الترجمة أحد الفنون الراقية، وهي تُعتبر وسيلة نقل ثقافات وحضارات الأمم العالمية وعاداتها وطقوسها وتقاليدها من لغة إلى أخرى، وهي أيضاً وسيلة كبيرة لإثراء اللغة وتطويرها بالثقافات والحضارات المختلفة على أرجاء المعمورة، وتُعتبر جسراً للتواصل بين الشعوب والحضارات لنقل التراث الفكري بين الأمم، وما لها من أثر في نمو المعرفة الإنسانية عبْر التاريخ.
يقول الكاتب والأديب أحمد مندور، عضو اتحاد كتاب مصر لـ«سيدتي»: الترجمة هي عملٌ حضاري لا يمكن الاستغناء عنه مهما بلغنا من رقيّ وتقدم؛ فهي تلعب دور الوساطة بين اللغات المختلفة، ولولاها ما استفادت كل أمةٍ من علوم وفنون الأمم الأخرى، ولا ازدهر المحتوى العلمي والمعرفي الإنساني، ولا نشطت حركة التفاعل فيما بين الشعوب بعضها البعض، هنا تقدم لك سيدتي بعض الكتب الأكثر ترجمة في العالم.
• كتاب ثروة الأمم.. آدم سميث
من أعظم مؤلفات الترجمة للاقتصادي والفيلسوف والأخلاقي الأسكتلندي آدم سميث، وقد نُشر الكتاب لأول مرة عام 1776، وهو العام الذي استقلت فيه الولايات المتحدة عن المملكة المتحدة؛ فكان بدايةً لاستفحال الرأسمالية وانطلاق الثورة الصناعية بعد صحوة المارد الأمريكي، ورغم مرور أكثر من قرنين على نشر الكتاب؛ فإنه مازال مثيراً للجدل؛ إذ يَعدُّه كثيرون بدايةً لبزوغ الرأسمال.
ينطلق كتاب "ثروة الأمم" من فكرة بسيطة مُفادها أن الأفراد قادرون على تنظيم شؤونهم الاقتصادية بأنفسهم ومن دون تدخُّل الحكومة، ويقدم أول وصف على مستوى العالم لكيفية بناء ثروة الأمم، ويعَد اليوم مرجعاً أساسياً في علم الاقتصاد الكلاسيكي، ويرى سميث أن ثروة كل أمة تقاس بقدرتها الإنتاجية، وتناول الإنتاجية كمقياس للثروة التي يمكن مضاعفتها بتقسيم العمل، واهتم بطرق توزيع الثروة في المجتمع، ووسائل تنظيم التجارة وتقسيم العمل؛ فهذا الكتاب يُعتبر مرجعاً تاريخياً لا غنى عنه للدراسين والقراء، ومن هنا تأتي أهمية ترجمته التي يمكنها أن تعيد معاينة أفكار سميث الخلّاقة، في ضوء النظريات الاقتصادية الحديثة وتيارات العولمة.
• كتاب مقدمة ابن خلدون.. عبدالرحمن بن خلدون
ومقدمة ابن خلدون، كتاب ألّفه المؤرخ العربي ابن خلدون عام 1377، وهو عالمٌ من علماء العرب والإسلام، برع في علم الاجتماع والفلسفة والاقتصاد والتخطيط العمراني والتاريخ، وبنى رؤيته الخاصة في قراءة التاريخ، وذلك بتجريده من الخرافات؛ ليكون أوّل من طبق المنهج العلمي على الظواهر الاجتماعية، ويعَد الكتاب نظرة مبكرة على التاريخ العالمي، ويعدُّه بعض المفكرين المعاصرين أولَ عمل يتناول علم الاجتماع والديموغرافيا والتاريخ الثقافي، وقد اعتُبر الكتاب لاحقاً مؤلَّفاً منفصلاً ذا طابع موسوعي؛ إذ يتناول فيه جميع ميادين المعرفة، من الشريعة والتاريخ والجغرافيا والاقتصاد والعمران والاجتماع والسياسة والطب.. وقد تناول فيه أحوال البشر واختلافات طبائعهم، والبيئة وأثرها في الإنسان، كما تناول بالدراسة تطور الأمم والشعوب، ونشوء الدولة وأسباب انهيارها؛ مركّزاً في تفسير ذلك على مفهوم العصبية.. بهذا الكتاب سبق ابن خلدون غيره من المفكرين إلى العديد من الآراء والأفكار؛ حتى اعتُبر مؤسساً لعلم الاجتماع، سابقاً بذلك الفيلسوف الفرنسي أوغست كونت، ويمكن تلخيص المقدمة في مجموعه نظريات وأسس وضعها ابن خلدون؛ لتجعل منه المؤسس الحقيقي لعلم الاجتماع.
• قصة الأمير الصغير.. أنطوان دو سانت إكزوبيري
والكاتب هو أنطوان دو سانت إكزوبيري، وقد كان كاتباً وطياراً فرنسياً، عاش من عام 1900 إلى عام 1944.. وتعَد قصة الأمير الصغير أحد أشهر الكتب المحبوبة في القرن العشرين، ورواية الأمير الصغير رواية محبوبة للكاتب والطيار الفرنسي أنطوان دو سانت إكزوبيري.. تتحدث القصة عن مغامرات أمير شاب يسافر من كوكب إلى كوكب؛ بحثاً عن المعرفة والفهم، ومنذ نشر الكتاب في عام 1943، حظي الكتاب بالترجمة إلى أكثر من 300 لغة؛ مما يجعله أحد أكثر الكتب المترجمة في العالم.. تم بيع أكثر من 140 مليون نسخة من الكتاب في جميع أنحاء العالم، ولايزال يحظى بشعبية لدى القراء من جميع الأعمار، وقد ألهمت هذه القصة المسرحيات والأوبرا وأفلام الرسوم المتحركة، وهي تحظى بشعبية كبيرة بين القراء، وقد أشاد النقاد بالكتاب بسبب رؤيته الفلسفية ولغته الشعرية وموضوعاته الدائمة، المتمثلة في الحب والصداقة والبحث عن معنًى في الحياة.
• قصة الخيميائي.. باولو كويلو
تُعتَبَر رواية الخيميائي من أهم الروايات العالميّة التي نالت حظها من الترجمة، والتي استلْهَمَ حبكة قصّتها من قصّة بورخيس القصيرة "حكاية حالمين"، وقد أشاد بها النُقّاد بشكلٍ كبير، وتُرجِمَت إلى 81 لغة، وهذا ما جعلها تدخل موسوعة غينيس كأكثر كِتَاب مُتَرجَم لمؤلِّف على قيد الحياة مبيعاً، وقد بيع منها منذُ تاريخ صدورها في العام 1988م إلى الآن، قرابة الـ 210 ملايين نسخة في أكثر من 170 بلداً؛ ممّا جعلها واحدة من أكثر الكُتُب مبيعاً على مرّ التاريخ، وتدور القصّة عن أحد الرعاة الأندلسيين واسمه "سانتياغو"، وهو شاب صغير حلم ذات ليلة بأنَّه وجد كنزاً مدفوناً، وعاد الحُلم إلى سانتياغو مرّتين، وفيه رأى أنَّ الكنز مدفون في مصر عند أهرامات الجيزة؛ فتجاهل الشاب سانتياغو الحُلم؛ فقابل عرّافة وأخبرها بما رأى في نومه؛ فأكدتِ العرافة لسانتياغو وجود الكنز، وتتوالي الأحداث الشيقة.
• قصة دون كيشوت.. ميغيل دي سرفانتس
تعَد الرواية من أعظم الأعمال الروائية الخيالية، التي تركز على تحقيق الأهداف وتطوير الشخصية، برغم ما يدور بها من أحداث، وهذه الرواية اعتُبرت بداية لتاريخ الواقعية الأدبية، رغم اعتمادها على الخط الملحمي والغناء والكوميديا والمأساة والملهاة معاً في بنائها الفني والسردي، وقدحققت الرواية نجاحاً كبيراً، وتُرجمت إلى أكثر من 60 لغة في العالم، وتم وضعها في مصاف الأعمال الكبرى، وخصص كاتبها ثلاثة فصول كاملة منها للجزائر.. ويقول المختصون: وهذه الرواية تكتسب أهميتها الأدبية من حيث إنها أول عمل يؤسس لنوع أدبي جديد يسمى "الرواية"، وهو لم يكن موجوداً قبل دون كيشوت، أجمل ما في قصة سرفانتس أنها لا تنتهي؛ إذ مازالت رواية مفتوحة بعد أربعة قرون، وهي رواية عن مقاومة شر البشر والانتصار للضعيف.
• قصة أليس في بلاد العجائب.. لويس كارول
وهي رواية للأطفال مكتوبة سنة 1865، كتبت رواية "أليس فى بلاد العجائب" للأطفال سنة 1865، من قِبل عالم الرياضيات الإنجليزى تشارلز لوتويدج دودسون، تحت اسمه المستعار لويس كارول، وهي تحكي عن فتاة تُدعى أليس، والتي تسقط من خلال جحر أرنب إلى عالم خيالي تسكنه مخلوقات غريبة.. تتلاعب الحكاية بالمنطق؛ مما أعطاها شعبية دائمة عند الأطفال والبالغين على حد سواء، ويُعتبر سرد القصة وهيكلتها وشخصياتها كانت جد مؤثرة في كلٍّ من الثقافة الشعبية والأدب، وخصوصاً في مجال الخيال، وتُرجمت الرواية إلى 174 لغة على الأقل، من بينها اللغة العربية واليابانية.