هل الموضة فن؟ سؤال عجز نقاد الموضة وعشاقها عن تقديم جواب شاف، ولكنه بديهي بالنسبة للمصور والمخرج المبدع أليكس براغر Alex Prager، فالموضة هي "من أروع الأعمال الفنية التي تدرّ ربحاً مادياً، وينتج عن التقاء هذين العالمين إبداعات فنية سنتعرف إليها معاً عبر تجارب مصممين عالميين استمدوا أجمل أزيائهم من لوحات أيقونية، تركت بصمتها على فستان أو بدلة، وترجمها البعض كالمصمم طوني ورد ليس فقط بفستان بل انهال إبداعه كزخات المطر مخلّفاً مجموعات راقية لا يختصرها زي واحد.
المصمم طوني ورد
ما الذي يجمع بين المصمم العالمي طوني ورد ودافنشي؟
سؤال طرحناه على المصمم لنتبين بالعمق تلك الصلة الوطيدة والخفية التي تقرب صلة الرحم ما بين مصمّم أزياء يمتهن الإبداع، ورسام تشكيلي مثل ليوناردو دافنشي أو نحات يحترف الفن ليفهم بريشته الحياة؟
الفن والموضة وصلة الرحم
" المصمم الناجح فنان مبدع ذو رسالة" بحسب المصمم اللبناني العالمي طوني ورد، الملقب بـ "مهندس التفاصيل"، ولكن هل كل مصمم فنان؟ أسئلة كثيرة حاولنا الإجابة عليها في هذا التحقيق الذي تطرق فيه أيضاً الى علاقة الفن بالتصميم في محاولة معمقة للإضاءة على هذه العلاقة الشائكة التي تربط المصمم المبدع بمصادر الوحي لديه تماماً "كما يرتبط الجنين برحم أمه".
قد يبدو للبعض جوابه كلاسيكياً، ولكن المصمم متأثر بأعمال الفنان الشامل ليوناردو دافنشي ولوحته "لاجوكوند"، فتلك الابتسامة الغامضة والتفاصيل المبنية على تقنية ثلاثية البعد والتي استبق بها الفنان عصره ألهمت ورد في مجموعاته حتى في لاوعيه كما يقول، فابتكار تصاميم منفذة تحت محور الرشاقة والخفة من وحي أجنحة الفراشات وانعكاسها تحت الأشعة أغنت مسيرته فأبدع في تصاميم مستقبلية، ولكنها لا تخلو من الأنوثة الساحرة التي تقترب من الخيال، ولعلّ هذا ما أراده المصمم عبر التركيز على ثلاثة عوامل أساسية في كل مجموعاته وهي:
- لعبة الضوء والظلال التي تعكسها القاعات والإنارة والتي لطالما ألهمت تصاميم طوني ورد منذ بداية مسيرته.
- مزج التقليد والحداثة فاستمد تصاميمه من هندسة الأروقة والقصور الأثرية وصاغها في قالب من الأزياء التي تشكلت بجزئها العلوي من منحنيات التصاميم الهندسية وإلتواءاتها.
- استقدام مواد معادة التدوير وأقمشة حديثة بتقنيات تفريغ متطورة ليغدو الزي تحفة فنية.
تابعي المزيد من أخبار طوني ورد واكتشفي معنا لقاء صريحاً مع المصمم طوني ورد: حب العائلة والوطن سرّ النجاح
" الفن هو احتفاء بالحياة، ولذا أنا أحتفي بالحياة في كل تصميم أنفذه" (طوني ورد)
يؤمن المصمم طوني ورد أن الفن لغة عالمية ولكنها تختلف بين شخص وآخر ويوضح فكرته بالقول: " أستعمل الفن لأرتقي بمخيلتي الى مصاف آخرى فالفراشاة لا تجسد مجرد حشرة جميلة بل هي دعوة الى الحياة من حيث أجنحتها الملونة والشرنقة البيضاء التي تحيط بها نفسها هي نفق العبور من الظلال الى الضوء".
- ولم تعتبر دافنشي الأهم فنياً؟
لأنه كان سباقاً في عصره الذهبي الذي تواجد فيه واستطاع مع زملاء له التقريب ما بين عالم الفن الحسي والهندسة والرياضيات فبات للفن منطق من بعده. وأنا اعتبر الموناليزا من أهم أعماله، فالتقنيات التي اعتمدها في التنفيذ لا تزال لغزاً فنياً وهنا تكمن روعتها فالفن لا يمكن تفسيره بإيجاز لأنه مرتبط بتجارب الرسام وبانعكاس ذلك على من يراه.
- كم مجموعة ابتكرت من وحي الفن؟
العديد من مجموعاتي مرتكزة على اعمال فنية سواء لوحات او أبنية لدرجة انني لا استطيع إحصاءها، فثمة علاقة شائكة تربط ما بين الفن والموضة ولا استطيع الجزم بالفصل، فالوحي الذي استمده من الفن قد يكون راسخاً في اللاوعي.
- ولِم لم تتعاون مع فنان على مجموعة معينة؟
لم تربطني علاقة تعاون مباشر مع فنان معين لإطلاق مجموعة "كابسول" محدودة، ولكنني أعتمد تقنيات فنية أجاهر بها وقد تكون مرتبطة بأعمال فنية كتقنية التفريغ الثلاثي البعد، ولكن الاحتمالات واردة في المستقبل.
جورج شمعون..الفن والموضة وما بينهما
- كيف تصف العلاقة بين الفن والموضة؟
شكلت الفنون على أشكالها مصدر إلهام لعالم الموضة، فثمة علاقة وطيدة تجمع بين هذين العالمين، ولا يمكن لمصمم أزياء أن يبدع في عمله من دون أن يكون فناناً خلاقاً في مجاله، ويبتكر أعمالاً مبهرة تجذب الجمهور. وهناك العديد من المصممين استوحوا مجموعاتهم من أعمال فنية معروفة على سبيل الذكر إيف سان لوران، وجون غاليانو وكارل لاغرفيلد وفكتور أند رولف... ولا يمكن أن ننسى ارتباط الموضة بالحضارات القديمة، كالحضارة الفرعونية والعربية والإفريقية والآسيوية، والتي شهدنا بصمتها في العديد من العروض لدور ديور وشانيل وبالمان وإيلي صعب وزهير مراد. كما تطورت الموضة لتعاصر الفن الحديث، فلا يمر يوم من دون ابتكارات جديدة في عالم الموضة خاصة في زمن السرعة والتكنولوجيا الذي نعيشه.
- هل الفن مرادف للموضة؟
أعتبر أن الموضة نوع من الفنون، لأنها شاملة وتجمع العديد من الفنون منذ اللحظة الأولى، حيث يلجأ المصمّم الى الرسم لتنفيذ مجموعته وللموسيقى خلال إطلاق التصاميم على منصة العروض، لذا لا يمكن الفصل بين الموضة والفن، والعكس صحيح حيث أن بعض الفنانين التشكيليين خلّفوا ملابس ومجوهرات وعمدوا الى إبرازها بشكل جميل في أعمالهم الفنية. وحتى في عالم التمثيل والرقص والغناء، الموضة حاضرة بشكل كبير، وعنصر أساسي لاكتمال العمل الفني، ونذكر منها فرق الرقص العالمية مثل مولان روج وكركلا. وهناك فنانون عالميون يلفتون النظر بستايلهم الخاص مثل ليدي غاغا وبيونسيه، وجنيفر لوبيز وغيرهن من جميلات الفن العربي، ثمة من تميزن كالأسطورة صباح والسيدة فيروز والفنانة سعاد حسني وهند رستم وصولاً الى نجمات مثل هيفاء وهبي وسيرين عبد النور. يمكننا أن نستنتج أن الفن والموضة يكمّلان بعضهما وعلى كل مصمم أن يكون فناناً ليخلد اسمه في متاحف ضخمة لأهم المصممين مثل ديور وسان لوران.
- وكيف يؤثر الفن على عملك كمنسق وخبير للموضة؟
الفن هو مصدر إلهامي إضافة الى الطبيعة، فبالنسبة لي أحب الفنون بأشكالها وأتابع المستجدات ليس فقط في عالم الموضة، بل أعشق المتاحف والمعارض. أحب أن اكون ملماً بكل الفنون خاصة أنني كنت مصمم ديكور قبل دخول غمار التصميم وبعدها أطلقت مؤخراً مجموعة خاصة بالرجال. قد أستوحي من لوحة معينة طريقة تنسيق الألوان أو من تحفة هندسية او قطعة أثاث، تقنية خلط الأقمشة والمعادن مع بعضها. وتلفتني الحضارات في تقنية تنسيق الألوان والأكسسوارات وخاصة المكسيكية والهندية.
- وكيف تستلهم من الفن لدى تنفيذك حملة إعلانية أو قبل إطلاق مجموعة تصاميم؟
مع كل عمل لا بد من أن أستوحي من عمل فني أو معلم سياحي أو من حيوان وفي الكثير من الأحيان استوحي مما أراه على السوشال ميديا أو من وسائل الإعلام فاستهلم من لوك شخصية ما واستمد منها مصدر إبداعي كما استوحي من خبراء الجمال والمصورين المحترفين لأنطلق من فكرة معينة لأبني عليها المود بورد الخاص بالعمل الذي نصوّره.
- وما برأيك أشهر أشكال التعاون التي ربطت ما بين الفن ودور الأزياء؟
أعتبر أن التعاون الأشهر بالنسبة لي هو ما نتج عن تعاون يايوي كوساما Yayoi Kusama ودار لويس فويتون Louis Vuitton، وما بين مديرة دار ديور Dior الإبداعية ماريا غراتزيا كيوري Maria Grazia Chiuri مع فنانين عالميين.
أسلوب سريالي لأغراض تسويقية
تعتبر اليوم دور لويفي Loewe وسكياباريللي Schiaparelli وكوم دي غارسون Comme Des Garcons من الدور المستقبلية التي تستمد إلهامها من المنحوتات العصرية لتنفيذ تصاميم فنية تحدث شهقة عالية للناظرين اليها، ولكنها تثير حتماً تساؤلات عديدة حول سبل ارتدائها؟ هذه التصاميم ستجد حتماً طريقاً الى معجبيها من النجمات أمثال كايلي جينير ودوجا كات وليدي غاغا وبيونسي، ولكن هل تستطيع الدار عبر خطتها التسويقية هذه من إقناع الناس بشرائها؟
لناخذ مثالاً فستان Anthorium Dress الذي صممته دار لويفي والمستوحى من الزهور والذي يبدو جميلاً على منصة العرض ولكن هل حقق مبيعات هائلة أم معقولة؟ وهل تلقت الدار طلبات لشراء حذاء Petal Heels البنفسجي الذي يحاكي أوراق النبات؟ وحدها الدار هي التي تدرك حقيقة العرض والطلب ولكننا لا نملك الجواب الشافي.
الموضة إبداع والإبداع يعتمد على المخيلة التي قد تذهب بعيداً كما حصل مع دار سكياباريللي عندما ظهرت كايلي جينير Kylie Jenner المؤثرة الحسناء وهي ترتدي زياً للدار يزدان برأس حيوان، الأمر الذي أثار حفيظة الجمعيات المدافعة عن الحيوانات على الرغم من علمهم أن الرأس الموضوع على الفستان ليس حقيقياً، ولكن الفكرة التي أرادت الدار من خلالها تسويق المجموعة أو تسليط الضوء عليها، لم تكن بالذكاء الكافي كما اعتبرها الحضور ولم تخدم العرض. الفن هو لغة الشارع كما تقول كوكو شانيل، هو النفس الذي نتنشقه، ولكن الإبداع جنون فما نفع الحياة من دون تجارب جديدة؟
تابعي معنا جديد التصاميم العالمية التي تحمل توقيعاً عربياً واكتشفي ما يلي: المصممون العرب يبدعون في مهرجان البحر الأحمر السينمائي
