الأعشى شاعر جاهلي شهير واسم شارع تراثي عتيق ومنهل إبداعي لدراما رمضانية مثيرة

الأعشى شاعر جاهلي من الطبقة الأولى، ملأ الدنيا شعراً ونظماً وفصاحة وصخباً، استطاع بقوة بلاغته وتجلّي صياغاته أن يكون حُجة زمانه. وبطلاقة لسانه وحسن بيانه، أن يكون دُرة عصره وأوانه.
وُلد الأعشى في حي منفوحة وهو أحد الأحياء التراثية القديمة والشهيرة بالعاصمة السعودية الرياض، وقد أُطلق اسمه على أحد شوارعها؛ حيث نشأ وترعرع وحيث جادت قريحته بأبدع القصائد والأبيات الشعرية. وقد مثل شارع الأعشى لكثير من المبدعين والمثقفين، محطة يتوقفون عندها فينهلون من مَعينها زاداً تراثياً مهيباً، يغذّون به إبداعاتهم وينثرون دقائقه بتجلياتهم. ومنهم الكاتبة السعودية بدرية البشر، والتي أبدعت في روايتها ذائعة الصيت "غراميات شارع الأعشى"، والتي اقتَبس منها المسلسل الدرامي "شارع الأعشى" الذي يُعرض ضمن موسم رمضان 2025. كثيراً من أحداث المسلسل، والتي جسدها كوكبة لامعة من نجوم المملكة، والذين تبارَوا في تقديم أروع الأدوار المعبّرة ليُدخلوا المشاهد في أجواء درامية تتصاعد بوتيرة مشوّقة، رصدت ذاكرة الحي العريق وما يكتنفه من تحوّلات مجتمعية عاشها السعوديون في قلب الرياض في سبعينات وثمانينات القرن الماضي.

فمَن هو الأعشى، وكيف بلغ هذه المكانة، والتي جعلته حاضراً بالأذهان لأكثر من ألف وخمسمئة عام. تابعي السياق التالي لتعرفي المزيد عنه.
قد ترغبين في التعرُّف إلى المزيد من تفاصيل المسلسل السعودي شارع الأعشى: قصص نسائية في زمن مضى

أشعر شعراء قومه "صناجة العرب وطناجة الغرب"

الشاعر "الأعشى"، هو ميمون بن قيس بن جندل، الذي ينتهي نسبه إلى ربيعة بن نزار، ولُقّب بـ"الأعشى" لضعف بصره. (الأعشى في لغة العرب هو الذي لا يرى في الليل). وهو أحد فحول شعراء الجاهلية، وأحد أصحاب المعلّقات السبع الشهيرة.
(شعراء المعلقات هم: امرؤ القيس، زهير بن أبي سُلمى، نابغة بني ذبيان، أعشى بكر بن وائل، لبيد بن ربيعة، عمرو بن كُلثوم، طرفة بن العبد).
يُعَد الأعشى من أفصح وأبلغ الشعراء في التاريخ العربي، له القصائد الطوال الجياد. وكان يُتغنى بشعره فسموه: "صناجة العرب وطناجة الغرب" وقد لُقب ميمون بن قيس بألقاب أخرى، منها: "أعشى قيس"، و"الأعشى الكبير"، و"أبو بصير". كان سلاحه لسانه الذي أفزع سادة الأقوام وعظماءهم، وجعلهم يتسابقون لكسب وُدّه ونيْل رضاه؛ تجنُّباً لهجائه لهم. على أن الأعشى كان أقرب إلى المديح منه إلى الهجاء، ومن المعروف أن الأعشى هو أول من انتجع بشعره، أو أنه كان يمدح لطلب المال، وكان له تأثير عظيم وأثر كبير بين عظماء قومه؛ فلم يكن يمدح قوماً إلا رفعهم، ولم يهجُ قوماً إلا وضعهم.
قد ترغبين في التعرُّف إلى: الشعر في صدر الإسلام وكيف اختلف عن الشعر الجاهلي

أهم المعلومات عن الشاعر الأعشى

• وُلد الأعشى في العصر الجاهلي، وأدرك الإسلام إلا أنه لم يعتنقه، رغم أنه قرّر الدخول فيه، وبعد مقابلة الرسول- صلى الله عليه وسلم- في المدنية المنوّرة، نظم قصيدة طويلة بمدح الرسول الكريم- صلى الله عليه وسلم- وخرج لينشده القصيدة ويعلن إسلامه؛ فلحق به أبوسفيان بن حرب ليُرجعه؛ خوفاً من اعتناق الكثيرين الإسلام تيمناً به؛ فجمع أهل قريش لـ"الأعشى" مئة ناقة ليرجع عن سفره إلى المدينة، وأثنوا عزيمته فرجع عن سفره، وعندما عاد إلى قرية منفوحة، سقط من فوق الناقة، ودُق عنقه، فمات ولم يحظ بإعلان إسلامه، مع أن النية كانت موجودة وقد مات في العام الذي كان يوافق العام السابع للهجرة.
• تبوّأ الأعشى منزلة رفيعة في تاريخ الشعر الجاهلي، وكان ألمع الوجوه في سوق عكاظ التاريخية؛ فقد كان يُقال عن أشعر شعراء الجاهلية : امرؤ القيس إذا ركب، والنابغة إذا رهب، وزهير إذا رغب، والأعشى إذا طرب، وقد عُرف عنه جرأته في غزله، وكانت جرأته واضحة المعالم في صدق مقالته حين يمدح أو يفتخر أو يهجو.
• كُني الأعشى بأبي بصير، على الرغم من أنه "أعشى ضعيف النظر" وذلك تفاؤلاً أو تلطُّفاً، أو إعجاباً ببصيرته القوية.
• كان يقال لأبيه: قتيل الجوع، سُمي بذلك لأنه دخل غاراً يستظل فيه من الحر، فوقعت صخرة عظيمة من الجبل، فسدت فم الغار، فمات فيه جوعاً.
• ويعَد الأعشى أول من انتجع بشعره، ويعني التكسُّب بالشعر؛ فكان يمدح لطلب المال. وعلى الرغم من ذلك؛ فقد بلغ مكانة عظيمة في نظم الشعر، وكان متقناً في صياغاته مبدعاً في تشبيهاته، وفيما تفرّد فيه في فنون البلاغة والتشبيه التصويري.
• كان الأعشى رحّالة بين أطراف الجزيرة العربية؛ فتنقّل يمدح ملوك الغساسنة والمناذرة واليمن والحبشة، وزار بلاد اليمن ونجران وعدن، وعرّج على الحجاز، وانتقل إلى المشرق والبحرين والعراق، ووصل إلى بلاد الفرس، وزار الشام، والحبشة وأُعجب بحضارتها.

قبس من أروع أبيات شعر من قصائد الأعشى

من معلقته " ودعْ هريرة إن الركـبَ مرتحلُ" :

ودّعْ هريرة إن الركـبَ مرتحلُ
وهلْ تُطيقُ وداعاً أيها الرجلُ؟
غَرّاءُ فَرْعَاءُ مَصْقولٌ عَـوارضُها
تَمشِي الهُوَينى كما يَمشِي الوَجي الوَجِلُ
كَأن مِشْيَتَهَا مِنْ بَيْتِ جارَتِهَا
مَرّ السحابةِ لا ريثٌ ولا عجلُ

في قصيدة أخرى يشرح لابنته مبرراً مسعاه إلى الثروة ورفضه لحياة الفقر والعوز:

وقد طُفتُ للمالِ آفاقَهُ
عُمانَ فحِمص فأورى شِلمْ
أتيتُ النّجاشيَّ في أرضه
وأرضَ النَّبيط، وأرضَ العجمْ
فنجران، فالسَّروَ من حِمْيرٍ
فأيَّ مرامٍ له لم أَرُمْ

وفي مدح قيس بن معدي كرب، وهو أحد ملوك كِندة حتى الإسلام، يقول الأعشى:

فجِئتُكَ مُرتادًا ما خبّروا
ولولا الذي خبّروا لم تَرَنْ
فلا تحرِمنّي نداكَ الجزيل
فإنّي امرؤ قَبْلكُمْ لم أُهَنْ

ويقول في قصيدة مدح الرسول صلى الله عليه وسلم

ألا أيهذا السائلي: أين يممت
فإن لها في أهل يثرب موعدا
نبي يرى ما لا ترون وذكره
أغار لعمري في البلاد وأنجدا
له صدقات ما تُغب ونائل
وليس عطاءُ اليوم مانعه غدا
أجِدَكَ لم تسمع وصاة محمد
نبي الإله حين أوصى وأشهدا
وإذا كان الشاعر الأعشى أحد فحول شعراء الجاهلية، فما رأيك بالتعرُّف إلى مزيد من أنواع الشعر فهذه أفضل قصائد الشعر البدوي