"وبات الحلم حقيقة"، بهذه العبارة افتتح الرئيس التنفيذي لهيئة الأزياء السعودية بوراك شاكماك حديثه لـ"سيدتي"، وذلك خلال حفل افتتاح "ذا لاب"، وهو أول أستوديو من نوعه في المملكة لتطوير المنتجات، بما يمثل نقطة تحول كبرى في قطاع الأزياء في المملكة العربية السعودية، يهدف لتمكين المصممين وأصحاب العلامات التجارية ورواد الأعمال من تحقيق رؤاهم الإبداعية تحت علامة "صنع في الرياض".
ويجسد هذا المشروع التحويلي التعاون بين هيئة الأزياء ومدينة محمد بن سلمان غير الربحية "مدينة مسك"، لتطوير برامج التعليم والتدريب للمصممين السعوديين الشباب، بالإضافة إلى خلق الفرص لاحتضان رواد الأعمال وجذب المواهب والمستثمرين إلى قطاع الأزياء في المملكة العربية السعودية، كما أنها تُعتبر نقطة بداية لاستضافة الفعاليات والمهرجانات الخاصة في مجال الأزياء والموضة بمدينة مسك. وقد دعت هيئة الأزياء أصحاب العلامات التجارية والمصممين إلى الانضمام إلى هذه المساحة الاستثنائية ليكونوا جزءاً من فجر جديد في صناعة الأزياء.
وتم افتتاح الأستوديو الذي يقع في مقر ملتقى المدينة بمدينة مسك في الرياض، بحضور الرئيس التنفيذي لمؤسسة محمد بن سلمان الخيرية "مسك" د. بدر البدر، والرئيس التنفيذي لمدينة مسك ديفيد هنري، حيث تم قص الشريط ليكشف عن مساحة عمل إبداعية متكاملة ذات أقسام متعددة مزودة بأحدث التقنيات والمعدات المصممة لتقديم خدمات ذات مستوى عالٍ من الإتقان والإبداع، منها ما استُجلب لأول مرة، ليس فقط للمدينة، وإنما للمملكة بشكل عام.
علامة فارقة
الرئيس التنفيذي لهيئة الأزياء بوراك شاكماك الذي كان قد ألقى كلمة خلال حفل الافتتاح أوضح فيها الأهداف خلف تأسيس هذا الأستوديو وآلية عمله وميزاته، أكد في حديث خاص لـ"سيدتي" أن: "ذا لاب هو بمنزلة الحلم ليس فقط لهيئة الأزياء وإنما للعديد من العلامات ومصممي الأزياء في السعودية، وهو علامة فارقة مهمة لبناء النظام البيئي للأزياء في المملكة العربية السعودية"، وأضاف: "كما تعلمون لقد قمنا بالكثير من البرامج لدعم العلامات التجارية، ولكن ما تحتاجه العلامات التجارية هو مكان تكون قادرة فيه على عمل عينات ونماذج أولية مبتكرة لمنتجاتها؛ فهم كانوا حتى الآن يسافرون إلى الخارج ليتمكنوا من القيام بذلك، وهذه هي المساحة الأولى من نوعها التي تحتوي على أحدث التقنيات التي ستسمح لجميع العلامات التجارية بأن تكون قادرة على صنع عيناتها من المنتجات الواسعة النطاق التي لا تشمل فقط تفصيل الملابس ولكن أيضاً الحياكة وتقنيات وماكينات أخرى فريدة مثل آلات الربط باستخدام البرامج الرقمية وآلات التطريز أيضاً".
وأشار شاكماك إلى أن "هذه المساحة مفتوحة بالتأكيد لأي شخص مهتم بهذه الصناعة في السعودية، بغض النظر عن المكان الذي يأتي منه، يمكن أن تكون علامات تجارية محلية أو عالمية ترغب في إطلاق مجموعة جديدة في السعودية، ويمكن أن تعني أيضاً خريجي الجامعات الذين يرغبون في إطلاق مجموعاتهم الأولى"، مضيفاً: "سنجد طريقة دوماً للتعرف إلى جميع المبدعين الموجودين في البلاد وإلى أفكارهم حتى نحولها إلى منتجات نهائية؛ ما سيساعد على اكتشاف مواهبهم".
وأوضح الرئيس التنفيذي أن الهيئة تحاول جلب أكبر قدر ممكن من التكنولوجيا، قائلاً: "لقد تطورت عمليات التصنيع بشكل كبير، ومعظم الأمور تتم اليوم رقمياً؛ لذا سيكون المصممون قادرين على عمل حزم تقنية رقمية وربط كل المراحل بدءاً من صنع نمط التصميم الرقمي إلى استخدام قاطع ليزر رقمي يُستخدم في التفصيل وغيرها من الآلات المتخصصة مثل الربط بالموجات فوق الصوتية وبعض التقنيات الأخرى المتاحة لإنجاز المنتج، ولكن الأهم هو أن لدينا إحدى الآلات الفريدة، وهي آلة تطريز متصلة بطابعة رقمية تتيح تقديم تطريزات ملونة لا حدود لها ليتم تطبيقها على المنتج، وأخيراً هناك آلة أخرى فريدة جداً لدينا، وهي الطابعة الرقمية التي قمنا بجلبها تَوًّا، وهي من أفضل الطابعات الرقمية التي يمكنها الطباعة على أي نوع من القماش حيث يمكن أن تبلغ إمكانية الطباعة عبرها آلاف الأمتار هنا في مدينة مسك".
وتابع بالقول: "يتيح ذلك للمصممين أن يصبحوا أكثر ابتكاراً خلال عملهم على تطبيق أفكارهم، وبالتأكيد هناك أثر كبير للجلوس بجانب المصممين التقنيين والفريق الذي يقوم بأخذ العينات؛ حتى يتمكنوا من التعلم من بعضهم بعضاً، ويفهموا الجانب الفني بشكل أفضل بكثير، وكذلك سيكونون قادرين على تجاوز الحدود المتوقعة في التصميم".
وعلى الرغم من كون هذا الأستوديو مخصصاً لتطوير المنتجات المحلية؛ فإنه يوفر الكثير من مصادر الدعم الخارجية في حال عدم توافرها محلياً، وعن ذلك قال: "نحاول التأكد من أن ما لا يمكن إنتاجه هنا يمكن الوصول إليه من خلال هذا المكتب؛ لذلك أي شخص مهتم بالقيام بذلك، سواء أحذية أو أكسسوارات أو أي مجموعة من المنتجات غير الموجودة هنا، أو مثلاً إنتاج الأزياء الراقية، وما إلى ذلك؛ سيكون لديه إمكانية الوصول إلى نخبة من أفضل الموردين حول العالم لتلقي الدعم، علاوة على ذلك، لدينا في الأستوديو مجموعة كبيرة من عينات الأقمشة من كبار الموردين حول العالم، وسيكون المصممون قادرين على اختيار الأقمشة الأكثر استدامة من أي مكان في العالم وطلبها بكل أريحية في الرياض، وسيتم تسليمها مباشرة إلى المكان لإنتاج منتجاتهم".
نذكركم بواحد من الأحداث التي برزت مؤخراً في السعودية في مجال الأزياء، وهو أنه بالشراكة مع هيئة الأزياء معهد "مارانجوني" العالمي يفتتح معهداً للتدريب العالي في الرياض.
تكامل مسك وهيئة الأزياء في دعم إبداع الشباب
من جهته تحدث ديفيد هنري، الرئيس التنفيذي لمدينة مسك عن التكامل ما بين مدينة مسك وهيئة الأزياء قائلاً: "تم توقيع مذكرة تفاهم بين مدينة مسك وهيئة الأزياء منذ بضع سنوات لمساعدتها بشكل أساسي في بناء النظام البيئي لما أسميه النظام البيئي الشبابي للأزياء في البلاد، وقد شاركنا حتى الآن في بعض برامجهم المهمة، ولكن الأهم بينها هو بلورة ما نفتتحه اليوم، الذي يُسمى "ذا لاب"، والذي هو أستوديو تطوير للمنتجات خاص بالهيئة، ويقع في مدينة مسك، وهو الخطوة الأولى نحو توسيع النظام البيئي لصناعة الأزياء بالتجزئة بالكامل في المدينة في الأعوام المقبلة".
وعن توافق الأهداف والتطلعات بين المؤسستين قال هنري: "إذا نظرتم إلى توجهات المؤسسة ورؤيتها، فستجدون أنها تركز على الشباب، وتتعلق بالإبداع والابتكار، كذلك إذا اطلعتم على التطلعات الموازية لهيئة الأزياء؛ فستجدون أنها بشكل عام تدور حول صناعة أزياء يقودها الشباب، حيث يوجد الكثير من الخطوات التي تم القيام بها في وقت سابق تتمحور حول الشباب ودعمهم في إنشاء علامات أزياء خاصة بهم أو أعمال أخرى؛ فالأمر كله محوره الإبداع في المدينة سواء كان ذلك من خلال هيئة الأزياء أو دعم مسك الخاص أو المركز العلمي الخاص بنا، كذلك يتعلق الأمر بالابتكار وهو ما نقوم به في هذا المقر الذي هو ملتقى المدينة، وهو ما سيقوم به "ذا لاب"، وهذه من المجالات الأساسية التي تدفع باقتصاد البلاد من خلال وظائف الاقتصاد الجديد".
وعن تطور قطاع الأزياء في المملكة قال هنري: "لقد أجرينا بحثاً في 2019-2020 حول وظائف الاقتصاد الجديد في الصناعات التي تدور حولها رؤية 2030، ومن الواضح أن الصناعات الإبداعية ومنها صناعة الأزياء بالتجزئة برزت بوضوح باعتبارها من متطلبات الشباب المعاصر، وهذا حفزنا لاستهداف توجهات إعلامية جديدة متعلقة بالأزياء. وكما تعلمون لدينا مانجا للإنتاج؛ لذا فهذا مجرد مجال من المجالات الأساسية والمجموعات المراد التركيز عليها حيث الكثير من الشباب الذين تحدثنا إليهم أرادوا الدخول في صناعة الأزياء، وكل ذلك يتماشى مع رؤية صاحب السمو لمدينة مسك".
في هذا السياق، اقرؤوا أيضاً ما كتبته رئيسة التحرير لمى الشثري: صناعة الأزياء في السعودية تعيش تطوراً كبيراً
وفي نهاية حديثه وجه الرئيس التنفيذي لمدينة مسك نصيحة للشباب والشابات المهتمين بالأزياء قائلاً: "إذا كان لديكم الشغف لأن تكونوا مصممي ومصممات أزياء، استفيدوا من هذا المكان بوصفه نقطة انطلاق ليأخذكم إلى ما يمكن أن يكون شركة صغيرة أو متوسطة الحجم؛ لذا يمكن أن تكون المؤسسة الصغيرة والمتوسطة الحجم هي لمصمم واحد"، وأضاف: "قد ترغبون بالنمو أو بالاتجاه نحو تجارة التجزئة على المستوى الإقليمي أو العالمي؛ لذا تعالوا وابدؤوا هنا، ستحظون بدعم هيئة الأزياء ودعم المؤسسات في مجال أخرى لتنمية المهارات، لتطوير المهارات الإدارية في الأعمال، لإدارة الأشخاص إذا كنا نستطيع تسميتها بهذا الشكل؛ فهذا المكان هو مقر تلاقي كل العناصر".
نبذة عن هيئة الأزياء:
تأسست هيئة الأزياء تحت مظلة وزارة الثقافة لتكون ممكناً وداعماً لقطاع الأزياء في المملكة، ويتركز دورها في دعم مجتمع الأزياء وتطوير بيئة تنموية للقطاع مع الحرص على تغطية جميع مراحل سلسلة القيمة للمنتج؛ بدءاً من عملية التصميم، ومروراً بالإنتاج والتطوير وإدارة دورة حياة المنتج. وقد حرصت الهيئة على تعزيز التراث، والهوية الوطنية، والإسهام في تلبية الاحتياجات العالمية وتحقيق الأثر الإيجابي في الاقتصاد الوطني، كما تهدف رسالة الهيئة إلى تمكين قطاع الأزياء، والعمل على تطويره وتحقيق ازدهاره؛ ليكون مستداماً، وشاملاً ومتكاملاً، وداعماً للمواهب والخبرات والكفاءات المحلية.
نبذة عن مدينة محمد بن سلمان غير الربحية:
مدينة محمد بن سلمان غير الربحية "مدينة مسك" هي أول مدينة غير ربحية من نوعها في العالم، تهدف إلى بناء مجتمع حيوي مستدام جاذب للسكان والزوار؛ حيث تلعب البيئة الابتكارية لمدينة مسك دوراً فعالاً في تحقيق أهداف مؤسسة محمد بن سلمان "مسك" ومنظومتها الحيوية، لذا صُممت لتكون مدينة محورها الإنسان تركز على الشباب ووجهة حضارية لاحتضان العقول الشابة والمبدعة لتعيش وتتعلم وتبتكر نحو مستقبل مشرق.
لقطات من الحدث: