يقف النخيل باسقاً معتداً في إباءٍ وشمم، يطال السماء بسموٍ متقد وعلو همم، يختال بشموخٍ ببهجة ألوانِ ثماره وطيبِ طعام قطافه، يلهجُ غمده وسعفه وعروق أوراقه ثناءً وشكراً لرب النعم، الذي أدام خضرته وعظّم مكانته، وكرّس لمهابته بين الأمم. وفي ظل ما تمثله أشجار النخيل بتراثها القيم وتاريخها العريق الممتد في عمق الزمن في منطقتنا العربية يأتي الاحتفال اليوم 15 سبتمبر بيوم النخيل العربي، وهو احتفال يضيء حول مكانة أشجار النخيل ورمزيتها كأيقونة للرخاء ورمز للخصوبة والنماء في ثقافتنا الإسلامية وحضارتنا العربية الأبية وتاريخ ثقافتنا المشترك.
كيف بدأ الاحتفال بيوم النخيل العربي؟
وفقاً للموقع الرسمي لجامعة الدول العربية arabmpi.org، فقد بدأت الإرهاصات الأولى لتخصيص يوم للاحتفال بالنخيل في الوطن العربي من قِبل وزارة الزراعة العراقية في خريف عام 1981م، حيث عمدت الوزارة لتقديم مقترح رسمي لجامعة الدول العربية لتعيين يوم 15 سبتمبر من كل عام ليكون يوم النخيل العربي، وقد تم اختيار هذا اليوم تحديداً لأنه يتزامن مع بداية موسم حصاد التمور في العديد من البلدان العربية.
منذ اللحظة الأولى لاقى الاقتراح بالاحتفال بيوم النخيل العربي ترحيباً كبيراً من قبل جميع الدول العربية والتي وافقت بلا استثناء حتى أن عدداً من الدول العربية أعلن عن مبادرات علمية وتعليمية وتثقيفية وفنية في كل ما يخص النخيل العربي.
النخيل العربي وما يمثله بالمملكة السعودية
يوم النخيل العربي ..#المجلس_الدولي_للتمور#يوم_النخيل_العربي pic.twitter.com/uvgx3l0AMz
— المجلس الدولي للتمور (@intdcorg) September 15, 2022
كانت المملكة العربية السعودية على رأس الدول المتحمسة والداعمة للاحتفال بيوم النخيل العربي لما يمثله النخيل من رمزية هامة لدى السعوديين منذ منشأ المملكة فقد استعان الآباء والأجداد بشجرة النخيل في مختلف سياقات الحياة، وتعددت استخداماتهم لأشجار النخيل لتشمل كافة أجزاء النخلة من رأسها وسعفها وثمار تمرها وغمدها وعروقها لأخمص جذورها، وصارت النخلة عصب الحياة بالمملكة حتى أنها اتخذت منها شعاراً أيقونياً لعلمها الوطني، فالنخلة تعكس تراثاً ثقافياً عريقاً ودوراً اقتصادياً مهماً في حياة السعوديين، وهي أحد أهم الرموز التراثية الأيقونية للسعودية التي ارتبطت بالتراث والماهية الوطنية، وبجانب أنها تعتبر مصدراً غذائياً أساسياً بالمملكة وتستخدم في تحضير العديد من المنتجات المحلية التقليدية، فهي توفر فرص عمل هائلة للمزارعين الذين يقومون على رعايتها وسقايتها وقطف ثمارها، وللحرفيين الذين يستخدمون سعفها وليفها وكربها في عدد من المنتجات الحرفية، وللتجار الذين يعدون النخلة المنتج الرئيسي لتجارتهم القائمة على زراعتها وحصادها ثم التغليف والبيع، وغيرها من الوظائف.
تحتضن السعودية ما يزيد عن 33 مليون نخلة، كما تتوزّع أشجار النخيل في 13 منطقة من مناطقها الإدارية وقد تصدرت المملكة المركز الأول عالمياً في صادرات التمور، ومازالت المملكة تسعى لتعزيز إنتاجيتها، وتوسيع صادراتها، لما تعنيه النخيل والتمور من أهمية لديها، (بحسب موقع وزارة الإعلام السعودية media.gov.sa)
وإذا رغبت في التعرف إلى المزيد عن أهمية النخيل بالمملكة السعودية تابعي الرابط: السعودية تحقق اكتفاءا ذاتيا من إنتاج أجود التمور.. وإقبال كبير عليها في شهر رمضان
النخيل العربي وما يمثله للعرب والمسلمين
تحظى شجرة النخيل بمكانة مميزة لا يضاهيها أي نبات آخر لدى العرب والمسلمين حيث:
- شجرة النخيل ورد ذكرها حوالي 23 مرة في القرآن الكريم.
- تحمل شجرة النخيل ألقاباً عديدة منها "الشجرة الأم" و "الشجرة المباركة".
- ذُكرت في عدة مواضع بالقرآن الكريم، كشجرة مباركة من أشجار الجنة.
- ذُكرت في قصة مريم عليها السلام.
- ذُكرت كذلك في الأثر عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم حيث وصفها بالشجرة الطيبة.
- بُني المسجد النبوي من جذوع النخل.
- سُنّت عددٌ من السُنن المرتبطة بها كتناول التمر عند الإفطار بعد الصيام.
- للنخلة مكانة في الشعر العربي إذ كُتبت عنها مئات القصائد والأشعار .
- حدد البحث العلمي المنشور 800 فائدة يمكن أن يجلبها النخيل للبشر.
- يحتوي العالم العربي على حوالي 90% من أشجار النخيل في العالم.
- يعتقد أن النخلة هي أول شجرة زرعها الإنسان، حيث بدأ حصاد ثمارها منذ أكثر من 7000 عام.
- أطلق السومريون على شجرة النخيل اسم "شجرة معرفة الخير والشر".
- يشير الاسم العلمي للنخلة، Phoenix dactylifera، إلى الفينيقيين القدماء، الذين كانوا من بين أوائل المصدرين لها. وكانت شجرة النخيل ذات أهمية حيوية للحياة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب آسيا لآلاف السنين.
- سُجلت النخلة في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة اليونسكو عام 2019، لعدة اعتبارات: كونها تراثاً مشتركاً بين عدد من الدول العربية، ومُعبِّراً هاماً عن الثقافة العربية والبدوية إلى جانب ارتباطها بالتراث الشفهي، حيث تُروى عنها الكثير من القصص والحكايات والقصائد المرتبطة بتاريخ هذه الشجرة وعلاقتها بالإنسان، ولا تخلو هذه القصص من ذكر منافعها الغذائية والمهنية والتجارية والاقتصادية، وبحسب الموقع الرسمي لليونسكو unesco.org، فقد هنأت الوكالة الدول الـ14 في الشرق الأوسط التي تقدمت للترشيح وأشادت بدور شجرة النخيل في الحضارة، وقالت اليونسكو في بيان التسجيل "إن المعرفة والمهارات والتقاليد والممارسات المرتبطة بالنخيل لعبت دوراً محورياً في تعزيز العلاقة بين الناس والأرض في المنطقة العربية، ومساعدتهم على مواجهة تحديات البيئة الصحراوية القاسية".
(الدول العربية التي طالبت بتسجيل عنصر النخلة على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لدى اليونسكو هي: مصر، السعودية، الإمارات، والبحرين، والكويت، والمغرب، وتونس، وفلسطين، وموريتانيا، واليمن، والسودان، وعمان، والعراق، والأردن.)
وإذا تابعت السياق التالي ستعرفين لماذا دخلت واحة الأحساء جينيس كأكبر واحة نخيل في العالم