عندما نتذكر "النــحــل"، فإن أول ما يخطر في بالنا، تلك الحشرة الصغيرة بلونيها الأصفر والأسود، وخلايا العسل اللذيذ، وقرصاتها الخفيفة التي يستخدمها البعض أحياناً كنوع من العلاج، ولكن أياً منّا لن يتخيل أن تكون شيئاً مخيفاً أو مميتاً والأهم.. أن تكون شيئاً "عـمــلاقــاً". إلا أن هذا الأمر الأخير قد يصبح حاضراً في أذهاننا جداً ودوماً فيما يخص النحل، وذلك بعد أن تم العثور مؤخراً، على أضخم نحلة في العالم، أو ما أطلق عليها اسم "النحلة العملاقة".
بعد اختفائها لـ 38 عاماً..
طوال ما يزيد عن 38 عاماً، وعلى وجه التحديد منذ العام 1981، شوهدت النحلة العملاقة التي تعرف باسم العلمي "ميغاشيل بلوتو"، أو كما تعرف باسم "نحلة والاس العملاقة"، نسبة إلى عالم الأحياء البريطاني الذي اكتشفها خلال القرن التاسع عشر "ألفريد راسيل والاس". لكنها بعد مشاهدتها في تلك المرة اختفت تماماً عن الأنظار، ولم يتمكن أي من العلماء أو الناس العاديين من مصادفتها أو مشاهدتها مرة أخرى.
مؤخراً، وبحسب ما ذكره موقع "يورونيوز" نقلاً عن جامعة "سيدني" الأسترالية، أنه تم خلال شهر كانون الثاني / يناير الماضي من هذا العام 2019، مشاهدة وتوثيق العثور على أنثى "نحلة والاس العملاقة" مرة أخرى، في جزيرة "نورث مولوكاس" التابعة لإندونيسيا، من قبل فريق أبحاث دولي تابع لجامعة "سيدني" الأسترالية، وذلك أثناء مهمة للبحث عن الأنواع النادرة.
هذا هو حجم النحلة الأضخم في العالم..
ولمعرفة سبب اعتبارها النحلة الأضخم في العالم، يكفي أن نطلع على حجم الواحدة منها، ونقارنها بحجم نحل العسل، حيث تبلغ هذه النحلة العملاقة ذات اللون الأسود الكامل، ما نحوه 4 أضعاف حجم النحلة العادية، إذ يصل طول جناحيها إلى 2 بوصة ونصف، أي ما يقارب الـ 6.5 سنتيمتر، وطول جسدها يزيد عن الـ 4 سنتيمترات، ويقترب من نفس حجم إبهام الإنسان البالغ.
ويُشار إلى أن "نحلة والاس العملاقة"، تمتلك فكين ضخمين يشبهان فكي الخنفساء، وتضع بيوضها في أعشاش فوق الأشجار، حيث وجدها الفريق البحثي الدولي على شجرة يبلغ ارتفاعها 8 أقدام عن الأرض، إذ كانت تعيش في عشٍّ للنمل الأبيض على تلك الشجرة.
https://www.youtube.com/watch?v=Fb8LYU279S4
هكذا تم العثور عليها..
بعد ما يقارب الـ 5 أيام متواصلة من البحث في في جزيرة "نورث مولوكاس" الأندونيسية، قادت الصدفة فريق البحث من العثور على هذه النحلة النادرة، وذلك بعد أن تنبه لها "إيسوان"، وهو المرشد الذي رافق فريق الباحثين على الجزيرة، وكان ذلك بعد أن لمح حركة غريبة أعلى الشجرة. في تلك اللحظة قام المرشد الأندونيسي برفقة "إيلي وايمان"، عالم الحشرات من جامعة "بريستون" الأمريكية، بتسلق الشجرة، وتأكدا أن ما شاهداه كان عشاً للنحل.
وكان "كلاي بولت"، مصور الحياة البرية، والذي كان من ضمن الفريق البحثي التابع لجامعة "سيدني" الذي اكتشف وجود "النحلة العملاقة"، قد كتب عبر موقع تابع للمجموعة العالمية للمحافظة على الحياة البرية في أوستن أن: "بنية العش كانت قوية، لقد تسلقت بدوري الشجرة أيضاً، وأضأت مصباحي على شيء كان ملفتاً للغاية لم أره من قبل، ولم أصدق ما شاهدته، لقد اكتشفنا نحلة والاس العملاقة".
وفي تصريح "وايمان" لوسائل الإعلام، قال: "ما زلنا لا نعرف شيئاً عن هذه الحشرة غير العادية، وآمل أن يثير هذا الاستكشاف عملية بحث مستقبلية تعطينا فهماً أعمق لتاريخ حياة هذا النحل الفريد من نوعه، لحمايته من الانقراض". وتابع عالم الحشرات الأمريكي: "للأسف، نظراً لحجم هذا النحل المذهل وحالته النادرة، فهو يعتبر هدفاً رئيسياً لمحبي تجارة الحيوانات البرية، خاصة هؤلاء التجار غير الشرعيين".
رغم الإكتشاف المهم.. الخطر يُحدق بهذه الحشرة النادرة
ما صرّح به عالم الحشرات الأمريكي "إيلى وايمان"، عن خطورة هذا الإكتشاف والتبعات التي قد تأتي جراء الإعلان عنه، أكده أيضاً "روبن مور"، وهو كبير مديري المحتوى الرقمي ووسائل الإعلام في منظمة "جلوبال وايلد لايف كونسيرفايشن" العالمية، حيث أشار إلى أن نشر الأخبار عن هذا الإكتشاف المهم، قد يكون أمراً خطيراً للغاية. وأضاف بأن مسؤولية حماية هذا النوع النادر يقع جزء كبير منه على عاتق المسؤولين الحكوميين وأصحاب المصلحة المعنيين الذين يعرفون أن النحل موجود في هذا المكان من العالم. وأردف "مور" قائلاً: "يجب عليهم الإستعداد للمساعدة في حمايته، مع ضرورة النشر عنه عالمياً لدوره البيئي الكبير بدلاً من إخفائه".
نحلة والاس العملاقة..
المرة الأولى التي تم فيها اكتشاف النحلة العملاقة هذه، كانت خلال العام 1858، من قبل عالم الطبيعة البريطاني، "ألفريد روسى والاس"، والذي سُميت هذه النحلة باسمه تقديراً وتكريماً له. وكان "والاس" قد وصفها بأنها "حشرة سوداء كبيرة تشبه الدبور، مع فكوك ضخمة مثل الخنفساء ". واختفت هذه الحشرة النادرة للغاية بشكل كامل منذ ذلك الحين وطوال عقود كثيرة، حتى تمكن عدد من العلماء من مشاهدتها لآخر مرة خلال العام 1981، أي قبل ما يقارب الـ 38 عاماً.
حتى تزيد البعثة البحثية من جامعة سيدني، فرص العثور عليها، سافر إلى أندونيسيا خلال شهر كانون الثاني / يناير الماضي 2019، وهي الفترة نفسها التي عثر خلالها "ألفريد روسى والاس" على النحلة العملاقة لأول مرة، والفترة نفسها أيضاً التي شوهدت فيها آخر مرة في بداية ثمانينيات القرن العشرين الماضي. وأشارت الجامعة الأسترالية، إلى أنه تم العثور على النحلة النادرة في اليوم الأخير من البعثة التي استمرت لـ 5 أيام.