في أمسية بعنوان "صنّاع الأثر"، جمعت نخبة من رجال وسيدات الأعمال والمجتمع، والناشطين والناشطات في دعم القضايا الإنسانية، احتفلت مؤسسة "سعي" بمنجزات أبطالها وبطلاتها من ذوي الاحتياجات الخاصة، الذين حققوا تقدماً ملموساً ضمن مسارات المؤسسة التأهيلية والتدريبية، وحجزوا لأنفسهم مكاناً مميزاً في سوق العمل كموظفين ورواد أعمال ومبدعين منتجين. كما وأرادت "سعي" من خلال الحفل تقديم الشكر لشركاء النجاح، الذين كانت لهم بصماتهم المميزة ضمن هذا المسار والنتائج التي حققها.
حين تصبح الأحلام حقيقة
حفل سعي الذي أتى بالتزامن مع يوم الأم العالمي، قدمه الإعلامي الكفيف خالد الحربي، وبدأ بعرض مرئي تحدثت فيها أمهات الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، عن فخرهن بأبنائهن وبناتهن الذين تمكنوا من تخطي إعاقاتهم المختلفة، ليصبحوا جزءاً فاعلاً في الأسرة والمجتمع، حيث مكنهم إصرارهم وعزمهم، ودعم المحيط الأسري والمجتمعي والوطني لهم، من إبراز قدراتهم الكامنة وتوظيفها في مكانها المناسب، ليحققوا أحلاماً لم يعتقدوا يوماً أنها قد تصبح حقيقة.
ثم توالت الكلمات فكانت كلمة لرئيس مجلس إدارة المؤسسة الأستاذ مرزوق بن عمريه، وكلمة مسجلة للشيخ الدكتور عبدالله المطلق، عضو هيئة كبار العلماء، وكلمة لـ د. فهد العليان، النائب الأول للرئيس التنفيذي ورئيس المسؤولية الاجتماعية في بنك الجزيرة، إذ يعد بنك الجزيرة من شركاء سعي في رسالتها الإنسانية، إلى جانب العديد من الشركات والمؤسسات والجهات الداعمة، كما ألقى الشاعر عبد الرحمن الحلوان وهو من أبطال متلازمة داون قصيدة بعنوان "قالوا عني"، ثم طُرح سؤال تفاعلي على الحضور وأتيح المجال لهم للمشاركة والتحدث عن تجاربهم مع "سعي".
منتجون وفاعلون
رئيس مجلس إدارة مؤسسة "سعي" مرزوق بن عمريه، أشار في حديث خاص ل "سيدتي" إلى أن: "هذه الأمسية تقيمها مؤسسة "سعي" لتأهيل وتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة؛ بهدف الالتقاء بشركائها في القطاع الخاص والقطاع الحكومي؛ من أجل تبادل الخبرات وتجديد أواصر المعرفة، وخلق فرص وظيفية للأشخاص ذوي الإعاقة، لينتقلوا من أفراد متلقين للخدمة إلى أفراد منتجين وفاعلين، لتحقيق رؤية سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان 2030
وتحدث بن عمريه عن شركاء سعي، قائلاً: "شركاء سعي اليوم هم أفراد المجتمع، أسر الأشخاص ذوي الإعاقة، الأشخاص ذوو الإعاقة، أصحاب الأعمال والمؤسسات والشركات، الجميع شركاء في تغيير الصورة النمطية تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة، وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من الاندماج في المجتمع، والحصول على حقوقهم الوظيفية والاجتماعية".
وأشار رئيس مجلس إدارة المؤسسة إلى أنه: "في السنوات السابقة كنا نرى الأشخاص ذوي الإعاقة في مهن محددة أو مهن بسيطة، الآن الحمد لله نراهم في جميع الوظائف، نرى خريجين من برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث، نراهم يحملون شهادات عليا في تخصصات دقيقة، ويعملون في جميع مؤسسات القطاع الخاص في مختلف الوظائف، هم يحتاجون منا إعطاءهم الفرصة والثقة المناسبة ليحققوا بناء مجتمعهم ووطنهم، ويكونوا شركاء أساسيين في تحقيق هذا المطلب".
وأضاف: "الكثير من الأشخاص ذوي الإعاقة هم اليوم رواد أعمال ورؤساء تنفيذيين، ونحن دائمًا نقول الأشخاص ذوو الإعاقة هم كالأشخاص العاديين، يوجد لديهم فروقات فمنهم المتميز ومنهم القادر على تحقيق أعلى الدرجات العلمية، أسوة بالأشخاص العاديين".
وختم حديثه بالقول: "ندعو الجميع لزيارة موقع سعي والتعرف على جميع البرامج والمبادرات المقدمة، بالتعاون مع شركائنا في القطاع الخاص، ودعم وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة، ولا نغفل أن للإعلام دورًا كبيرًا في تغيير صورة الأشخاص ذوي الإعاقة لدى المجتمع، ووجودكم اليوم أكبر دعم للأشخاص ذوي الإعاقة، لخلق فرص متنوعة لهم في القطاع الخاص، وأيضًا لتحقيق الاندماج المجتمعي".
شراكة نعتز بها
من جهته، د. فهد العليان، النائب الأول للرئيس التنفيذي ورئيس المسؤولية الاجتماعية في بنك الجزيرة، شكر لـ "سيدتي" حضورها الداعم والفاعل دائماً، وتحدث عن الكلمة التي ألقاها خلال الحفل والتي ركز فيها على المرأة، قائلاً: "أنا اليوم تحدثت في كلمتي عن المرأة كأم، يطلق عليّ زملائي وأصدقائي أنني نصير للمرأة، وهذا ليس حقيقة يعني اعتباطا لكن الحقيقة أنا من المقدرين للمرأة، وأقدر بشكل كبير هذه الأم، هذا المخلوق الذي خلقه الله عطوفاً حنوناً، والتقيت بأمهات كثيرات ورأيت شغفهن مع الأبناء، وكيف أن الأم تفني حياتها من أجل أن يكون أولادها وبناتها في صحة وعافية، وأن يكونوا متفوقين في الدراسة، لا أجد أمام هذه المخلوقة التي خلقها الله بهذا العطف والحنان إلا أن أقف يعني تقديرًا وإجلالًا وإعزازًا لهذه المرأة الأم التي تصون أولادها، أذكر أن أحد الأدباء قال أستطيع أن أتحدث عن يعني كل من فقدته لكن لا أستطيع أن أتحدث عن فقد أمي".
وأضاف: "حديثي اليوم لأن أولياء الأمور وبالذات الأم التي لديها أطفال معاقون تعاني، ومع ذلك تبذل كل ما تستطيع فعله، ورأينا في العرض المرئي كيف تحدثت إحدى الأمهات عن ابنها وكيف استطاع أن يجد وظيفة، وكانت مبتهجة ومسرورة لأنها تجد في ابنها كل حياتها".
وتحدث الدكتور العليان عن المسؤولية المجتمعية في بنك الجزيرة، مؤكداً: "نحن من الجهات الداعمة ودائمًا نقول نحن نعتز ونفتخر بالشراكة مع مؤسسة سعي لرعاية ذوي الإعاقة، ونحن برنامجنا في المسؤولية المجتمعية في بنك الجزيرة شعاره خير الجزيرة للجزيرة، و شراكتنا مع هذه المؤسسة شراكة نعتز بها كثيراً حقيقة، لأنها داعمة لفئة غالية على الجميع".
وأكد أن: "الأدوار اللي يقوم فيها القطاع غير الربحي في المملكة العربية السعودية لذوي الإعاقة أدوار جميلة ورائعة، يكفي أن الحكومة ودولتنا الفتية ورؤية السعودية 2030 تقدم كل خدماتها، هناك هيئة لرعاية ذوي الإعاقة، وهناك أيضًا هذه الكيانات والجمعيات الأهلية المهتمة المنتشرة في أرجاء المملكة العربية السعودية، كلها تقدم الخدمة وتقدم الدعم وتقدم التدريب، نحن مثلًا على سبيل المثال من خلال المسؤولية المجتمعية في بنك الجزيرة عندنا شراكات كثيرة في تدريب وتأهيل ذوي الإعاقة؛ من أجل أن يحصلوا على وظائف، وأن يطوروا مهاراتهم ويستفيدوا من خبراتهم".
وأكد العليان في ختام حديثه أنه: "ليس صعباً أن يندمج ذوو الاحتياجات الخاصة في المجتمع، متى ما آمنا ومتى أيضًا ما عملنا بروح الفريق الواحد جميعنا، ككيانات وكأفراد وأيضًا الدور الأساسي الحقيقة على المؤسسة الأولى وهي الأسرة، كيف أنها تستطيع أن تجذب أبناءها ليكونوا مع الأطفال العاديين، وأيضًا دور التعليم ودور القطاعات بشكل عام، أعتقد ليس صعبًا وهو أمر يعني حتمي ويجب أن يكون".
الخط موهبة من الله
خلال الأمسية الجميلة كان لنا لقاءات مع أبطال من ذوي الاحتياجات الخاصة، لم يتركوا إعاقاتهم المختلفة تقف عائقاً في طريق نجاحهم، فتحدثنا مع عبد الرحمن الخالدي وهو من المصابين بطيف التوحد، والذي أكد في بداية حديثه أن الخط العربي جذبه من خلال خط المصحف، وتأثره بالشيخ عثمان طه، خطَّاط المصحف الشريف في المدينة المنورة، الذي كتب المصحف بخط النسخ، وكتب أسماء السور بخط الثلث ومن خلال الكتابة اليدوية في المسلسلات الكرتونية والبرامج.
وأوضح الخالدي أن أحداً لم يدرسه الخط، إنما طور مهاراته بنفسه، قائلاً: "الخط يعني موهبة فنية من الله سبحانه وتعالى، الذي جعل الإنسان يرتقي إلى أعلى مستوياته".
وأشار إلى أن إصابته بطيف التوحد أعاقت عمله في بعض الأحيان، مشيراً إلى أن "الإنسان يأمل دوماً أن تكون لديه روح المبادرة، وأن تكون عنده شخصية جذابة تساعده على النجاح."
وفي ختام حديثه قال عبد الرحمن الخالدي: "من كان له الدور في أن أتخطى إصابتي بالتوحد، هي أمي حيث ساعدتني على القراءة والكتابة وتعلم الأرقام والحروف وكما قال النبي عليه الصلاة والسلام الجنة تحت أقدام الأمهات".
يداً بيد
كان لنا حديث أيضاً مع بدر العتيبي ووالدته، التي لا تعرف عن نفسها إلا بـ "أم بدر"، وبدر من ذوي الاحتياجات الخاصة وهو اليوم موظف، ويفاخر هو ووالدته بوظيفته وبدوره الفاعل في الأسرة والمجتمع، فقالت أم بدر: " كما ترون ولله الحمد أباهي ببدر فهو صار الآن لبنة مهمة في الأسرة، رجل طبيعي وقوي يساعد ويشارك ولا ينقصه شيء، من قبل كان ينقصه التأهيل والتعليم، ولكن اليوم ولله الحمد صار مؤهلاً ومدرباً داخل سوق العمل، يشاركني في مصروف البيت، يشاركني في قراراتي، نتكلم في موضوع أو غيره، وعندما يتواجد في أي مكان يعرف عن نفسه " أنا بدر، موظف"، فكيف لا أحس بالفخر؟".
وعرفنا بدر عن وظيفته قائلاً: "وظيفتي أعمال إدارية، كتابة خطابات، تغليف حراري، وغير ذلك، تدرجت في أكثر من وظيفة وأطمح أن أكون رجلًا مهمًا في الدولة".
ثم تحدثت أم بدر عن "سعي" فقالت: "هذه المؤسسة الجميلة المهتمة بهذه الفئة الغالية على قلوبنا والبركة علينا كأولياء أمور ولله الحمد". وأضافت: "أهم نقطة كان تدريب بدر وزملائه على مواجهة المجتمع بالأخص في ما يخص المضايقات، وتأهيلهم لسوق العمل، دربوهم وكانوا متابعين لهم في كل تفصيل، أي أنهم لم يضعوهم في سوق العمل ويتركوهم دون توجيه ودعم، بل كان هناك مشرفون يتفقدون أحوالهم دائماً".
وختمت أم بدر بالقول: "نحن في بلد خير في بلد متكاتف الغني والفقير والقوي والضعيف والمعاق والسليم جميعهم يد وحدة، كما يدي في يد ولدي بدر، وبإذن الله نتجه نحو الأحسن دائماً".
لقطات من الحفل
الشاعر عبد الرحمن الحلوان (من أبطال متلازمة داون) يلقي قصيدة خلال الأمسية
الأمسية جمعت نخبة من رجال وسيدات المجتمع
شركاء نجاح سعي
سيدتي تواكب دوماً مبادرات الجمعيات والمؤسسات لخدمة المجتمع، وفي هذا السياق اقرؤوا: برعاية حرم ولي العهد الأميرة سارة بنت مشهور بن عبد العزيز آل سعود" سيدتي" شريك إعلامي لحفل جمعية النهضة الخيري لدعم واستدامة البرامج التنموية والمهنية