لم أكن أنوي أن أغادر، ولكنه الواقع الذي يفرض حقائقه. لم يخطر ببالي يوماً أنني سوف أستجمع بعض ما تبقى مني، والكثير من ذكرياتي وأغادر. يالها من لحظة فاصلة بين حلم رسمت فيه كل خيالاتي، وواقع يعري الحقيقة بكل تناقضاتها.
نعم.. أغادر، ولماذا أؤجل لحظة أعرف أنها آتية، ولما أخادع نفسي والحقائق واضحة؟ التمادي في التضحيات ظلم للإنسان. العدالة مهمة حتى مع الذات. منحتك كل المساحات الممكنة، وتمسكت بأمل كاذب. نسجت عشرات الأعذار لك، وأوهمت نفسي بعكس الواقع. تغاضيت عن أشياء واضحة، وعاتبت نفسي: ياللظالمة كيف تجرؤين على تمادي أفكارك للخطوط الحمراء. ما تركت فرصة وإلا منحتها لك. قلت منحتها لك؟.. لا. في الواقع كنت أرضخ لعاطفتي وأستسلم أمام طوفان مشاعري. لا يهم. النتيجة واحدة.
ياسيدي، المرأة حينما تحب فإنها تتنازل وتتغاضى ليس ضعفاً، ولكن حباً وإيثاراً. مشكلة الرجل أنه يقسو على من تمنحه عاطفتها باعتبارها أمراً مضموناً، ويضع رهاناته على من تضعه في باب الاحتمالات، باعتبارها تحدياً يسعى لتحقيق انتصاره. دعني أقول لك إنك تخسر عالمك الحقيقي، لتعيش أكذوبة تكتشفها في الوقت الضائع. دعني أقولها بوضوح أكثر، أنت لم تعد بالنسبة لي خسارة. الخسارة الحقيقية هي اللحظة التي تحاول فيها أن تعيد عقارب الساعة إلى الوراء لتكتشف أن ثبات الأشياء في عالمنا هذا مستحيلة، وأن الأمور لم تعد كما كانت.
موهوم أنت إذا كنت تعتقد أن الحياة بالنسبة لك مسألة خيارات، وأن الآخرين كائنات في محطات الانتظار. لا تعش الوهم. فالعطاء له سقف. والحب إذا تحول إلى تعذيب للذات يصبح مرضاً يتطلب العلاج. وأنا قررت أن ابدأ من جديد. فأنا أستحق الأفضل لأنني لم أقدم في حياتي إلا الطيبة والوفاء. لأنني كنت صفحة بيضاء تركتها لك تكتب فيها ما تشاء. الآن أشعر بأن طيور الفرح تغرّد في عالمي ليس لأمر طرأ جديداً، لكنني للمرة الأولى أشعر بأني خرجت من الأسر، واتخذت القرار
اليوم الثامن:
السعادة المرهونة بقرار ورغبات الآخرين
هي مؤقتة ولها تاريخ لانتهاء الصلاحية