الأديبة ريم أبو عيد: الإبداع الحقيقي لا يصنف بنوع كاتبه

مؤلفة شابة تؤلف كتاباً وتسند يدها على وجنتها
الكاتب الحقيقي يمتلك المشاعر والأحاسيس الإنسانية الصادقة
الحراك الثقافي جزء لا يتجزأ من عمليّة تقدّم المجتمعات وتطورها، ويعد المعبّر الأول عن حالة المجتمع، وهو وسيلة للرقيّ وتنمية وازدهار المجتمع، وفي ظل التحديات التي يواجهها الأدب الرقمي لإثبات حقه في الأدب وإثبات وجوده، توجهت البشرية نحو عالم جديد يشبه الواقع في شكله ومواصفاته المادية والحسية، وفي ظل التحديات التي فرضها العصر الحديث على مختلف سياقات الإبداع سيدتي التقت الأديبة ريم أبو عيد كاتبة وروائية وسيناريست وعضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر، في حوار حول إشكالية الأدب في عالم متغير تصارعه موجات العصرنة ودفقات التكنولوجيا التي فرضت سطوتها على كافة مناحي الإبداع.

المرأة الأديبة والحراك الثقافي بالمنطقة

كل أديبة تختلف عن الأخرى في منظورها ورؤيتها للأمور تبعاً لفكرها الشخصي

تقول ريم أبو عيد لسيدتي: لا شك أن كل أديبة تختلف عن الأخرى في منظورها ورؤيتها للأمور تبعاً لفكرها الشخصي والأهداف التي ترغب في تحقيقها من تواجدها في دائرة هذا الحراك وما تريد أن تصل إليه من نجاحات في مجالي الكتابة والإبداع، وأيضاً تختلف هذه النظرة باختلاف البيئة الثقافية والفكرية والمجتمعية لكل امرأة أديبة في إطار مجتمعها العربي.
وعن رؤيتها الشخصية تعتقد ريم أن الحراك الثقافي في منطقتنا العربية قد يشوبه بعض من المجاملات والشللية بين الكثيرين من المنتسبين إليه، ومن ثمّ فصاحب الموهبة الإبداعية الحقيقية قد لا يلقى التقدير الكافي الذي يستحقه إذا لم يكن يمتلك مهارة الترويج لنفسه، وهو ما تفعله التكنولوجيا والتي تروج لبعض ضعاف الموهبة الإبداعية الذين لا يجدون حرجاً في إطلاق مسميات وألقاب على أنفسهم توحي لمن لم يقرأ لهم ويدرك محدودية قدراتهم الإبداعية بأنهم عظماء عصرهم وأوانهم وأنهم النخبة المثقفة التي لا مثيل لها في أي عصر، إلا أن المرأة بالنهاية استطاعت إثبات ذاتها وأن تشارك بقوة في التحديات التي تواجه مجتمعاتنا العربية.
قد ترغبين في الاطلاع على: الوسط الثقافي بين الحوار البنّاء و«الشلَليّة»

الإبداع الحقيقي ليس من المفترض أن يصنف بنوع كاتبه


ترى ريم أننا ما زلنا نعيش تحت وطأة النظرة الذكورية في العديد من المجالات وليست الإبداعية فقط، ففي مجالات الأدب والإبداع نجد أن إشكالية الأدب النسائي التي لا تزال مثارة على الساحة الأدبية دليل بيّن على أن النظرة الذكورية ما زالت تسيطر على مجالات الإبداع المختلفة. فذلك المصطلح وإن كان البعض يعتبره ثناءً ومديحاً للأقلام النسائية إلا أنني أراه تمييزاً مقيتاً معيباً وغير منصف أيضاً. فالأدب والإبداع ليسا من المفترض أن يخضعا في تقييمهما لجنس الكاتب، وإنما لقيمة النص وقوته واكتمال عناصره.
تقول ريم: الكتابة بالنسبة للكاتب هي كالماء والهواء، وبالنسبة لي هي كل ألوان الطيف وتدرجات جميع الألوان، هي بحار ومحيطات، هي سماوات وفضاءات بعيدة وأراضٍ شاسعة، هي حياة وكون بأكمله. وأي مبدع وهبه الله ملكة الإبداع ليس بوسعه العيش خارج حروف الأبجدية والنقاط والفواصل، حتى وإن ابتعد قليلاً عن هذا العالم الساحر إلا أنه يعود إليه دائماً من جديد بشوق ولهفة حبيب لا يستطيع فراق حبيبه، وأنا عندما أكتب لا أكتب بصفتي أنثى، أنا أكتب بصفتي مبدعة فليس من المفترض أن يصنف الإبداع بنوع كاتبه.

مواصفات المبدع الحقيقي هي :

  • يمتلك ناصية اللغة.
  • يمتلك ناصية الإبداع وتقنياته.
  • يمتلك المشاعر والأحاسيس الإنسانية الصادقة.
ومن ثمّ يمكنه أن يعبّر عن جميع شخصيات أعماله بنفس القدرة على التعبير، سواء كانت هذه الشخصيات رجالاً أو إناثاً.

التكنولوجيا وما أضافته للكاتب والأديب

ترى ريم أن التكنولوجيا من الأمور الإيجابية جداً، فقد أضافت الكثير للكاتب والأديب:
  • وجود فضاء معلوماتي واسع كالشبكة العنكبوتية أتاح للكاتب سرعة الوصول إلى أي معلومة يحتاج إلى معرفتها ليوظفها بشكل أو بآخر في العمل الذي يكتبه.
  • تعدد المصادر أيضاً مكّن الكاتب من التأكد إلى حدّ كبير من دقة وصحة معلوماته.
  • أفادت التكنولوجيا أيضاً الأديب والكاتب في منحه مساحة أكبر بتعريف جمهور أوسع بأعماله وكتاباته.
تعتقد ريم أن جذب جمهور القراء في العموم لا يعتمد فقط على استخدام التقنيات الحديثة للانتشار، ولكنه في الأساس يعتمد على ما يقدمه الكاتب والأديب من فكر ومحتوى، فحتى وإن كان البعض يسعون للانتشار من أجل الانتشار دون تقديم شيء ذي قيمة حقيقية ولكن في النهاية لا يصح إلا الصحيح. فالبقاء دائماً للأصلح والأكثر موهبة والأصدق إبداعاً.

التفاعل مع الميتافيرس ما زال محدوداً.. والكتاب الورقي ما زال له رونقه

ريم أبو عيد: الكتاب الورقي سيظل له مكانته ورونقه

تؤكد ريم أن تفاعل الأدب العربي مع واقع الميتافيرس لا يزال محدوداً إلى حدّ كبير كون هذه التقنية حديثة جداً ولم يتم الاستفادة منها على نطاق واسع في مختلف المجالات بوجه عام وليس الأدب وحده. أما التقنيات الرقمية فهي مستخدمة ومعروفة منذ فترة طويلة للجميع، وبالتالي فإن تفاعل الأدب العربي معها كُتّابا وقرّاءً يعد كبيراً ومنتشراً أيضاً.
على صعيد آخر ترى ريم أن الكتاب الورقي على الرغم من أنه في الوقت الراهن يمر بمرحلة ركود فانتشار الكتاب الإلكتروني قلّص انتشاره لحدّ كبير، إلا أنه سيظل له مكانته ورونقه أيضاً فلا شيء يضاهيه لدى من يقدرون قيمته. ولا أعتقد أن دور النشر تقلص عددها إلى الحدّ الذي يقضي على وجود الكتاب الورقي، ففيما مضى وقبل عصر الكتاب الإلكتروني لم يكن عدد دور النشر كبيراً وبالرغم من ذلك كان الكتاب الورقي في أوج مجده وأزهى عصوره، فالمشكلة ليست في عدد دور النشر بقدر ما تقوم هذه الدور بنشره من أعمال، وزيادة عدد دور النشر لا تعني مطلقاً زيادة عدد الكتب المنشورة ذات القيمة الحقيقية، فالعبرة ليست بعدد دور النشر ولا عدد الإصدارات وإنما بقيمتها وما تقدمه من فكر وثقافة حقيقية ترتقي بالمجتمع.

نصيحة للأدباء الشباب لا تيأسوا سريعاً

تنصح ريم الأدباء الشباب وتقول:
الإبداع ليس مرتبة ولكنه ملكة ربانية يهبها الله لمن يشاء من عباده، فالإبداع لا يُعلّم ولا يُكتسب، ولكنه يُصقل بممارسة الكتابة وبالقراءة والاطلاع أيضاً. أما التميز فيحتاج إلى أن يكون المبدع له بصمته المتفردة وفكره الخاص في كتاباته حتى يكون مختلفاً عن غيره من الكُتاب، وهو أمر يمكن تحقيقه إذا آمن المبدع بأنه يكتب من أجل الإبداع لا من أجل إرضاء المحيطين به أو الحصول على تصفيقهم أو جمع عدد أكبر من المتابعين والقراء، فالكاتب إن سقط في هوة التهافت على الشهرة ونيل إعجاب الجميع فقط تميزه كمبدع.
وبالنهاية فنصيحتي دائماً لأي مبدع أو كاتب شاب، ألا ييأس سريعاً، وألا يسعى إلى شهرة أو مجد شخصي على حساب مبادئه وقناعاته، وأن يسير في طريق الكتابة الوعر بخطى متمهلة حتى تكون كتاباته ناجحة ومؤثرة ويترك أثراً حقيقياً باقياً في المجتمع، فغزارة الإنتاج والتواجد المستمر تحت دائرة الضوء ليس دلالة على النجاح الحقيقي وإنما قيمة الإنتاج الإبداعي وتأثيره في نفوس قارئيه.
ويمكنك من السياق التالي التعرف إلى أديبة أخرى ورأيها بالإبداع الأنثوي إذا تابعت الرابط: القطرية أمل عبد الملك الحمادي: كلما تحرر الكاتب من الالتزام الوظيفي أبدع أكثر