أسوان تراث شعبي مذهل وموروث ثقافي ضارب بجذور الزمن

النيل يشق طريق عبر بيئة أسوان الساحرة
النيل يشق طريق عبر بيئة أسوان الساحرة

تطل أسوان المدينة المصرية العريقة بزخمها وتفاصيلها المتجذرة بالزمن، والضاربة بجذورها منذ آلاف السنين في عمق التاريخ. لم تتخلَّ عن أصالتها وعراقتها، ولم تنصهر أو تتماهى مع ثقافات متراكبة وعادات وتقاليد وافدة؛ بل ظلت صامدة شامخة تحفظها ذاكرة الأجداد، وتتناولها أقاصيص الجدات، في جلسات السمر المسائية والاجتماعات العائلية؛ فتنتقل من جيل لجيل، لا تخلو من بعض الإضافات والمبالغات والتغييرات التي تلائم الزمن وتتسق مع العصر.

مدينة الذهب مركز تجاري منذ عهد الفراعنة

بحسب الموقع الرسمي للهيئة العامة للاستعلامات sis.gov.eg؛ فأسوان هي البوابة الجنوبية لمصر، ويطلَق عليها: مدينة الذهب، مصر السمراء. كانت معروفة باسم سونو منذ أيام الفراعنة، وهذا الاسم يعني السوق؛ فقد ظهرت "سونو" للوجود في عصر الدولة القديمة؛ حيث عُدت مركزاً تجارياً للقوافل المتجهة من وإلى النوبة، وعُرفت أسوان أيضاً باسم أرض الذهب؛ نظراً لتاريخها العريق كمقبرة لملوك النوبيين الذين حكموا المدينة على مدى آلاف السنين. وانطلاقاً من تاريخ أسوان الغني، وما تمثله من قيمة حضارية وزخم ثقافي وإبداعي، تستعيد المدينة السمراء توهُّجها خلال الأيام القادمة؛ لاستقبال مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة، في دورته الثامنة، والذي يعَد بمثابة حوار سينمائي بين المبدعين بمختلف قارات العالم. يعمل على إبراز دور المرأة في المجتمع، وتسليط الضوء على أهم القضايا والتحديات التي تواجهها.
ويمكنك بالسياق التالي التعرف إلى التفاصيل الكاملة لمهرجان أسوان لأفلام المرأة قبل انطلاق فعالياته غداً

البيئة الأسوانية مَعين إبداع لا ينتهي وبوتقة خصبة للتميّز والإلهام

يقول أحمد أبوالنجا بشير– باحث في الأنثروبولوجيا الثقافية لـ«سيدتي»: "لطالما امتازت مدينة أسوان بتنوُّعها الثقـافي الهائـل؛ حيـث تلتقي العديـد مـن الثقافات الفرعية بمحافظة أسوان؛ فنجد على سبيل المثال: الثقافات الخاصة بالنوبيين، وثقافات قبائل العبابدة والبشارية، بالإضافة إلى ثقافة قبائل البجا والثقافات الوافدة للمجتمع الأسواني من كافـة المحافظات المصرية والقبائل العربيـة. كل ذلك أدى إلى وجود خليط ثقافي مميز مكون للمجتمع الأسوانى. ومن ثَمّ فقد امتلكت أسوان تراثاً شعبياً فلكلورياً مذهلاً، وموروثاً ثقافياً حافلاً من الحِرف التقليدية والفنون الشعبية، امتزج بمعارف وآداب وفنون وعادات وقيم ومعتقدات، عكست نشاط الأسوانين المعرفي المتقد، وذائقتهم الإبداعية الملهمة، وطريقة تفكيرهم المرتبطة بالبيئة المعبّرة عن الطبيعة الفطرية الغضة، والتي انعكست إرهاصاتها وظهرت تأثيراتها في مختلف مناحي الحياة، من حفلات وتجمعات وأفراح وجنازات وبمختلف المناسبات. كما ظهر بالفنون والإبداعات، من تشكيلية لتراثية وشعبية، ومن موسيقى لدراما وعمارة ورقصات عبْر مختلف الأداءات؛ لتظل البيئة الأسوانية بخصوصيتها وتفرُّدها ورموزها وأيقوناتها، مَعين إبداع لا ينتهي، وبوتقةً خصبة للتميُّز والنموّ والإلهام.

المرأة الأسوانية تحافظ على فلكلوريتها وتقاليدها بنكهة عصرية

وفي ظل الحديث عن مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة، يحدثنا أبوالنجا عن المرأة الأسوانية، يقول: المرأة الأسوانية هي ذات المرأة المصرية بمختلف سياقاتها وأحلامها وتفاصيلها ومطالبها، في التمكين والوصول لما تستحقه من مكانة، وهي بالفعل وعلى الرغم من حفاظ الأسوانيين على العادات الاجتماعية والتقاليد القَبَلية، إلا أنها استطاعت أن تتقلد أعلى المناصب. وعلى الرغم من توغُّل العصر بكثير من تكنولوجياته وآلياته، إلا أنها مازالت تحتفظ بخصوصيتها وتفرُّدها؛ فهي ترتدي زِيّها المميز بأكسسواراته اللافتة، وتحافظ على كثير من العادات والتقاليد المتوارَثة من أجداد الأجداد (كما ذكرنا آنفاً).
يقول أبوالنجا: عُرف عن المرأة الأسوانية براعتها في فنون الحياكة التقليدية؛ فقد كانت تعمد لاستخدام الأقمشة الكتانية لتفصيل الزِي المميز؛ حيث تعَد مهارة إتقان الغزل والنسيج والخياطة مهمة جداً للمجتمع الأسواني، وتختلف الملابس التقليدية لكلٍّ من النساء والرجال في أسوان.

الملابس التقليدية للمرأة في أسوان:

ترتدي المرأة عبايات وفساتين طويلة وواسعة، ويتم زخرفتها بأشكال هندسية تقوم على الشكل المثلث المقلوب والمرتفع، الذي يتلاقى أو يتقاطع مع خطوط جميلة منسوجة في القماش الملون، ويكرَّس المثلث كأيقونة بصرية هندسية للبيئة الطبيعية، وهو مأخود بالأساس من شكل الجبل.
يؤكد أبوالنجا أن الثقافة الأسوانية تقدّر ارتداء النساء للمجوهرات الذهبية؛ فنظراً لشيوع المعدن النفيس؛ فالنساء كن يُفضن في ارتداء القلادات والأساور والخواتم الضخمة والأقراط الذهبية الكبيرة، كما كن يرتدين الخلاخيل والكردان، وهو عبارة عن مجموعة من الأقراص الذهبية التي يتم تجميعها بطريقة فنية، وتمتاز بكبر حجمها ودقة صناعتها وكثرة تفاصيلها، وهي جزء لا يتجزأ من الزِي التقليدي؛ حيث تقاس مكانة المرأة في مجتمعها وعراقة أصلها وثراؤها، بمقدار ما ترتديه من حُلي ذهبية.
بالإضافة للمجوهرات، تضع النساء أيضاً مساحيق التجميل كالكحل الأسود، ويغطين رؤوسهن بوشاح ثقيل أسفله، يتم تصفيف الشعر بطريقة الضفائر. على صعيد آخر؛ فالزي التقليدي للرجال في أسوان كان الجلاليب البيضاء، مع وشاح ملفوف حول أعناقهم وعمامة، كما يرتدون صديرية سوداء.
ويمكنك التعرف بالسياق التالي إلى: أسوان وجهة غنية بالمعالم الأثرية الجاذبة لعشاق التاريخ