زيادة أجور المعلمين بالقطاع الخاص تُنعش الأسواق

تستمر سلسلة القرارات الملكية التي تؤكد حرص القيادة على المواطن بشكل عام سواء العامل بالقطاع العام أو القطاع الخاص باعتباره اللبنة الأساسية لبناء المجتمع، فبعد مجموعة القرارات السابقة التي أصابت فوائدها مختلف طبقات ومجالات العمل في السعودية، وربما غير العاملين أيضاً، تصدر القرارات من جديد؛ لتؤكد على أهمية دور المعلم والمعلمة، فترفع من الحد الأدنى للرواتب لتصل إلى 5000 ريال، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من البدلات

هذه القرارات شأنها شأن غيرها من القرارات السابقة، فبالإضافة إلى أنها تبرز أهمية دور المعلم والمعلمة في المجتمع وفي بناء الأجيال القادمة، ومدى الحرص على إبراز هذا الدور، فهي أيضاً قرارات اقتصادية من الدرجة الأولى تصب، وبكل قوة في دفع عجلة التنمية وفي انتعاش الأسواق.

الخبير الاقتصادي زيد بن يوسف يؤكد لنا مدى أهمية مثل هذه القرارات، ويحدثنا عن أهم آثارها الاقتصادية وانعكاساتها على الأسواق.

 

الآثار المباشرة

قد تنقسم الآثار المتوقعة لمثل هذه القرارات لشقين رئيسين، أولهما آثار مباشرة، والثاني الآثار غير المباشرة، بمعنى آخر فإننا سنلمس بعض نتائج هذه القرارات بشكل سريع بالأسواق وبمجرد تطبيقها وربما قبله أيضاً، بينما سيكون البعض الآخر غير مباشر أي أنّ آثاره ستأتي في مرحلة أخرى تعتمد على بعض الإجراءات أو القرارات التي يتخذها المستفيد بناء على ظروفه الجديدة، والمستحدثة بعد ارتفاع إمكانياته، وأهم الآثار المباشرة التي قد نلاحظ وجودها بالأسواق هو انتعاش في أسواق التجزئة التي تستقبل المستفيدين من المنح والقرارات بشكل مباشر ويومي، فارتفاع الدخل يؤدي بكل بساطة لزيادة الإمكانيات، وبالتالي لإمكانية زيادة المصروفات، وهذا التأثير على هذه الأسواق سيؤدي بالطبع لانتعاش أيضاً بأسواق الجملة لتلبية احتياجات أسواق التجزئة، مما سيساهم في نشاط واضح بالأسواق بشكل عام بسبب الزيادة في الدخل التي قد تصل في بعض الأحيان لأكثر من 100 % .

 

الآثار غير المباشرة

أما الآثار غير المباشرة؛ فهي تلك التي قد تصيب أسواقاً أخرى في مرحلة لاحقة. فعلى سبيل المثال كان بعض العاملين في القطاع الخاص ومن ضمنهم المعلمون أو المعلمات وضمن الرواتب المتعارف عليها في القطاع الخاص يعجزون وبشكل واضح عن الدخول في أي تجربة مالية؛ لضعف الإمكانيات المتوفرة، فالموظف وخاصة بالقطاع الخاص قد يعجز عن الحصول على قرض سكني مثلاً، حيث إنّ الأقساط المترتبة على القرض ربما تزيد في كثير من الأحيان على الراتب المتاح وتتجاوز الإمكانيات، أما وبعد الزيادة الكبيرة في الرواتب فالأوضاع هنا تغيرت، وأصبحت الشريحة التي تستطيع امتلاك منزل أكبر بكثير من السابق، فدفع أقساط منزل أو تسديد قرض أصبح الآن في متناول الغالبية من العاملين في القطاع الخاص، وبالتالي فمن ضمن الآثار المتوقعة أيضاً انتعاش إضافي في أسواق أخرى مثل سوق العقارات، والذي يعتبر دوماً رائداً وقائداً في تحريك كل الأسواق بمختلف أنواعها. 

 

خفض معدلات البطالة

وتعتبر القرارات الخاصة برفع الحد الأدنى للمعلمين والمعلمات العاملين في القطاع الخاص أيضاً من سبل الحد والتخفيض من معدلات البطالة، فالكثير من المؤهلين للعمل في هذا المجال كانوا في السابق يعزفون عن العمل بالقطاع الخاص بسبب تدني الأجور، ويطمحون بل ولا يدخرون جهداً للعمل في القطاع العام، مما يعني أنّ أعداداً كبيرة منهم كانت تنتظر الفرصة في القطاع العام دون أن تعمل في القطاع الخاص أو غيره، والذي رفع بشكل ملحوظ من معدلات البطالة والزيادة الكبيرة والمستمرة في أسماء المنتظرين للفرص على كشوف الراغبين في العمل في القطاع العام الذي لا يتناسب حجم الفرص فيه مع الراغبين بالعمل، خاصة في المدن والمراكز السكانية الكبيرة التي تسعى الأغلبية للعمل فيها دون غيرها من المناطق البعيدة.

 

رفع معدلات الثقة

من النقاط المهمة جداً أيضاً والتي تأتي كأثر غير مباشر هي رفع معدلات الثقة؛ فالمواطن العادي وليس فقط العامل في مجال التعليم أي الذي يعمل في أي نشاط استثماري آخر أيضاً سيشعر بالثقة في إمكانيات الدولة المتوفرة، وسيعي بكل وضوح أنّ الإمكانيات جيدة بل ممتازة، وأنّ الأزمات الاقتصادية التي يعاني منها أغلب دول العالم ليست موجودة في مجتمعاتنا بشكل حقيقي أو مؤثر، مما سيساهم في زيادة الاتجاه للاستثمار بشكل أقوى وأكثر ثقة، فالعمل مستمر في اتجاه التطوير سواء للقطاع العام أو الخاص، والعامل في القطاع الخاص أصبح يمتلك للإمكانيات والمميزات التي امتلكها العامل بالقطاع العام بالسابق والمؤشرات بشكل عام تصب في اتجاه واحد وواضح، وهو التنمية والتطور، وإكمال مسيرة النهضة