فيديو.. حرائق الغابات في كاليفورنيا: بين الإهمال البشري وكوارث الطبيعة

كل عام تتحول مساحات شاسعة من غابات كاليفورنيا إلى رماد، وتتحول حياة الآلاف من السكان إلى فوضى بفعل حرائق مستعرة يصعب السيطرة عليها. شرارة صغيرة قد تشعل جحيماً هائلاً، يتكرر في نفس الأماكن عاماً بعد عام، دون حلول حاسمة تمنع الكارثة. لكن ما الذي يجعل كاليفورنيا أرضاً خصبة لمثل هذه الحرائق المدمرة؟ وكيف تتداخل العوامل الطبيعية والبشرية؛ لتُشعل فتيل النيران؟ والأهم، لماذا ترفض شركات التأمين تغطية المنازل في هذه المناطق، ما يجعل الخسائر كارثية على السكان؟ أسئلة كثيرة نطرحها في هذا التقرير، لنفهم معاً أبعاد الأزمة وأسبابها.

كيف تتحول شرارة صغيرة إلى جحيم هائل؟


حرائق الغابات في كاليفورنيا ليست مجرد ظاهرة طبيعية عابرة، بل هي نتيجة تداخل عوامل عديدة. من بين هذه العوامل، هناك أسباب طبيعية مثل البرق الذي قد يشعل شجرة أو عشبة جافة. ولكن المثير للدهشة أن 85% من هذه الحرائق تنجم عن تدخل البشر، سواء كان ذلك بسبب الإهمال أو حوادث غريبة مثل ما حدث في عام 2020 عندما تسبب جهاز دخان في حفلة للكشف عن جنس الجنين في إشعال حريق هائل دمّر أكثر من 22 ألف فدان، وأدى إلى إجلاء الآلاف من السكان، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية bbc.

انتشار حرائق كاليفورنيا وتوسعها - المصدر : FREDERIC J. BROWN / AFP

دور خطوط الكهرباء في إشعال الحرائق


كما تلعب خطوط الكهرباء دوراً رئيسياً في إشعال حرائق الغابات، خاصة مع الرياح العاتية مثل رياح "سانتا آنا" التي تتسبب في قطع الأسلاك أو اصطدامها، ما يولّد شرارات كافية لاندلاع حرائق ضخمة. أحد أخطر الأمثلة كان "حريق كامب فاير" عام 2018 الذي نشأ عن عطل في خطوط شركة الكهرباء PG&E، وأسفر عن تدمير مدينة "باراديس" بشكل شبه كامل، مما أجبر الشركة على دفع مليارات الدولارات كتعويضات، بحسب cnn الأمريكية.
إليكم أيضاً: حرائق لوس أنجلوس تهدد الأوسكار.. هل نشهد الإلغاء الأول في تاريخ الحفل؟

لماذا تخرج الحرائق عن السيطرة؟


كاليفورنيا تعاني من جفاف شديد وارتفاع كبير في درجات الحرارة، مما يحوّل غاباتها إلى "وقود جاهز" للاشتعال. الأشجار والأعشاب الجافة تُعد بيئة خصبة لاندلاع النيران، وأي شرارة صغيرة قد تتحول إلى حريق هائل بفعل الرياح القوية. بالإضافة إلى ذلك، تصعّب التضاريس الجبلية من وصول فرق الإنقاذ، وهو ما يحدث بشكل متكرر في مناطق مثل ماليبو وسانتا مونيكا وباسيفيك باليساديس، بحسب (National Interagency Fire Center (NIFC.

المنازل في دائرة الخطر


في المناطق المعرضة للحرائق في كاليفورنيا، تصبح المنازل، بغض النظر عن قيمتها، هدفاً للخطر المستمر، وهو ما أدى إلى أزمة حقيقية في سوق التأمين. المنازل الواقعة في مناطق مثل ماليبو، سانتا مونيكا، وباسيفيك باليساديس تُصنّف على أنها عالية الخطورة، مما يدفع شركات التأمين إلى تجنب تغطيتها أو فرض أقساط باهظة تجعل التأمين أقرب إلى المستحيل.

وفقاً للإحصائيات، أكثر من 75% من المنازل في هذه المناطق لا تتمتع بتغطية تأمينية كافية أو لا تخضع لأي تأمين على الإطلاق. السبب الرئيسي هو أن شركات التأمين تعتبر تغطية هذه المنازل مخاطرة مالية كبيرة، حيث تتوقع أن تضطر لدفع تعويضات ضخمة عند وقوع أي حريق. حتى في الحالات التي توافق فيها الشركات على التأمين، تكون الأقساط المطلوبة مرتفعة بشكل غير معقول، قد تصل إلى أضعاف تكلفة التأمين العادي في المناطق الأخرى.
شركات التأمين تبرر ذلك بالقول إن المنازل في هذه المناطق تواجه مخاطر مؤكدة تقريباً، نظراً للظروف المناخية والجغرافية التي تجعل الحرائق أمراً متكرراً. وبالتالي، بالنسبة للشركات، تغطية هذه المنازل لا تمثل استثماراً مربحاً، بل خسارة مؤكدة على المدى البعيد.

الأزمة تتفاقم عندما يتعلق الأمر أيضاً بالمنازل الفاخرة التي تُقدّر قيمتها بملايين الدولارات، مثل منازل المشاهير والنجوم. فعلى سبيل المثال، العديد من المشاهير، مثل ميل غيبسون وباريس هيلتون، فقدوا منازلهم في حرائق الغابات دون أن يتمكنوا من استعادة قيمتها بالكامل بسبب رفض التأمين أو عدم كفايته.