دموع وابتسامات
مازلت أذكر عندما كنت في المدرسة الإعدادية، وزلزلنا جميعاً خبر فادح عن حادث سيارة مروع راحت ضحيته أم لإحدى طالبات مدرستنا... كان الحادث في بداية شهر مارس.. وقد تناقلته الإذاعة المدرسية بكل حزن وأسى...لكن الأمر وعلى فداحته لم يمنع المدرسة من الاحتفال بيوم عيد الأم دون مراعاة لمشاعر هذه المكلومة المسكينة... فكل ما فعلته أنها أخبرت (مروة) بأن تبقى هذا اليوم في فصلها، ولا تخرج لحضور الطابور المدرسي... وبالفعل أقيم الحفل، وعزفت الألحان فرحاً وطرباً بالأم أما (مروة) فكانت جالسة وحدها في صفها..... ولكن يا ترى أي غصة دامية كانت تخنقها، وهي تستمع لأصداء أغاني الأم الشهيرة؟ وترى أي دموع حارة كانت تلهب وجنتيها، وهي تلمح أكياس الهدايا والبالونات والورود الحمراء حولها في كل مكان؟ وأي قسوة تلك وأي احتفال هذا الذي يجيز استباحة الأحزان واستثارة الآلام بلا رحمة وبلا هوادة.......
كأن قانون هذا اليوم وهذا العيد أنه لا عزاء للأيتام لا عزاء لمن سيتلفتون في هذا اليوم، فلا يجدون الحبيبة التي ينبغي أن يقبلوا يديها ويجثوا تحت أقدامها ليجدوا جنة الدنيا ونعيمها... هؤلاء ليس لديهم سوى أن يتجرعوا كؤوس المرارة والحرمان كأساً تلو الآخر.
هناك الكثيرات ممن يكون وقع هذا اليوم عليهن أشد من وقع الرصاص.. وأقسى من ضرب السياط... فكم من أم مكلومة فقدت فلذة كبدها وحرمت طلته في هذا اليوم وفي يده الوردة الحمراء؟؟ وكم من أم انفطر قلبها على ابنها الغائب الأسير الذي تتوق نفسها لتطمئن عليه أو تسمع صوته ولو ببضع همسات في هذا اليوم؟ وكم من أم تجرعت كأس الحسرة وهي وحيدة بعدما زج بها في إحدى دور المسنين بعد سنوات حب وعطاء لم يقدر لها أن ترى مقابلها؟ وكم من أم أمست أسيرة ذكرياتها مع أبنائها المغتربين عنها؟ وكم, وكم, وكم فما أقسى هذا اليوم على الكثيرات.. كثيرون قد يسألون: لمَ النظر للجزء الفارغ من الكوب؟.. لكني أرد وأقول: إني أرى الكوب كاملاً, وأرى المشهد بكافة جوانبه...أرى أمهات كثيرات يسعدن بهذا اليوم....وبيوت عائلات تعج بالحركة والمرح احتفالاً بربة هذا البيت.....وأرى بعض المقصرين مع أمهاتهم وقد عادوا وقبلوا الأيادي في هذا اليوم... وأرى أيضاً محلات الهدايا وباعة الزهور وقد شهد عملهم رواجاً كبيراً لم يمنعهم من استغلال الموقف ورفع الأسعار, وأرى الفضائيات وقد امتلأت بالبرامج الخاصة والأغنيات والإعلانات المتكررة عن الرنات التي تتغنى بفضل وحب الأمهات... أرى الكوب كاملاً..ولكني أتساءل هل الجزء الفارغ فيه بقدر الممتلئ... وإن كان هذا اليوم سيسهم في إعادة المياه إلى مجاريها في بعض الأسر.. فكم من مجرى سيحفر على وجنات الكثيرين لتتدفق خلاله أنهار من دموعهن الحارة فتترك بصماتها شاهدة على جرم هذا اليوم وهذا العيد.
شيماء إبراهيم – الرياض
تحدِّي امرأة
قد تتعرف إلى الكثيرات قبلي...
وقد تُعجب بالكثيرات قبلي...
قد تخرج للنزهة
مع الكثيرات قبلي...
قد يدهشك عطرهنَّ...
ويجلبك لباسهن
لكن... كلهن لن يبقيْنَ
إلى جانبك..
سوف يرحلن.. يغيرن مسارهنَّ
نحو رجل آخر... درب آخر
ينْسيْن العهد... والوعد
ينكرن لمسة حنان من يديك
يلمِّحْن لأفق غيرك
سوف ترى يا عزيزي
أني امرأة تموت على يدها كل النساء
ولن تتركك مهما طالت المسافات
أو قصرت...
امرأة...
تحترق في خفاء...
لتضيء لك طريق الحب
بشقاء...
سليمة حاجي – الجزائر
التي حيتني
كيف لي أن اشكر تلك الرياح التي حيتني
بكل رقة وعذوبة
أشكرك عزيزتي
على حضورك
على فضولك
الذي أثلج صدري
أرسل صوتي لك
فيعود صداه بلا إجابة
أرسل حمائم شوقي
لتخبرك بما في قلبي
من ألم
وحزن
ووحدة
أنتظرك عزيزتي
فلا تجعليني أطل الانتظار
عند باب قلب المرهف
مصطفى تيجاني – السعودية
سلام لغزة
سلام لأهل غزة أي سلام
سلام لمن قاوم واستشهد فداء الأوطان
سلام لثوار صمدوا صمود الأحرار
وأثبتوا للعالم أجمع أنهم أصحاب أرض وحق ودار
سلام لكل طفل جريح نظراته حائرة
يبحث عن أمه وإخوته تحت الأنقاض متناثرة
ويذرف دموعًا على ذكرياتهم الباقية
سلام لمن دافعوا واستشهدوا
سلام لكل قطرة دم من دم شهدائك العطرة
نزفت فارتوت أرضك يا غزة دماء
وأينعت شقائق غزة لذكرى المجزرة
سلام لصمود لم يشهد له التاريخ مثال
ها هم هؤلاء والعالم يشهد أنهم أبطال
أبطال أبطال
رائدة سعيد السعودية
الرجل الذي أراد
أن يغزو السماء!
ترجل عن فرسه ،خلع قبعته، وضع سيفه وسلاحه ثم جلس وحيدا ...
...منذ سنين وهو يقود جيوشه التي تأتمر بأوامره وتنتهي بنواهيه... قادها شمالا وجنوبا ، شرقا وغربا، في الجبال كما في السهول ، في الهضاب كما في المنخفضات، وفي الأنهار كما في البحار.
...جلس وحيدا، يفكر مليا وقد تحلق حوله كبار مساعديه، لكن أحدا منهم لم يجرؤ على أن يقطع عليه حبل تفكيره، وأن يعكر عليه صفو تركيزه.
...مضى عليه بعض الوقت قبل أن يستأذن أحد مساعديه :
- سيدي ،هناك خطاب جاء توا من العاصمة.
...طلب من مساعده أن يقرأ الخطاب ،غير أنه لم يكن إلا مراسلة عادية ، لكن المساعد لم يكتف بقراءة الخطاب ، بل تشجع وسأل سيده :
- سيدي أراك دائم التفكير، ترى فيم كل هذا التفكير؟
- إني أفكر في فتح يسجله التاريخ لنا بمداد من الفخر.
- ولكن أي فتح تعني يا سيدي؟ إني أرى الأرض قد دانت لك شرقا وغربا، شمالا وجنوبا.
- اسمع، لا أحد غزا السماء وهذا ما يشغلني. إني أريد أن أغزو السماء! أفهمت ؟! أريد لنفسي هذا السبق. أريد أن يسجله التاريخ باسمي وليس باسم أحد آخر .
...انصرف المساعد إلى حال سبيله وعادت الجيوش إلى معاقلها...
مضت بضع سنين ...أسلم القائد الروح إلى بارئها ...أقيمت له جنازة رسمية و ووري الثرى في شبر من الأرض بإحدى الجزر !! وهو الذي كان يحلم بغزو السماء !!
أتدرون من كان ذلك القائد؟
إنه نابليون بونابرت.
زاكي عبد الرحمن – المغ
نبتة قلب
كنت مقهوراً يبحث عن بسمة ، غريباً ما له فوق الأرض بر، أسير في أدغال الليل الموحش فتجهش الريح وتعوى قبل أن تأوى إلى فراغات الجدر الصماء، فأنا المرتحل إلى الغيوب التي ليس لها تبديل، أرنو لمدينتي.. فتلوح أمامي كأنقاض وطلول.
أيها الوطن المتحجر .. ماذا فعلت بي؟!
اين شمس نهارك الوضيئة ؟ وكيف غرقت في النهار القتيم ..؟!
وأين شجرك المعطاء والمتعانق فوق ضفاف نهرك المخاتل .. نهرك الذي صار يقتل أبناءه كل صباح ثم يهجع قرب الشواطئ جامداً ..، بل ، وأين أبناؤك الذين كانوا يزرعون الفضاء الفسيح بأحلامهم ، وكيف صاروا فرقاً وشيعاً من ملفقي الكذب .. المخادعين . أو اللامباليين ..؟!
ثم قل لي أيها الوطن .. كيف لم يبق لمحبيك من بديل سوى الإرتحال الأبعد ؟
فنحن أمسينا جيلا من المتشرذمين الذين يرتحلون من ترابك – ياوطن – إلي رائحتك وأريجك القابع فينا والذي لا يفوح إلا في البعاد .. فنمارس الحنين والشوق إليك ،،.. وربما نعود كي نضع رقابنا تحت مقصلتك عن طيب خاطر بينما النفي المركب يمارس كل سطوته علينا وفي كل الأمكنة .. فنحن – ياوطني – منفيون بالخارج مثلما نحن مبعثرون بالداخل.
وأين غاب حضن وطني الوسيع ..؟
وطني الذي كان يُريح المتعبين ، ويُسعد المكروبين ، ويستنهض همم المستضعفين ، ويُنزل السكينة على قلوب الذين يكابدون شدائد الحياة في صبر وأناة .. فيكون سنداً لمن خانهم الحظ وتنكرت لهم الأيام.
أين ذهب وطني العادل..
الذي كان ينصر المجاهدين الذين صَبت نفوسهم لحياة العفة والإباء.
وطني الذي كان لمع شهاب في سماء الحرية الرحبة، وطني الذي كان بريقاً من الضوء المبهر لكل من أحتواهم الظلام أو غشيهم القهر بردائه الأثيم.
كيف أختفى، وأين توارى, ذلك الوطن الذي أشرق على العالم أجمع بضياء الحق، فنسخ به ظلام الظلم وأباطيله..؟!
أيا وطني المغتــــــرب..
لازلت أبحث عنك في الأمكنة فلا أجدك إلا مختبئاً بداخلي ، فهل لك أن تمهلني بضع ساعات ريثما أجد ذاتي ..؟! ، ثم .. كيف يحق لك – يا وطني – أن تطردني من رحابك وانا ممن يعشقون براءتك الأولى.. نقاوتك الأولى.. طهارتك الأولى،
ثم..كيف يحق لك – يا وطني – أن تُنكرني وتُشيح بوجهك عني وأنا ممن أستنبتوك في القلب شمساً .. ونبعاً ..
وجرحاً لا يندمل ..!!
أيها الوطن المتشابك بدمي .. ...
سأبحث عنك في البلدان البعيدة حيث لا يتبقى
لي منك سوى كتاب الطفولة ..
وبضع من الصبوات القديمة.
محمد السيد الصيرفي ـ مصر
أقلام واعدة
هل هلالك.. شهر مُبارك
في السعودية، الأيام العشرة التي تسبق شهر رمضان هي سباق، فالكل يحاول اقتناء أكبر كمية من التموين الغذائي، وكأننا في حالة حرب، أو كأننا اعتبرنا الصيام طوال النهار هو عقابا، وفي المقابل لنصالح أنفسنا علينا طهو من ثلاثة إلى أربعة أصناف مالحة وحلوة يوميًّا علي الإفطار، فمنظر السوبر ماركت في الأيام التي تسبق رمضان، يشبه إلى حد كبير منظر ساحات رالي سباق السيارات، ولكن في حالتنا يستخدم المتسابقون عربات التسوق، وإن استطاع قيادة أكثر من عربة، تشترك العائلة معه في هذه اللعبة، فتسوق الأم عربة الخضار، والأطفال عربات الحلوى والعصائر، ويتولي المتسابق عربة اللحوم والأجبان.
فلا عجب أن يطالب المواطن بضعف راتبه في شهر رمضان بالذات، وعائلتي من القلة القليلة التي ترفض المشاركة في هذا السباق العجيب؛ فنحن لا نمانع أن نفطر في أول يوم جبنًا وزيتونًا، ونتسحر بطاطا فقط، فالحكمة الرئيسية من تشريع شهر رمضان هي أن تتعود النفس على الصبر، وأن تشارك الفقراء إحساسهم بالجوع والحرمان، فتحثك نفسك على مساعدتهم.
أما بهذا المنظر الذي نراه يتكرر كل رمضان، فلا النفس تصبر، ولا القلب يشعر بأحد، ولا المعدة ترتاح.
وكل عام وأنتم بخير
أحمد حسين - السعودية
*******
ردود سريعة:
إلى فاطمة جوكان من المغرب: الصفحة لا تنشر الروايات الطويلة لأنها تتطلب حلقات عديدة، ومتابعة من القراء، نعتذر على رفضنا لطلبك.
ردود
إلى حازم القحطاني من السعودية: نشكرك على مشاركتك اللطيفة، ولا نخفيك ان إرسالها بالفاكس جعلها غير واضحة، نتمنى منك إرسالها ثانية او استخدام إيميل “سيدتي”