رادار الأخطاء

محمد فهد الحارثي

 

لماذا تتصيد الأخطاء؟ لماذا تشعرني بأنني في محاكمة دائمة، وبأنك الادعاء والقضاء؟ أحاول أن أصنع السعادة لك، وأنت هناك تجتهد في رصد قائمة للأخطاء. تعطي لكل حركة أو عبارة أو تصرف مجالاً للخطأ. ترى الأشياء بطريقتك، وتصدر أحكامك القطعية من دون استئناف. نحن لم نخلق ملائكة؛ بل إننا بشر؛ لنا أخطاؤنا وعيوبنا وميزاتنا. وهناك أشياء تعتقد أنها عيوب، فيما يراها آخرون ميزة. فالناس تختلف في أهوائها وتقييمها. والأمور في هذه الحياة بشكل عام نسبية، ومن الصعب أن تعتقد دائماً أنك الصواب الوحيد في زمن الأخطاء.

الأشخاص الذين يرون في كل تصرف خطأ، وفي كل مشروع نقصاً، يحرمون أنفسهم من متعة التواصل الإنساني الطبيعي. تجدهم في حالة عتاب دائمة، سواء عبَّروا عنها أم لم يعبِّروا، فهي تنعكس في تصرفاتهم. هؤلاء الأشخاص الذين يوجهون رادارهم فقط لالتقاط الأخطاء، حتى لو لم تكن، يربطون الأحداث بطريقة ما، ويصنعون منها قصة عتاب ولوم. هم في الحقيقة يشوّهون أجمل الصور، ويغتالون أرقى المشاعر. هم بوعيهم أو من دون، يضحون بسعادتهم من أجل وهم غير موجود. ينزعون صفحات السعادة من كتاب حياتهم رغم أنها منحت لهم.

الحياة ليست عبارة عن نقاط نسجلها على بعضنا بعضاً، وليست منافسة في رصد أحدنا لأخطاء الآخر.. ومن أخطأ أكثر. وهل من المفروض أن نُشعر الآخر بأنه مقصّر؛ لكي نشعر بالرضا؟ وهل هذا يحلّ نقصاً لدينا؛ لكي نشعر بأننا أصحاب المنّة والتفضل على الآخرين؟ الحياة أبسط من ذلك بكثير. والقضية ليست صراعاً وتسجيل نقاط؛ بل هي تفاهم وانسجام.. تسامح وحوار.

 لو فقط وجهنا نظرنا للقواسم المشتركة والأشياء الإيجابية، لأدركنا كم نحن محظوظون، ولاكتشفنا كم هناك من أشياء رائعة لم نرها من قبل. الحياة خليط من أشياء كثيرة ومتباينة، وكل زاوية تقودك إلى مسار مختلف. دعنا نختار الزاوية الأجمل ونستمتع بها. دعنا نعيش الحياة فإننا نستحق الأفضل.

اليوم الثامن:

الأخطاء تحصل من جميع البشر

هناك من يتصيدها ويضخمها...

وآخرون برقيّهم يسمون فلا يرونها.