسبة المسؤولين في كافة الحالات التي ستثبتها التحقيقات القانونية، ويبت فيها القضاء الأردني حالياً باهتمام قائلة لـ«سيدتي»: بالطبع هناك مسؤولية قانونية مباشرة تقع على دار رعاية الأطفال المصابين بالتوحد، التي أوكل والداه أمر رعايته إليها مطمئنين إلى كفاءة وأمانة العاملين فيها، ثم فوجئا بما تعرض له ابنهما من إصابات وكدمات، فلو أثبتت التحقيقات النهائية ما خلصت إليه التحقيقات الأولية من أن إصاباته ناتجة عن اصطدامه بسخان تدفئة؛ فإن هذا دليل إهمال القائمين على الدار المسؤولين عن سلامة الأطفال المودعين لديهم من أي حادث كان، وفي هذه الحالة قد يحكم القاضي بإغلاق الدار مؤقتاً لفترة محددة؛ إن كانت أول حالة إهمال تثبت عليها، أو تغلق نهائياً حسب نظرة القاضي التشريعية للتحقيقات الجارية وأدلة الطب الشرعي.
أما إن أثبتت التحقيقات تعرض الطفل للتعذيب والإيذاء الجسدي المتعمد من أحد العاملين بالدار، ويستطيع الطب الشرعي إثبات تعرض الطفل للاصطدام بسخان التدفئة أو للإيذاء الجسدي المتعمد؛ إن طلب القاضي لجنة طبية شرعية بوقت مبكر من القضية قبل تعافي الطفل من إصاباته، والحكم في قضية الإيذاء المتعمد قد يصل الحكم فيها من سنة حبس إلى ثلاث سنوات، ويختلف الحكم حسب وجهة نظر القاضي الذي ينظر للقضية من مختلف جوانبها القانونية.
هذه القضية وجدل الرأي العام حولها أثارت الاهتمام مجدداً بحاجة الأطفال المصابين بالتوحد إلى دور رعاية حكومية رسمية عربية، تشرف عليها الحكومات، وتشدد الرقابة عليها بزيارتها بمواعيد مفاجئة غير معروفة للقائمين على هذه الدور، كما فعلت والدة عمر بزيارتها الدار بشكل مفاجئ للاطمئنان على ابنها، وتختار لها الكفاءات وتدخلها في دورات تدريبية تحثها فيها على أن يكونوا أمهات وآباء بديلين لعائلاتهم المغتربة؛ ليعاملوهم بكل محبة ورأفة وتفهم حتى تتطور مواهبهم وقدراتهم، ويستدعي الأمر معاقبة كل مسؤول عن إهمال أو تعذيب طفل ما حتى يكونوا عبرة لغيرهم مستقبلاً.