لا تجعل من كل عتاب نهاية، ولا تُفْرط في إصدار الاحكام القطعية. لا تنظر دائمًا لنفسك على أنك دائمًا المستثنى وأن الآخرين هم الخطأ. من أجمل ما في الحياة هي النسبية؛ فهي نقطة التوازن في صراع النهايات. هي المحافظة على المساحة الأخيرة لترك هامش للعودة، وإن لم يكن فعلى الأقل نتحاشى غرز الجروح في اللحظات الأخيرة.
لا تنسف كل الجسور. لا تنزع الصفحة، طالما هناك مساحات بيضاء للكتابة. من السهل نسف الأشياء وتحطيمها، والهدم أسهل من البناء، لكنها قد تكون لاحقًا شيئًا من الحماقات وتهورًا يصعب تبريريه أو إصلاحه.
العتاب غسيل للإحساس بالمرارة، وحينما تعاتب تذكر أن تضع نفسك في المكان الآخر. ما أسهل العتاب على الكراسي الوثيرة! وما أبسط أن نكون القضاة في غياب المحامين! لكنّ بعضًا من الواقعية وشيئًا من الصبر يُرِيَانك الصورة بشكل مغاير، وتكتشف أن ضريبة «جزء من الصورة» أقسى من غيابها.
المعادن الأصلية تتضح في المواقف، والكبار هم من يستوعبون ويتغاضون ويمنحون الفرص. هم كبار لأنهم يرون الأشياء بمعاييرهم، ويترفعون عن حروب الصغار وحسابات الانتقام وتصيد الأخطاء.
أدرك أن المشاعر تكون حادة في لحظتها، لكن مساحة من الوقت ولجم الانفعال بالمنطق يحمياننا من إحساس الندم وتأنيب الذات، ويقوداننا إلى فضاء أكبر وأرحب، فترى الناس بحقيقتهم، وتتقبل واقعهم، وتكمل مسيرتك. اكتشاف يعمق إدراكك لحقائق الحياة، لكنه لا يغير قناعاتك. كلما استوعبنا الحياة أعمق زادت قابليتنا للتسامح أكثر.
الأخطاء تقع والزلات موجودة، لكن ما يختلف هو تعاملنا معها. المنعطفات والانكسارات جزء من الرحلة، واختصارنا للطريق لا يعني اختزال الماضي وتهميش الأمس، بل دائمًا النظرة المتفائلة تمنحنا القدرة على العطاء في كل أشكاله، وأجمل أنواع العطاء صدق التسامح.
اليوم الثامن:
نعم، التسامح لا يعني التفريط، لكن الحق لا يعني التجريح.