وفق هذا العنوان الغريب يعتقد القارئ للوهلة الأولى أن التكنولوجيا بعوالمها الافتراضية وواقعها الوهمي وفضاءاتها السيبرانية قد توغلت لخروف العيد أيقونة عيد الأضحى الشهيرة، فحولت الخروف بشحومه ولحومه وعظامه وفرائه لخروف افتراضي وهمي يتم ذبحه وتوزيعه بطريقة رقمية ثلاثية أو رباعية الأبعاد والإحداثيات، إلا أن هذا لم يحدث حتى الآن، فعلى الرغم من أن التكنولوجيا لم تترك مكاناً إلا دخلته ولا مجالاً إلا اخترقته ولا فضاءً إلا سيطرت عليه واستبدت به فأثرت فيه وغيرت ملامحه بلا هوادة وحولته لما يوافق هواها، ويتسق مع تقنياتها ورقمانيتها وإحداثياتها، واليوم ونحن نحتفل بعيد الأضحى المبارك إذا نظرنا للخلف وعدنا بالزمن قليلاً للوراء فسنكتشف كثيراً من الاختلافات ما بين عيد الأضحى اليوم وأمس وما قبل أمس.
ما أحدثته التكنولوجيا بلقاءاتنا في العيد
يقول عادل علي عبد الرحيم، باحث في التاريخ الاجتماعي لشعوب البحر المتوسط، لسيدتي: "لا يمكن لذي عقل إنكار ما أحدثته التكنولوجيا بحياتنا، فهي من أبرز ظواهر عصرنا الحديث والتي رافقت تطور كثير من المجتمعات، ونجحت في إحداث تغييرات جذرية في حياة الشعوب، فالتكنولوجيا الحديثة غيّرت إلى حد كبير الطريقة التي يحتفل بها المسلمون بعيد الأضحى بتقاليده وعاداته وطقوسه المتوارثة فسهلت ما سهلت وطمست ما طمست، وغالت وتوغلت في كل أنماط حياتنا.
يستكمل عادل: في زمن كانت تسود فيه التقاليد القديمة والقيم المجتمعية الثابتة تأثرت أحد أهم طقوس عيد الأضحى وهي الزيارات الأسرية حيث كان الدفء العائلي يحيط بالأسرة بكامل أفرادها، ويغمرها فتتحين المناسبات لتلتقي وتتجمع في أجواء من المحبة والبهجة والفرح والمرح الذي لا ينافس، إلا أن اليوم أصبحت كثير من الأسر تستغني عن الزيارات الأسرية واللقاءات العائلية، وتكتفي باللقاءات الافتراضية عبر تطبيقات تتيح اتصال الفيديو، ولم يعد حتى بعد المكان هو العذر الوحيد للتخلي عن هذا الطقس الأثير والمتوارث، فعلى الرغم من أن العائلة قد تكون بالمدينة ذاتها ولكن بدعوى الانشغال والعمل نجد أفرادها يؤثرون اللقاءات الافتراضية على الواقعية، ومن ثمّ تأثرت اللُّحمة بين العائلة وتباعدت الصلات الاجتماعية إلى حد كبير بواقع التكنولوجيا، والتي حولت الأسر لكيانات متصلة شكلاً ومنفصلة جوهراً وعمقاً، كما أنه من الملاحظ أن الأسرة الواحدة بالمنزل الواحد أفرادها كلٌّ في عالمه الخاص، ومن الممكن ألا تتلاقى هذه العوالم إلا على سبيل المصادفة أو الحاجة لأمر مادي، فقد ضعف الحوار الاجتماعي الأسري والمرح العائلي لحد كبير بسبب التكنولوجيا وطغيان العوالم الافتراضية على الواقعية لحد كبير.
في "سيدتي" تم مناقشة هذا الموضوع من قبل على اتساعه، وقد طرحنا سؤالاً؛ هل تغنينا التكنولوجيا عن اللقاءات الأسرية الحقيقية، والاجتماعات العائلية في المواسم كالأعياد مثلاً؟ وهل استطاعت الفضاءات السيبرانية أن تنقل دفء وحميمية الأجواء الأسرية في مثل هذه الأيام المباركة؟ ويمكنك متابعة الموضوع كاملاً عبر الرابط:في العيد .. هل تغنينا التكولوجيا عن لمة العيلة ؟
أضحية العيد والواقع الافتراضي
يقول عادل:" قديماً كان الصغار يستمتعون بالذهاب مع ذويهم لشراء الأضحية واختيارها من الأسواق، وكان للأطفال ذكريات رائعة مع الأضحية والتي يتم استقبالها قبل العيد بفترة من أجل الاستعداد لنحرها يوم العيد، أما اليوم فعبر تطبيق على الهاتف المحمول يمكن الدفع لشراء أضحية ببطاقة الائتمان، واختيار مسلخ لتسلمها منه في الوقت المحدد، حيث يفضل الكثيرون، التعامل مع صك الأضحية حتى تتجنب ربة المنزل التعب الناتج عن عملية النحر، وما يعقبه من عمليات تنظيف وتعقيم المنزل، ومن ثم فقد افتقدنا طقساً احتفالياً رائعاً كان الصغار والكبار يستمتعون به."
جزار العيد في الواقع الافتراضي
يقول عادل:" من أكثر المهن التي استفادت من التكنولوجيا جزار العيد المتنقل، فبعد أن كان يجول في الأحياء باحثاً عن زبائنه لنحر الأضحية، تجد مواقع التواصل الاجتماعي تعج بأرقام الجزارين المتنقلين الموسميين، حيث يضع كل جزار صوره وصور بطولاته مع الأضاحي ومميزاته كجزار "متعلم" هو وفريقه وأرقام تليفوناته للتواصل."
إذا تابعت الرابط التالي يمكنك التعرف إلى إجابة هذا السؤال هل تضر التكنولوجيا بدماغ المراهقين؟
تطبيقات تهاني العيد
تقول هنادي رأفت استشاري علاقات أسرية لسيدتي: "مما لا شك فيه أن هناك كثيراً من الميزات للتكنولوجيا فهي ليست كياناً سلبياً بطول الزمان وعرضه، فتطبيقات التواصل الاجتماعي؛ مثل واتساب والفيس بوك والإنستغرام وغيرها أتاحت للمسلمين كثيراً من الفوائد بالمناسبات والأعياد على رأسها إرسال التهاني بمناسبة العيد، وذلك عوضاً عن البطاقات البريدية التقليدية، فما أن تهل بشائر العيد إلا وتزدهر تطبيقات بطاقات التهاني بأرق العبارات وأجمل الكلمات للأهل والأصدقاء والأحباب، بالإضافة إلى صور خاصة بالعيد وأحكام صلاة العيد والأدعية والمعايدات وغيرها المئات من الرسائل التى يتم تصميمها وتحديثها وتعتبر مفيدة في هذه المناسبة، حيث يتم تبادلها بين المسلمين بكل مكان.
لا تتوقف تطبيقات التكنولوجيا الإسلامية على المناسبات والاحتفالات بل تعدت ذلك عبر تطبيقات البوصلة لتحديد اتجاه القبلة، وتطبيقات الأذان لضبط مواقيت الصلاة، وتطبيقات تتيح قراءة القرآن الكريم وحفظه أو الاستماع له تجويداً وتفسيراً، وتطبيقات للاستغفار بالإضافة للدروس الدينية والتفسيرات الشرعية، حيث أضحى الكثيرون يعتقدون أن هذا الزمن بات فيه كل شيء رقمياً."
واذا تابعت السياق التالي فستتعرفين إلى كيف تقللين من تعلق طفلكِ بالموبايل؟
سلفي العيد طقس احتفالي مستحدث
تقول هنادي: "أحد طقوس العيد الافتراضية المستحدثة هي سلفي العيد، والتي صارت (ترند) يحرص عليه الشباب، حيث تجد صفحات الشباب عبر الفضاءات الاجتماعية الافتراضية تعج بالصور السلفي بمختلف أشكالها وأنواعها بداية من سيلفي صلاة العيد داخل المسجد، وسلفي ملابس العيد وصولاً لالتقاط الصور التذكارية مع الأهل والأصدقاء طوال اليوم ومشاركتها مع الأصدقاء، كذلك لا ننسى سيلفي الأضحية، حيث يفضل الكثيرون التقاط صور مع الأضحية، سواء قبل النحر أو بعده."
طعام العيد في الواقع الافتراضي
تقول هنادي: أحد أهم اقتحامات التكنولوجيا وتوغلاتها والتي أجدها مفيدة جداً هي برامج الطهي الافتراضية والتي تتابعها الزوجات وربات المنزل، فقد استفادت كثير من الزوجات من التكنولوجيا في عالم الطبخ وأسراره، حيث تجد المواقع الإلكترونية تعج بمختلف الوصفات التقليدية والأكلات التراثية والشعبية المعروفة الخاصة بالعيد، والتي كانت الزوجات بالسابق تجدها بصعوبة بالكتب أو عبر وصفات الجدات، ولكن اليوم تتفنن ربة المنزل في إعداد ما لذ وطاب من طعام العيد بمساعدة التكنولوجيا، هذا ناهيك عن نصائح تزيين المنزل بالعيد وتنظيفه مروراً بنصائح اجتماعية وتربوية.
نحو المزيد تابعي: «الشيخوخة الرقمية» آثارها على صحة الجلد والجسم