مدينة شبام الأثرية، تعد إحدى مواقع التراث العالمي، وتوصف بأنها "مانهاتن الصحراء"، كما توصف بأنها أقدم مدينة لناطحات السحاب في العالم، وتشكل المدينة المسوّرة التي تعود إلى القرن السادس عشر أحد أقدم النماذج وأفضلها للتنظيم المدني الدقيق المرتكز على مبدأ البناء العمودي.
وقد وصفت صحيفة "ميترو" البريطانية، مدينة شبام في صحراء اليمن التي تحتوي على ناطحات سحاب بنيت من مادة غير معتادة، إذ تحول الطين إلى الطوب اللبن، بـ "مانهاتن الصحراء"، مستعرضة في ذات الوقت جمالها وتميزها، حيث صنعت من الطين بالكامل.
كما أثنت الصحيفة على أسلوب بناء ناطحات السحاب هذه، مشيرةً، إلى أنه أسلوب فريد من نوعه، وقالت: "مانهاتن الصحراء صنعت من طين جيء به كفكرة مبتكرة في مقاومة العوامل الجوية".
شبام أقدم مدينة ناطحات سحاب في التاريخ
تقف ناطحات السحاب الطينية في مدينة شِبَام بحضرموت كواحدة من أبرز الشواهد الحية على الإبداع والقوة إذ يبلغ عمر بعض تلك المباني حوالي 500 عام، كما أنها مصنفة منذ أربعة عقود على قائمة منظمة "اليونسكو" لمواقع التراث العالمي.
العمارات الشاهقة المبنية من الطُّوب في تلك المدينة تقف منتصبة بعضها إلى جانب بعض كما لو كان بعضها مستنداً إلى بعض في مساحة تضم أكثر من 450 مبنى ألوانها ترابية ورملية ومعظمها مربعة الشكل، وهي أبراج سكنية مرتفعة إلى 25 متراً في السماء، وهذا هو سبب تسمية شبام أيضاً بـ "مانهاتن الصحراء" على اسم منطقة "مانهاتن" في مدينة نيويورك الأمريكية، لكن الفرق أن شبام اليمنية أقدم بكثير من "مانهاتن" الأمريكية.
أين تقع المدينة الأثرية؟
تقع مدينة شبام في محافظة حضرموت شرقي اليمن، وتعتبر في قلب المحافظة، حيث تقع بين مدينة سيئون ومدينة القطن وتبعد عن العاصمة صنعاء حوالي 990 كيلو متر وعن عاصمة محافظة حضرموت المكلا 350 كيلومتر، كما أنها على بعد 21.5 كيلومتر عن مدينة سيئون، مركز وادي حضرموت.
مدينة شبام التاريخية تتميز بمبانيها البرجية العالية المبنية بالطابوق اللبني المجفف بأشعة الشمس الذي يصل ارتفاعها إلى سبعة طوابق، ما حمل البعض على وصفها بـ "مانهاتن الصحراء، وذلك وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم "اليونسكو".
أصل تسمية المدينة
وبحسب المؤرخين، فقد سميت مدينة شبام بهذا الاسم نسبة إلى اسم ملكها (شبام بن حضرموت بن سبأ الأصغر)، وفي رواية أخرى، بسبب أن سكان شبوة عند تهدمها نزحوا إلى هذا الموقع وسط الوادي وسموها (شباه) تم تحولت التاء إلى ميم.
لكن البعض من المهتمين بتاريخ المنطقة يرى أنّ اسم شبام ربما يكون اسمًا لأحد الملوك او المكاربة (حكام قدماء) أو كاهنًا أو قائدًا كبيرًا في المنطقة في ذلك الوقت، خاصة وأن كثيرًا من المدن تسمى بهذا الاسم، مثل: شبام كوكبان وشبام الغراس وشبام حراز وغيرها من المناطق، ويقال بأنّ اسم المنطقة يعود إلى كونه أول بانٍ لمدينة شبام حضرموت.
تصميم مدينة شبام التاريخية
وصُممت المدينة على هيئة مستطيل محصن مقسم إلى شوارع وساحات، عند محطة هامة للقوافل على طريق تجارة التوابل والبخور واللبان عبر الهضبة الجنوبية لجزيرة العرب.
وقد بُنيت مدينة شبام التاريخية عند جرف أو منحدر صخري يرتفع عدة مئات من الأمتار فوق قاع الوادي، لتحل محل سابقتها التي دمّرها جزئياً فيضان جارف في عامي ١٥٣٢-١٥٣٣، وسَلم منها المسجد الجامع الذي يعود لفترة القرن التاسع أو العاشر للميلاد والقلعة التي يرجع تاريخها إلى القرن الثالث عشر للميلاد.
ما أصول المدينة التاريخية؟
ترجع أصول شبام أعلى مدينة ناطحات سحاب في العالم إلى فترة ما قبل الإسلام حيث علا نجم هذه المدينة حتى صارت عاصمة مملكة حضرموت في عام ٣٠٠ للميلاد بعد تدمير عاصمتها السابقة شبوة الواقعة في أقصى غرب وادي حضرموت.
وفي القرن التاسع عشر، قام التجار العائدون من آسيا بتجديد المدينة المسورة وإنعاشها فتوسعت منذ ذلك الحين في اتجاه الضفة الجنوبية للوادي مكونة ضاحية جديدة هي الساحل، وقد تدهورت أوضاع المدينة نتيجة لتظافر عوامل عدة منها:
- التخلي عن نظام التحكم بمياه الفيضان وإدارتها لأغراض الزراعة في الوادي.
- إرهاق النظم التقليدية للصرف الصحي بإدخال الطرق الحديثة لإسالة أو امدادات المياه لا سيما مع عدم وجود نظام للمجاري أو تصريف المياه يلائم هذه التطورات.
- التغييرات المستحدثة في إدارة الثروة الحيوانية.
التخطيط العمراني لمدينة شبام
ويمثل التخطيط العمراني المكثف لـ المدينة الأثرية في بيوتها البرجية المتلاصقة وسورها الخارجي استجابة حضرية لضرورة حماية النفس والممتلكات، فضلاً عن تعزيز المكانة الاقتصادية والسياسية، ووفقاً لهذا التخطيط فتشكل مدينة شبام القديمة المسورة وبيئتها الطبيعية في وادي حضرموت نموذجا رائعاً للمستوطنات البشرية واستخدام الأراضي وتخطيط المدن.
وعند النظر إلى المعمار المحلي لمدينة شبام، بما في ذلك منظرها وهي تتطاول منبثقة من السهل الفيضي للوادي؛ وتصميمها الوظيفي والعملي؛ ومواد البناء وتقنياته، نجد أنها تعبر بمجموعها تعبيراً جميلاً وجلياً عن الثقافة العربية والإسلامية التقليدية، ولكنها في المقابل سريعة التعرض للأخطار وشديدة التأثر بها.
اطلعي على: الفاو.. جسرٌ إلى الماضي يعكس الثراء الثقافي
يمكنكم متابعة آخر الأخبار عبر حساب سيدتي على منصة اكس