كيف أتعامل مع زوجي الموسوس؟

يعاني بعض الأشخاص من شعورهم المتفاقم بالوسوسة، فهم يبحثون دائماً حول كل ما هو مثالي ومتكامل، وتضربهم كثير من موجات الشك والقلق، لا تكاد تنتهي حول التفاصيل وجدوى ما حققوه وجودته وكفاءته، وقد يتفاقم الأمر ليصل للوسواس القهري، فكيف تتعاملين مع شريك حياتك إذا كانت شخصيته على هذه الشاكلة؟ تابعي السياق التالي لتتعرفي أكثر إلى الشخصية الموسوسة وكيفية التعامل مع الزوج الموسوس.

الشخصية الموسوسة والشخصية المريضة بالوسوسة (القهرية)

تقول د. عنايات أبو الفتوح نجاري استشاري العلاقات الأسرية والنفسية وحاصلة على الدكتوراة في العلوم الإنسانية لسيدتي: في البداية لا بد من التفريق بين الشخصية الموسوسة OCPD والشخصية المريضة بالوسوسة (القهرية) OCD، حيث يمكننا أن نقول إن كلا الأمرين يُعدان من اضطرابات الشخصية، ولكن يفرقهما أن الأخير يكون قهرياً أي لا إرادي، ويصاحبه الشعور بالضيق والرفض والمعاناة، فالمصاب بالوسواس القهري يجد نفسه مضطراً لممارسة هذه الوسوسة غير الصحية، كونها نتاج أفكار مقلقة وقهرية لا إرادية، بينما الشخص ذو الشخصية الموسوسة تكون أفعاله كلها إرادية، حيث يتسق عقله الواعي مع عقله الباطن في أداء عمل ما موسوس، كما أنه يشعر بكثير من السعادة والراحة عند ممارسة طقوسه "الموسوسة" وتطبيقها بالحياة.
تؤكد د. عنايات أن التعامل مع الشخصية الموسوسة قد يكون أكثر احتمالاً على الرغم من صعوبته في التعامل مع الشخص المريض بالمرض النفسي العصابي المعروف بالوسواس القهري، حيث إن كلتا الشخصيتين تتشابهان ظاهرياً في كثير من التفاصيل والتصرفات كالميل للمثالية والتناسق والترتيب والجنوح المفرط نحو الكمال في كل الأمور، بالإضافة لكثير من القلق والشك من عدم الوصول للمستوى المطلوب من المثالية والجودة، والحاجة الحتمية لأن يكون كل شيء خالياً من العيوب وفي مكانه، ومن ثم فكل هذه الأمور تؤثر وبقوة على الأسرة والمقربين الذين يعانون في التعامل مع هؤلاء الأشخاص.
وإذا كانت الوسوسة تفضي إلى الشك، يمكنك بالسياق التالي التعرف إلى بعض أسباب وعلاج مرض الشك

كيف أكتشف أن زوجي موسوس؟

تؤكد د. عنايات: هناك العديد من الأعراض والعلامات الواضحة على الشخصية الموسوسة:

• الغيرة الشديدة.
• الجنوح دائماً للسيطرة ومحاولة فرض الرأي.
• استحالة التخلص من الأشياء.
• الانشغال بالتذكر والانتباه إلى التفاصيل والحقائق الدقيقة.
• الاحتفاظ بملابس لأجل غير مسمى على الرغم من أنها لن تستخدم مرة أخرى.
• يحتفظ بأوراق لا تعد ولا تحصى بدون أي معنى.
• يعمد لاتباع القواعد بشكل مرضي، ويسير طبق اللوائح والقوانين.
• إنه يتأخر دائماً؛ لأنه يستغرق وقتاً طويلاً للقيام بأشياء معينة.
• يستمتع بالقوائم والجداول الزمنية.
• شخصيته غير مرنة بل شديدة الصلادة ولا يتنازل عن رأيه.
• محاولة الوصول للكمال حتى لو كان مستحيلاً.
• الحاجة الحتمية لأن يكون كل شيء وفق وجهة نظره خالياً من العيوب وفي مكانه.
• يتميز بالميل إلى أزمة الضمير الأخلاقي.
• يكون مصاباً بالهوس بالنظام والدقة.
• تكون ردود أفعاله عاطفية وشديدة تجاه الأشياء الصغيرة.
• عدم القدرة على النوم بشكل صحيح.
• السهر لوقت متأخر لإنجاز الأمور.

كيفية التعامل مع الزوج الموسوس؟

تقول د. عنايات: إن العيش مع الشخصية الموسوسة ليس بالمهمة السهلة، حيث يعاني المقربون خاصة الزوجة من زوجها الموسوس، والذي يصبح متشدداً للغاية في كثير من الأوقات؛ ليضمن ضمان قيام الآخرين بما يريده، وإذا لم يفعلوا ما يريد بحسب رؤيته ووجهة نظره فإنه يصب جام غضبه عليهم، وهناك عدد من الطرق تمكنك من التعامل مع شخصية الزوج الموسوس.

الاستعداد الداخلي للمساعدة

حيث ستتمكنين من مساعدته على تعلم أن يكون أكثر وعياً بذاته ويستجيب لقلقه بطرق صحية، بدلاً من اللجوء إلى أفعاله المبالغة والموسوسة.

التواصل بشكل إيجابي

لا بد من تعلم كيفية التواصل بطريقة إيجابية، ويشمل التواصل الإيجابي: تجنب النقد الشخصي، والتحدث بهدوء، وتشجيع الزوج على مشاركة أفكاره ومشاعره، كما أن تخصيص وقت منتظم للتحدث مع شريكك عن وسوسته سيساعد كثيراً في تقليل فرص الصراع والتوتر.

لا توفري له راحة البال أثناء ممارسة أفعال الوسوسة

تقول د. عنايات: غالباً ما يسعى الأشخاص المصابون بالوسوسة إلى تقليل هواجسهم عن طريق سؤال من حولهم عما يفعلونه، وهنا يجب أن نحاول ألا نوفر لهم راحة البال؛ حتى لا يتعزز لديهم الشعور بأن الوسوسة أمر عادي وطبيعي.

خلق بيئة صحية

قد يبدو أن محاولة التكيف مع الوسوسة لدى شريكك يمكن أن تكون أمراً إيجابياً ومريحاً لأعصابك، حيث يمكنك إجراء تغييرات كبيرة على الروتين والسلوكيات لتجنب قلقه. على سبيل المثال، الحفاظ على كل شيء مرتباً ومنظماً بالطريقة التي تريحه شخصياً، ومع ذلك، يمكن لهذه التصرفات أن تعزز شعوره بالوسوسة كما ذكرنا من قبل، كما أن هواجس الوسوسة التي تنتابه قد تميل إلى التصاعد في محاولته للبحث غير المنطقي عن الكمال غير الموجود، لذا فإن الاستسلام لأشياء معينة يمكن أن يؤدي إلى الاضطرار إلى الاستسلام أكثر فأكثر. وفهم هذا هو المفتاح الحقيقي لمساعدته، فبدلاً من محاولة تجنب ما يثير قلقه يجب عليك توفير بيئة صحية وتشجيع شريكك على تعلم كيفية السيطرة على وسوسته بهدوء وإقناع ومناقشة بناءة.

اعتني بنفسك

لا بد أن تعلم كل زوجة إذا كان زوجها مصاباً بالوسوسة أن العناية بنفسها أولاً هي الطريقة الوحيدة التي تمكنها من مساعدته على التغلب على الصعوبات، والمساهمة في تحسين وضعه الموسوس، لذلك لا بد من وضع الحدود، أو تخصيص وقت للحظات من الراحة والاسترخاء، أو القيام بالأنشطة التي تحتاجها للخروج خارج دائرة الوسوسة والقلق، وهذه هي النصيحة الذهبية: "مهما كان الحب، صحتك لا تقل أهمية عن صحة شريك حياتك".
ونحو المزيد يمكنك التعرف طبياً إلى: علاج التفكير الزائد والوسواس