تاريخ لوحات القماش يحكي بفخر حكايات فناني العالم الأسطورية

لوحة قماش (كانفاس) مرسوم بها أزهار
لوحة قماش (كانفاس) مرسوم بها أزهار باللون الأصفر والأزرق

تحكي المعارض الفنية في جميع أنحاء العالم قصصها الخالدة وحكاياتها المذهلة للفنانين الذين يُصيغون إبداعاتهم البصرية وعوالمهم الخيالية على صفحات من القماش الفني ليقرأها الجميع. فبضربة فرشاة، و مسحة سكين أو ضغطة من أنبوب معجون تتحول الألوان لحروف وكلمات، والظلال لعبارات وجمل تصور الحبكة في نثر خلاب أو نص رائع جَذَّاب ثري بشخوصه وأبطاله، متزن بنسبه وفضاءاته متأجج بمشاهده وعلاقاته التي تعبر عن وجهات نظر الفنان وتوجهاته وتجسد أفكاره وتوجساته التي يبدعها بفن واقتدار، حيث تحكي ملامس الكتل على القماش حكايات الفنان البصرية التي تجعل القصة تنبض بالحياة، بالسياق التالي سيدتي تعرفك قصة لوحات القماش التي تحتضن إبداعات مختلف الفنانين، فكيف بدأت وكيف توصل الفنانون لهذه الوسيلة المذهلة التي استضافت رسوماتهم واحتضنت خيالاتهم وحافظت على إبداعاتهم قروناً طويلة دون أن تبلى أو تخضعها قسوة الزمن وتقهرها عوامل قدرته.

تاريخ غني بدأ مصادفة

فنان يرسم الطبيعة على لوحة قماش (كانفاس)


وفقاً لموقع creativeartsstudios.com، تم الاستعانة بالقماش كوسيلة للرسم منذ فترة طويلة جداً، فتاريخ الرسم على القماش تاريخ طويل، غني بالابتكار ذو قصة غريبة، فقد تطورت هذه الوسيلة المعروفة بمتانتها وموثوقيتها كثيراً على مر القرون، مما يعكس التقدم التكنولوجي، وكذلك الأذواق المتغيرة في الفن.

يعود تاريخ القماش كوسيلة فنية إلى أوائل عصر النهضة، في حوالي القرن الرابع عشر. فقبل الاستخدام الواسع النطاق للقماش، كان على الفنانين الاعتماد بشكل أساسي على الألواح الخشبية في لوحاتهم. كانت هذه الألواح، رغم قوتها، غير مرنة ومرهقة، وثقيلة الوزن مما حد من حجم ونطاق الأعمال الفنية، وقد أدى ذلك في النهاية إلى ظهور القماش، فقي أحد الأيام سقطت قطرات من اللون على قطعة من قماش سميك يغطي طاولة كان يرسم عليها أحد الفنانين ليقوم الفنان بمحاولة التقاط كتلة اللون وبدلاً من استخدامها بلوحته الخشبية إذا به يستخدم فرشاته لتعديل ما سقط وإعادة صياغته ورسمه وتلوينه على قطعة القماش وكانت تشبه الكتان، فوجد أن هذه الوسيلة ممتازة وأفضل كثيراً من الخشب إذا استخدمها للرسم.


قد ترغبين في التعرف إلى: المعارض الأكثر إثارة للجدل في الفن المعاصر..!

وسيلة جديدة للإبداع

لوحة قماش (كانفاس) جاهزة للرسم - المصدر: freepik by artist-props-table


قصة أخرى لاستخدام الفنانين لوحات القماش كوسيط يُصيغون عليها إبداعاتهم، تعود للبندقية فنوعية القماش التي كانت تُستخدم في أشرعة السفن من الكتان وتمتاز بالمتانة ومقاومة الظروف الجوية القاسية مما جعلها مادة لا غنى عنها للمستكشفين والتجار الذين يُبحرون في محيطات العالم. على أن كلمة "كانفاس" نفسها مشتقة من كلمة لاتينية لنبات يُستخدم في صناعة هذا القماش السميك المتماسك ذي الخصائص المميزة بالرسم. وتوفر السجلات التاريخية ومجموعات المتاحف نظرة ثاقبة حول استخدام القماش في التاريخ البحري، حيث تسلط الأشرعة المحفوظة والتحف البحرية الضوء على الدور الحاسم للنسيج في الاستكشاف والتجارة، ثم الفن، ويُعزى إدخال القماش كسطح للرسم إلى مدينة البندقية، وهي مدينة بحرية كان يستخدم فيها هذا النوع من القماش لصناعة أشرعة السفن، وقد جعلت البيئة الرطبة في البندقية ألواح الرسم الخشبية التقليدية أقل جاذبية، حيث يمتص الخشب الرطوبة ويتمدد مما يشوه اللوحة ويغير ألوانها الأمر الذي دفع الفنانين إلى البحث عن مواد بديلة، وقد قدم قماش الأشرعة بديلاً مميزاً وسطحاً أخف وأكثر متانة وأكبر للفنانين للعمل عليه، مما أحدث ثورة حقيقية وطفرة نوعية في عالم الفن.

اللوحات القماش غيرت قواعد اللعبة

فنان يرسم الطبيعة على لوحة قماش (كانفاس) - اللوحات القماش غيرت قواعد اللعبة


استطاعت الوسيلة الفنية الجديدة، المصنوعة عادةً من الكتان، تغيير قواعد اللعبة تماماً، فالقماش لم يكن أكثر مرونةً فحسب، بل كان أيضاً أكثر متانة من الخشب وأخف وزناً، فسرعان ما تم التعرف إلى قدرة هذه الوسيلة الفنية الفائقة على التكيف، مما مهد الطريق لتحول زلزالي في الإمكانيات الفنية، حيث كان عالم الفن في تلك الفترة على شفا ثورة، وكان القماش في قلب هذه الثورة.
لم يقدم القماش بديلاً للألواح الخشبية فحسب؛ لقد أحدث ثورة في كيفية إنشاء الفن وتجربته. وقد سارع فنانون مثل ليوناردو دافنشي ومايكل أنجلو إلى إدراك إمكانات تغيير قواعد اللعبة بهذه الوسيلة الجديدة. لم توفر لوحات القماش التنوع فحسب، بل وفرت أيضاً نسيجاً فريداً يثري الجاذبية البصرية للأعمال الفنية. يسمح سطحه المنتظم بالتصحيحات والطبقات، مما يمنح الفنانين حرية إبداعية أكبر. ونتيجة لذلك، وجدت بعض روائع التاريخ الأكثر شهرة موطنها على القماش، مما وضع معياراً جديداً للتعبير الفني.
انتشر استخدام القماش كلوحات بشكل مدهش في أوروبا كالرماد بالهشيم، فقد سافر عبر الزمن من أعالي البحار إلى قلب الأستوديوهات الفنية في جميع أنحاء العالم، وتوسع استخدام لوحات القماش خارج إيطاليا، مما أثر على الفن عبر مختلف الثقافات، حيث استخدمه فنانون من مختلف الأقطار ليصل القماش إلى شمال أوروبا، وقد جعل الوزن الخفيف للوحات القماش والقدرة على التكيف مع هذا الوسيط الفني، مفضلاً على الفور بين الفنانين. وقد سمح ذلك بإنشاء لوحات أكبر وأكثر تعقيداً يمكن نقلها بسهولة، وكسر الحواجز الجغرافية واللوجستية، ومن ثمّ فباستخدام القماش، لم يكن الفنانون يرسمون فقط؛ لقد كانوا يصنعون التاريخ، ويساهمون في عصر جديد من التبادل الفني والابتكار الإبداعي العالمي.

الطباعة على القماش

بحسب موقع canvasetc.com، فمع تطور التكنولوجيا، شهد القرن العشرين ظهور الطباعة على القماش. مكنت هذه العملية الفنانين من تكرار أعمالهم الأصلية على القماش، مما وفر وضعاً مربحاً لكل من الفنانين وجامعي الأعمال الفنية. واليوم، لا يزال يتم الاحتفاء بالقماش "الكانفاس"، حيث يتم استخدامه في الفن والأزياء والديكور المنزلي والمزيد. ليتم الحفاظ على أهميته التاريخية في الأستوديوهات الفنية حول العالم، حيث يظل القماش هو السطح المفضل للرسم، مما يوفر للفنانين اتصالاً بالنسيج الغني ووسيلة مريحة ومميزة وسهلة الاستخدام بلا تعقيدات وذات خصائص بيئية مميزة تحفظ وتحتفظ بالإبداعات لأطول فترة ممكنة.
وإذا تابعت السياق التالي ستتعرفين على: أنواع الخطوط في الرسم وأهميتها.. تعرفي إليها بالتفصيل