لم يعد مصطلح سيدات الأعمال مصطلحًا نادر الذكر في مجتمعاتنا، كما كان في السابق ولفترة قريبة جدًّا، ولم يعد عمل المرأة مقصورًا على بعض الأعمال المحدودة جدًا، بل اقتحمت أغلب المجالات، إن لم يكن كلها، لتصبح المرأة التاجرة والمعلمة والطبيبة والمهندسة والوزيرة وسيدة الأعمال، والملاحظ في السنوات الأخيرة بروز مصطلح سيدات الأعمال على سطح الحياة الاستثمارية للمرأة، وكثرة تكراره بشكل كبير، فقد أصبح من الواضح أنَّ لدينا في مجتمعاتنا نسبة لا بأس بها من سيدات الأعمال، ولكن السؤال المطروح هو كم سيدة من هؤلاء السيدات هي سيدة أعمال بالمعنى الحقيقي؟ وكم واحدة منهنَّ ناجحة ومميزة وتستحق أن تنال هذا اللقب؟
هذا السؤال طرحناه على إيمان يوسف الكلوي، أستاذ مشارك في علم الاقتصاد، والتي قالت: إنّ سيدات الأعمال لم يعدن تلك العملة النادرة كما كنّ بالسابق، فهنّ موجودات وبأعداد كبيرة قد تفوق أعداد الرجال في بعض المجتمعات، فلكي تكون سيدة الأعمال سيدة مميزة، خلاقة، ومبدعة عليها أن تلتزم بالخطوات التالية:
التميز والكفاءة في مجال العمل: أي أنه من المفترض على صاحبة أي مشروع أن تكون على دراية كافية بعملها، فالتاجرة أو المستثمرة التي لا تعرف قواعد السوق وأسسه، وكيف تبيع سلعتها وتختار عملاءها فيه ستطرد نفسها منه دون شك، ولكن بالرغم من بساطة هذه الحقيقة إلا أنّ الواقع يقول غير ذلك، فنحن نسمع ونقرأ يوميًّا عن العديد من حالات الفشل والإفلاس؛ وهذا عادة يكون مرجعه إلى كون هؤلاء المفلسين لا يتمتعون بقدر كافٍ من الكفاءة اللازمة في مجال عملهم، ولهذا فمن أهم عوامل النجاح أن تعرف ماذا تعمل وتحبه وتتقنه لتتميز وتُبدع فيه.
القدرة العقلية والفكرية: والمقصود بها القدرة على الفهم والاستيعاب، فسيدة الأعمال قد تستخدم هذه القدرة في صياغة خطط تنافسية لمشروعها، وذلك عن طريق إمكانية رؤية المشروع ككل من الأعلى، أي بشكل إجمالي وحتى قبل تنفيذه أحيانًا، وإذا كانت القدرة والتميز الفني في مجال العمل تساعد سيدة الأعمال الناجحة على معرفة كيفية أداء كل نشاط، فإنّ القدرة العقلية والفكرية تساعدها على ربط هذه الأنشطة بعضها ببعض، ونعني بذلك القدرة على ربط كل أجزاء المشروع ببعضها، والحصول على النتيجة المتوقعة بشكل مسبق، وبالتالي فإنّ أي نقص في هذه القدرة أو في إتقان كل وظيفة من الداخل وعدم إمكانية ربطها بالوظائف الأخرى والتي قد تكون متعارضة معها أحيانًا تؤدي إلى اصطدام الوظائف مع بعضها البعض، مما قد يؤول إلى التوقف بشكل نهائي أحيانًا، خاصة في حالات المشاريع الجديدة أو المشاريع الصغيرة، ولكن وبأحسن الحالات فإنّ هناك نوعًا من التأخير الناتج عن عدم توفر القدرة العقلية والفكرية بالشكل المطلوب.
مهارات التعامل مع العنصر البشري: إنّ العنصر البشري هو العنصر المتحكم، والذي يحقق النجاح أو عدمه في أي منظمة كانت؛ وذلك من خلال استخدامه وتوجيهه للعناصر الأخرى، ولهذا وجب على سيدة الأعمال الطموح إلى النجاح والتميز أن تعرف وتستخدم مواطن القوة الخاصة بكل موظف موجود لديها، بل وأن تجيد وتحترف هذا الاستخدام، فتوجهها بالأسلوب الذي تطمح أن تحقق به مصلحة المشروع أو الاستثمار، بالإضافة إلى العمل على التنسيق الدوري والمنتظم بين الموظفين، والمستهلكين، والموردين في المجتمع، وعمومًا فعلى سيدة الأعمال أن تجيد دومًا فنون الاتصال مع العنصر البشري وتحفيزه وقيادته بما يخدم نجاح المشروع والاستثمار بشكل عام، ويجعل منه استثمارًا مميزًا.
حب الإنجاز: إنّ سيدة الأعمال الناجحة هي التي تتمتع بالرغبة أولاً، ثم القدرة على الإنجاز ثانيًا، فالتجديد والمتابعة والتطوير ثالثًا، وهذا ليس بالطريقة النظرية فقط بل بالتصرفات وبالتطبيق العملي على أرض الواقع مع تقييمها بطرحها للأسئلة التالية وبشكل دوري: هل نجحت مجهوداتي؟ هل وصلت إلى هدفي؟ ما خطواتي القادمة وما أهم الوسائل التي قد تساعدني على الوصول إلى الإنجاز المرتفع والمميز؟ ولعل الإجابة الشافية لمثل هذه التساؤلات تكمن فيما يلي:
أ- تحليل المؤشرات الخاصة بكل قرار مثل: المبيعات والأرباح للتعرف على جدوى القرار، ويفيد هذا التحليل في متابعة التقدم أو الانحراف الذي قد يحدث في نتائج القرار.
ب- المقارنة المستمرة للمشروع المسطر من طرف سيدة الأعمال مع المشاريع الأخرى الناجحة في نفس المجال، ومحاولة معرفة أسباب وعوامل النجاح فيها.
ج- تطوير النظرة الذاتية والانطباع للفرد عن نفسه، بمعنى أن يغير الفرد نظرته إلى نفسه كلما كبر المشروع ونجح وتوسع، ومع الشعور بالمسؤولية باتجاه مختلف المتغيرات لاسيما الاقتصاد الوطني.
د- ربط الأحلام بالقدرة على تحقيقها، فالمثل يقول «اطلب المستطاع تُطاع»؛ لأنّ خطورة الأحلام قد تتحول إلى دمار شامل، إذا لم يستطع الفرد تحقيقها.