تُعرف الليالي الوترية بأنها الليالي ذات الترتيب الفردي في العشر الأواخر من رمضان، وهي الليالي المرجحة لتحري ليلة القدر، ويزداد اهتمام المسلمين بمعرفة موعد الليالي الوترية؛ لما لها من فضل عظيم وأجر كبير، حيث يرجى فيها وقوع ليلة القدر، التي قال الله عنها: "لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ"، وقد حرص النبي، صلى الله عليه وسلم، على اغتنام هذه الليالي المباركة بأفضل الأعمال؛ فكان يجتهد فيها أيما اجتهاد، ويوقظ أهله، ويُحيي ليله بالصلاة والدعاء، كما حثّ أصحابه على تحري ليلة القدر خلالها.
ما هي الليالي الوترية ومتى تبدأ؟

يقول ابن باز، رحمه الله: "الليالي التي تُرجى فيها ليلة القدر، تُرجى في الليالي كلها، والأوتار آكد، والأوتار معروفة: إحدى وعشرون، وثلاث وعشرون، خمس وعشرون، وسبع وعشرون، وتسع وعشرون، والليالي الوترية هي الليالي الفردية التي تقع ضمن العشر الأواخر من شهر رمضان، وسُميت بهذا الاسم لوقوعها في الأعداد الفردية (الوترية)، وقد أوصى النبي، صلى الله عليه وسلم، بالاجتهاد فيها وتحري ليلة القدر خلالها، لما لها من فضلٍ عظيم، وتحظى هذه الليالي بمكانة متميزة بين أيام وليالي السنة، حيث يكثر فيها نزول الملائكة بالرحمات والبركات، ويتضاعف فيها الأجر لمن اجتهد في العبادة، وقد جاء في الحديث الشريف: "تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان"، ويقول الإمام ابن باز، رحمه الله: قد دلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إن هذه الليلة متنقلة في العشر، وليست في ليلة معينة منها دائماً، فقد تكون في ليلة إحدى وعشرين، وقد تكون في ليلة ثلاث وعشرين، وقد تكون في ليلة خمس وعشرين، وقد تكون في ليلة سبع وعشرين وهي أحرى الليالي، وقد تكون في ليلة تسع وعشرين، وقد كان النبي، صلى الله عليه وسلم، يخص هذه الليالي بمزيد اجتهاد لا يفعله في العشرين الأول. قالت عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر من رمضان ما لا يجتهد في غيرها. وقالت: كان إذا دخل العشر أحيا ليله وأيقظ أهله وشدَّ المئزر، وكان يعتكف فيها عليه الصلاة والسلام غالباً، وقد قال سبحانه وتعالي: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ".
قد ترغبين في التعرف إلى: أدعية العشر الأواخر من رمضان
مواعيد الليالي الوترية في رمضان 2025
تبدأ العشر الأواخر من رمضان يوم الجمعة 21 مارس، وبذلك تكون الليالي الوترية وفقاً للتقويم الميلادي كالآتي:
- ليلة 21 رمضان: من مغرب الخميس 20 مارس حتى فجر الجمعة 21 مارس.
- ليلة 23 رمضان: من مغرب السبت 22 مارس حتى فجر الأحد 23 مارس.
- ليلة 25 رمضان: من مغرب الإثنين 24 مارس حتى فجر الثلاثاء 25 مارس.
- ليلة 27 رمضان: من مغرب الأربعاء 26 مارس حتى فجر الخميس 27 مارس.
- ليلة 29 رمضان: من مغرب الجمعة 28 مارس حتى فجر السبت 29 مارس.
كيفية إحياء الليالي الوترية في رمضان

يقول الإمام ابن باز رحمه الله: يشرع للمؤمنين الاجتهاد فيها بـ الصلاة وقراءة القران والصدقة والاستغفار والذّكر، وغير هذا من وجوه الخير، قالت رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يجاور في العشر الأواخر؛ أي يعتكف في العشر الأواخر من رمضان، رجاء حصول هذه الليلة؛ ليقومها ويجتهد فيها، ويقول: تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان، وكان عليه الصلاة والسلام يحض أصحابه على قيام رمضان، ويخص العشر بالمزيد من العناية، ويجتهد فيها ما لا يجتهد في غيرها، فدلّ ذلك على أنه ينبغي تخصيصها بمزيد من العمل وإحياء ليلها بالعبادة؛ من الصلاة والقراءة والذّكر وغير ذلك رجاء هذه الليلة، ويمكن إحياء الليالي الوترية من خلال التقرب إلى الله، فإنها إن صادفت فيها ليلة القدر؛ نلت الكثير من الأجور والبركات من خيري الدنيا والآخرة، ويكون هذا من خلال ما يلي:
قيام الليل وصلاة التهجد
ويقول الإمام ابن باز، رحمه الله: الأسباب التي تُعين على قيام الليل كثيرة، منها: تذكّر الآخرة، وما لها من الأجر العظيم، وأن الله أثنى عليهم في قوله جل وعلا عن الصالحين: "كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ"، وإحياء الليل بالصلاة من أعظم القربات التي يتقرب بها العبد إلى الله، فقد ورد عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه"، وتتمثل طريقة القيام في إطالة الركوع والسجود، مع تدبر الآيات، وأداء صلاة الوتر.
قراءة القرآن الكريم
يحرص المسلمون في هذه الليالي على قراءة القرآن الكريم وختمه، فهو الشهر الذي أنزل فيه القرآن، فالقرآن الكريم نورٌ وهدايةٌ، وهو شفاء للقلوب والصدور، فقراءته في رمضان تساعد على تطهير النفس وتقوية الإيمان، لذلك فيُستحب الإكثار من تلاوة القرآن في العشر الأواخر، تدبراً وخشوعاً.
الإكثار من الذكر والاستغفار
يقول الإمام ابن باز، رحمه الله: فإن الله جل وعلا شرع لعباده الذكر والاستغفار، وأمرهم بالإكثار من ذكر الله، قال جل وعلا: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًاً، وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا" ، فمن أهم الأعمال التي يُستحب الإكثار منها:
- التسبيح: "سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم".
- التهليل: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير".
- الاستغفار: "أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه".
الاعتكاف في المساجد لمن استطاع
يقول الإمام ابن باز، رحمه الله: الاعتكاف سنّة، فعلها المصطفى صلى الله عليه وسلم، وأفضل ما يكون في شهر رمضان، وعنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي اللَّه عَنْهُما، قالَ: كانَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعتَكِفُ العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ، وعنْ عائشةَ رَضِيَ اللَّه عنْها، أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يَعْتَكِف، والاعتكاف سنّة مؤكدة في العشر الأواخر من رمضان، وكان النبي، صلى الله عليه وسلم، يحرص عليه طلباً لليلة القدر، حيث يتفرغ المعتكف للعبادة في المسجد، ويتجنب الانشغال بأمور الدنيا، مما يعينه على التزود بالتقوى.
الاجتهاد في الدعاء
وقد ورد عن السيدة عائشة، رضي الله عنها، أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم: "يا رسول الله، أرأيت إن علمت أي ليلة هي ليلة القدر، ما أقول فيها؟ فقال: قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني"، لذا فيستحب للمسلم أن يُكثر من الدعاء في السجود، وبين الأذان والإقامة، مع الحرص على دعاء الله بما في القلب من حاجات دينية ودنيوية.
قد ترغبين أكثر في التعرف إلى: الأعمال المستحبة في العشر الأواخر من شهر رمضان