للبيوتِ القديمةِ عبقٌ يسكنها، تستنشقُ عبيره في أبوابها ونوافذها وأحجارها، وهذا ما ينطبقُ على جدة التاريخيَّة، فهذه المنطقةُ لها هويَّةٌ خاصَّةٌ، تتمثَّل في عمارتها وتصميمها ورواشينها التي تلفتُ انتباه كلِّ مَن يزورها.. «سيدتي» في التقريرِ التالي، تسلِّط الضوءَ على رواشين جدة التاريخيَّة، وجماليَّاتها، ووظيفتها في التهويةِ، وتقليلِ درجاتِ الحرارة صيفاً.
إعداد: زهراء الخالدي
اندماج الثقافات
وتعكسُ الرواشين (المشربيَّات) هذا النسيجَ الغني، إذ أظهرت التصاميمُ الأولى تأثيراتٍ من الفنِّ الهندي والماليزي، ومن شرقِ إفريقيا، وبمرورِ الوقت، صقل الحِرفيون المحليون في جدة ومكة المكرَّمة مهاراتهم، ووضعوا بصماتهم الخاصَّةَ على هذه التقاليدِ المعماريَّة. وقد شهدت التعديلاتُ الأخيرةُ تطوُّر التصاميم لتلائمَ الاحتياجاتِ الحديثة، ما يضمنُ استمرارَ أهميَّتها.
يمكنك الاطلاع على بيوت جدة القديمة عبق الماضي وأسرار الطيبين
مزيج من الجمال والوظيفة
خدمت هذه الرواشينُ المنحوتةُ بشكلٍ جميلٍ عديداً من الأغراض حيث تقومُ في المقامِ الأوَّل بوظيفةِ التهوية، وتقليلِ درجاتِ الحرارة المرتفعة، إذ تعمل الألواحُ الخشبيَّة عوازلَ طبيعيَّةً، ما يحافظُ على برودةِ الأجزاءِ الداخليَّة. وتُعرَف الرواشينُ بالوحداتِ التصميميَّة الجماليَّة التي تبرزُ على الجدرانِ في المباني، وتطلُّ على الشارعِ، أو الفناءِ الأوسط، وتستند على دعائمَ ناتئةٍ «كوابل» من الخشب، وتظهرُ فيها مهاراتُ النجَّارين من خلال المشغولاتِ الخشبيَّة للقطاعاتِ المتشابكة، والطنفِ، والأفاريزِ المائلة، ومصارعِ النوافذ، وغالباً ما تكون مزوَّدةً بشيشٍ، يتألَّف من ستائرَ شبكيَّةٍ صغيرةٍ.
مميزات رواشين جدة وألوانها
تتميَّز رواشينُ جدة عن غيرها في العالمِ الإسلامي بأنها الأكثر ارتفاعاً، والأكبر حجماً، وتركَّب في صفوفٍ متراصَّةٍ، وكثيراً ما تمتدُّ، وتتواصلُ من الطابقِ الأرضي، وحتى الأدوارِ العليا، أو تمتدُّ أفقياً حول الأدوارِ العليا، فتكاد تغطي واجهةَ المنزلِ بأكملها. وتنحصر ألوانُ الرواشينِ في ثلاثةٍ أساسيَّةٍ، هي الخشبي، والبني بكلِّ درجاته، والأخضر، وكلُّ نوعٍ من الروشان، يتكوَّن من ثمانيةِ أنماطٍ، وما يُحدِّد النمط، هو الطبقاتُ الموجودةُ فيه، والزخرفةُ، والرواشينُ التي تتكوَّن من ستَّةِ أجزاءٍ رئيسةٍ.
يمكنك متابعة الموضوع على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال هذا الرابط
