برأيك لماذا تعد الأحجار الكريمة قطعاً نفيسة وثمينة وبعضها نادر الوجود؟ الإجابة على هذا السؤال تتطلب عشرات السطور والتي لن تكون كافية لتقديم إجابة وافية، فلكل حجر كريم قصّته التي كُتبت خلال ملايين السنين، تبدأ من مرحلة التشكل المليئة بالعجائب الكونية، بعدها تأتي رحلة الوصول إلى سطح الأرض، ليأتي دور البشر من علماء وأخصائيين في البحث والتنقيب والتعدين، يلي هذه المرحلة دراسات ميدانية ومختبرية تطلعنا على أسرار كل حجر من عوامل وعناصر أدت إلى تشكله وحصوله على لونه المحدد، في المحصلة نحن نعلم اليوم بأن الأحجار الكريمة تتشكل بثلاث طرق، إما أن تتبلور داخل طبقة الوشاح الأرضي بفعل درجات الحرارة العالية جداً وهنا نعني تشكلها من الصهارة النارية، أو أثناء مرور الماء عبر الأرض وهذا ما يسمى بالمحاليل الحرارية المائية، أو عن طريق إعادة بلورة المعادن الموجودة مسبقًا أثناء التحول.
سنخصص هذا المقال للتوسع في الحديث عن الأحجار الكريمة الساحرة التي تتشكل بفعل مياه الأمطار، وهي أحجار الفيروز، الأوبال، اللازورد والملاكيت.
تشكّل الأحجار الكريمة بفعل الماء في طبقات الأرض
تبدأ حكاية هذه الأحجار من لحظة هطول الأمطار على الأرض، ولتسهيل الأمر دعينا نتخيل سوياً الماء وهو يترسب في التربة ومنها إلى طبقات الأرض السفلية، خلال ترسبه يلتقط الماء مواد كيميائية تحوله إلى حمض ضعيف، يتم تسخينه بفعل حرارة الطبقات السفلية أو قد يتم خلطه بمواد كيميائية، وهنا قد يصبح الحمض الناتج شديد التآكل، ما يعطي الماء القدرة على إذابة المزيد من المعادن.
تستمر رحلة تسرب الماء عبر الأرض، ويلتقط العديد من المكونات الأخرى وفي بعض الأحيان يصبح مشبعاً جداً بحيث لا يمكنه حمل المزيد، لذلك يترك الفائض في شقوق ومسام الصخور الموجودة. هذه هي الطريقة التي يتم بها إنشاء الحفريات والخشب المتحجر.
في حالات أخرى وهي الحالات التي تهمنا في هذا المقال، يواجه الماء مجموعات من المعادن التي تؤدي إلى تفاعل كيميائي، يتم بعد ذلك ترسيب المعادن الذائبة كمعادن جديدة في الطبقات والتجاويف. هذه هي الطريقة التي يتم بها إنشاء الأوبال والفيروز والأزوريت والملكيت.
تكوين الأوبال، اللازورد، الملاكيت والفيروز
لنتعرف إلى طريقة تشكل الأوبال لا بدّ من البدء بالسيليكا، وهي ثاني أكسيد السيليكون وهو مركب من السيليكون والأكسجين SiO2 أي أكثر عنصرين وفرة في قشرة الأرض إذ تبلغ كتلة القشرة الأرضية 59% من السيليكا وهي المكون الرئيسي لأكثر من 95% من الصخور المعروفة منذ ملايين السنين.
خلال العصر الطباشيري، كان جزء كبير من وسط أستراليا مغطى بالبحر الداخلي. وعندما جفت، تركت المنطقة مغطاة برمال غنية بالسيلكيا الذي كان يُذاب بالمطر.
خلال فصل الصيف الحار والجاف، تتبخر المياه الجوفية إلى النقطة التي لا تستطيع فيها المياه المتبقية الاحتفاظ بالسيليكا ليتم ترسيب الفائض منه في طبقات وتجاويف ليس بعيدة عن السطح، فتصبح رواسب السيليكا هذه هي الأوبال والذي يقسم لثلاث مجموعات: أوبال أبيض، أسود وناري.
هنا يمكنك مشاهدة جواهر الأوبال الخلابة
عندما تمر المياه الغنية بالنحاس عبر الحجر الجيري يتكون اللازورد أو الملكيت.
وعندما يلتقط الماء بعض الفوسفور مع النحاس أثناء تسربه للطبقات السفلية من الأرض يتشكل حجر الفيروز.
كيف تخرج الأحجار الكريمة إلى سطح الأرض؟
تخرج الأحجار الكريمة إلى سطح الأرض أثناء الانفجارات البركانية، تصل معظمها إلى السطح على مدى فترات طويلة من الزمن، تؤدي حركة الصفائح القارية إلى ارتفاع الجبال. وبعد ذلك، تؤدي سنوات من العوامل الجوية إلى سقوط الجبل، تاركة رواسب الأحجار الكريمة بالقرب من السطح، تستغرق هذه العملية عدة ملايين من السنين.
اكملي القراءة وتعرفي إلى دور المجوهرات المرصعة بالأحجار الكريمة في حياة المصريين القدماء؟