تُعدّ ظاهرة الانتحار من الظَّواهر المعروفة عالميًا، حيث توجد في جميع الطَّبقات سواءً الغنيَّة أو الفقيرة، وتختلف أسبابها من بيئة إلى أخرى، ولكن المحصِّلة واحدة وهي توقُّع المنتحر الرَّاحة بإنهاء حياته لعدَّة أسباب يمكن أن نعزوها إلى ضعف في الوازع الدينيّ، والشُّعور بالاضطهاد، ما يؤدِّي بصاحبه لحالة من الاكتئاب الشديد ليصل بعدها إلى الانتحار أو الإقدام عليه، وربَّما تكون هناك أسباب اجتماعيَّة ونفسيَّة وظروف اقتصاديَّة، وعادةً ما يكون مصير مدمني المخدرات هو الانتحار، لكنَّ بعض الدِّراسات الاجتماعيَّة أوضحت أنَّ معظم الأسباب المؤدِّية إلى انتحار النِّساء تكون بسبب اضطهاد الرِّجال لهنَّ بصورة أو بأخرى..
حول طرق الانتحار يحدِّثنا مستشار "سيِّدتي" الأسريّ والاجتماعيّ عبد الرحمن القراش قائلاً: "تختلف طرق الانتحار بين الرِّجال والنِّساء، فعادةً تبحث المرأة عن أيسر الطُّرق التي لا يكون فيها عنف، مثل: شرب المبيدات أو العقاقير، أو بلع كميَّات من الأدوية، ونادرًا ما تستخدم الأدوات الحادَّة, أمَّا الرَّجل فيكون عن طريق الارتطام بشيء صلب أثناء القيادة بسرعة جنونيَّة، أو الحرق، أو بالسلاح الأبيض أو النَّاري، أو الصعود لمكان مرتفع".
الانتحار في السعوديَّة
ويقول حول ظاهرة الانتحار في السعوديَّة: "في آخر إحصائيَّة معتمدة أكَّدت إحصاءات وزارة الداخليَّة السعوديَّة أنَّ محاولات الانتحار في تزايد بين العامين 1427هـ- 1428هـ بنسبة 68.4% ، أمَّا حالات الانتحار الفعليَّة فنسبتها 14.19 %، الأمر الذي يؤكِّد خطورة المشكلة، وكان هناك تقرير لوزارة العدل كشف أنَّ الوزارة سجلت 27 قضيَّة محاولة انتحار خلال أول ثلاثة أشهر من العام الجاري، مؤكِّدة أنَّ مدينة الرياض تصدَّرت بواقع 12 محاولة انتحار، بينما بلغ عدد المحاولات في منطقة مكة المكرمة أربع محاولات، وفي كل من مدن الدمام وتبوك وعرعر محاولتان، وفي بعض المناطق الأخرى لم تتجاوز محاولة واحدة، ولم تصدر بعد إحصائيَّة للفترة الأخيرة، كما أنَّ الواقع يؤكِّد أنَّ حالات الانتحار المسجَّلة أقل من تلك التي تحدث على أرض الواقع؛ ويعود ذلك إلى الحساسيَّة الاجتماعيَّة التي تجعل الأهل يرفضون إرسال جثَّة المنتحر إلى الطِّب الشرعيّ".
السبيل لتقليص الظَّاهرة
ويضيف القراش: "حينما ندرك أنَّ المنتحر عندما يقدم على فعلته يكون في حالة ضعف شديد، وفقدان للثِّقة بنفسه وبمن حوله، ناهيك عن عدم إدراك خطورة هذا الأمر، نجد أنَّ الحل بالدرجة الأولى يتمثَّل في متابعة الأسر لأفرادها، والاهتمام بهم عن طريق تعزيز الجانب الدينيّ والالتزام به قولاً وعملاً بعيدًا عن التشدد، بالإضافة إلى المراعاة النفسيَّة، وتذليل الصُّعوبات قدر الإمكان، والمشاركة الاجتماعيَّة، والشُّعور بالانتماء الأسريّ والوطنيّ، كما نأمل من الدولة إخضاع الظَّواهر السلبيَّة في المجتمع للدِّراسة والبحث؛ حتى تُعرف أسبابها ودواعيها، ثم تبدأ بعد ذلك خطوات الوقاية منها بحلول عمليَّة" .