إماراتية جامعية يتهمها زوجها بالجنون!

كانت سميحة؛ تحلم في مرحلة الصبا الأول بدخول القفص الذهبي؛ لكنها لم تكن تدري ما الذي يخبئه القدر لها، فعوضاً عن منزل الزوجية، وجدت نفسها بين ليلة وضحاها، مطرودة منه، ومحرومة من أطفالها الأربعة، ولا تجد بسبب ضيق ذات اليد؛ سوى سيارتها لتنام فيها لأكثر من 14 يوماً، «سيدتي نت»، تابعت قصتها بتفاصيلها منها.

حكايتها شأنها شأن آلاف النساء الشرقيات، اللواتي يتزوجن بصورة تقليدية، ضمن قيم وأعراف متداولة؛ لكنها لم تكن تدرك حتى في خيالها، أن الأمر سينتهي بها في أروقة المحاكم، وأنها ستضطر يوماً لإثبات سويتها، وأنها ليست مختلة، كما ادعى «طليقها »، وطالب بإحالتها إلى لجنة طبية؛ لفحصها، ومعرفة مدى أهليتها العقلية لحضانة الأبناء...
 
جامعية

عندما التقت «سيدتي نت»، الزوجة المكلومة، بدا الهمّ والقلق واضحين على وجهها، فقد تحملت، حسب قولها، كل شيء، منذ زواجها به، بدءاً من معاملتها كخادمة، تسهر على راحته، وليس نهاية بتلك الدقائق المريرة آخر الليل؛ حيث ينال حقه الشرعي منها.
بلعت سميحة غصة، وأطالت النظر وقتها إلى سقف الغرفة، وتابعت: « الأصعب في المعادلة؛ أنه كان يشعرني دوماً بأنني لاشيء، لا أهمية لآرائي. صبرت، وقلت: إن الزمن سيغيره، والإحساس بالأبوة سيجعله أكثر التصاقاً بالمنزل، لكن أياً من ذلك لم يحصل؛ فقد اتسعت الهوة بيني وبينه، ولأني جامعية قررت العمل؛ حتى أخرج من إطار ربة المنزل التي سئمت من التوسل لزوجها للحصول على المال؛ لشراء احتياجاتها الشخصية...
 
عودي إليه

بدأت الخلافات تزيد، وتطورت المسألة، حسب أقوال سميحة، من الشتم بالألفاظ النابية أمام أبنائها، إلى الضرب، وسكب الماء الساخن عليها؛ بقصد تشويهها، هنا تستدرك: « لكن عناية الله كانت حاضرة؛ فلم أصب إلا بقدمي اليمنى، وجزء من ساقي.
عقب ذلك، شعرت بأن الحياة لا يمكن لها أن تستمر مع شخص سادي؛ يجاهر بعلاقاته وخياناته أمام الأولاد، وعندما طلبت منه الانفصال بهدوء؛ طردني من المنزل، وعندما حاولت العودة إلى بيتي؛ قام بتغيير الأقفال، ولم يسمح لي بأخذ أبسط الاحتياجات، حتى أسرتي، عندما توجهت لها، رفضت مساعدتي، وقالوا: عودي إلى منزل زوجك، واطلبي منه السماح؛ فلا مكان لأم مطلقة مع أبنائها في البيت هنا.
 
مكالمات مسجلة

قررت سميحة، أن تبدأ بجمع الأدلة التي تدين زوجها؛ كي تتمكن من أخذ حريتها؛ فعادت إلى المنزل؛ صاغرة ذليلة، وراحت، حسب ما كشفت، تسجل له كل المكالمات التي يشتمها ويشتم أسرتها بها؛ خاصة أمام بعض الضيوف.
تتابع: «بالفعل عندما تقدمت بطلب الانفصال عنه؛ كانت هذه الأدلة التي ساعدت في تفريقي عنه، تمكنت بعدها أن أجمع شتات نفسي، وقمت باستئجار شقة صغيرة في دبي، وأنا الآن أسعى لأخذ حضانة أبنائي؛ الذين سلبهم مني، ويعيشون عند أهله، أنتظر حكم المحكمة؛ إذ إنه أحضر شهوداً يدّعون أني أضرب أولادي ضرباً مبرحاً، وأن عندي حالة جنون مؤقت؛ تجعلني إنسانة غير متزنة، والغريب، أنهم أقسموا وحلفوا اليمين، وكل ذلك لحرماني من حضانة أبنائي، وإسقاط النفقة؛ لاسيما وأن زوجي السابق، كان يعمل في دائرة حكومية بدبي، ويتقاضى راتباً جيداً؛ لكنه يناضل حالياً في سبيل إثبات عدم أهليتي، ويشكك في قواي العقلية، ولا يكفيه ما أعانيه من بعد أبنائي، ونبذ أسرتي لي».
 
في مهب الريح

الكل ابتعد عن سميحة تدريجياً، وبقيت وحدها في حربها معه، وكأن لسان حالهم يقول لها: كان عليكِ الرضوخ، والرضا بقدر الله، تستدرك: «يقصدون أن أقبل بحياة؛ لا كرامة ولا احترام فيها، ألا تكفيني عقوبتي من أسرتي؛ التي اعتبرت لجوئي للمحكمة انتقاصاً من كرامتها وسمعتها بين الناس؛ فهم لم يقفوا بجانبي، وتركوني في مهب الريح».
عادت سميحة إلى الموقف الأصعب، كما تعتبره، وهو، تلك الأيام الـ14 التي اضطرت فيها إلى النوم في السيارة، بعد أن نبذها، حتى أهلها، كان الخوف يتملكها يومياً؛ أن تتعرض للاعتداء أو القتل، تابعت: «كنت أبحث عن موقف آمن في حديقة، أو موقف بناية، وعندما يحل الليل؛ الله وحده يعلم ما كان يعتمل في صدري من رعب، والأصعب أن يكون لديّ عمل في الصباح، فأضطر لأن أغسل وجهي بماء؛ أشتريه في قنينة، وأذهب للعمل مبكراً قليلاً، وأحاول أن أمسح جسمي بالماء والصابون».
أكثر ما تكرهه سميحة، هو النظر إلى قدمها المشوهة، فهي تذكرها بسكب الماء الساخن، عدا أعقاب السجائر، التي كان يحب أن يغرسها في جسدها، والتي رأينا علاماتها، تعلّق: «حتى أثناء فترة رفع قضية الطلاق، كان يهددني ويشتمني؛ بل ورفع قضية على والدي؛ اتهمه فيها بتهديده وشتمه».
الآن القضية بينها وبينه، فقد قدم طلباً للمحكمة يلتمس فيه إسقاط حضانتها عن أبنائهما الأربعة، وهم: ثلاثة أولاد، وابنة واحدة، أكبرهم 10 سنوات، وأصغرهم 5 سنوات؛ بدعوى الإهمال، وعدم الأهلية للحضانة، تتابع: «حجته، أنني أتسلم النفقة وأنفقها على أهوائي، كما اتهمني بالتعدي على أبنائي بالضرب، وإحداث عاهات مستديمة بهم، ووضع مثالاً لذلك، ضياع طفلي في المحكمة في إحدى الجلسات، وطالب بتسجيل ذلك كقرينة لدعوته. والآن القضية تنظرها المحكمة، والمستقبل هو الذي يحمل الحكم لصالح من منا»
 
لن أتنازل

الزوج له رواية أخرى، وبحسب أقواله للشرطة؛ يدعي: أن زوجته عصبية المزاج، دائمة الصراخ والشكوى، حتى على زملائها في العمل؛ فهي معروفة بكثرة مشاحناتها، وقال: إنها مهملة بحق الأولاد، وتضربهم بوحشية؛ مشيراً إلى أن تقريراً طبياً؛ سلمه للشرطة، يفيد بتعرض ابنته للضرب المبرح، وعندما اتصلنا به؛ رد قائلاً: « لن أتنازل؛ فقد أخذت مبالغ مالية كبيرة؛ كنفقة للأبناء، لكنها بددتها على نفسها فقط، ولم تجلب لهم إلا التعاسة والإهانة». واكتفى بهذه الجمل.
 
محامي الدفاع

محامي الدفاع عن سميحة، حدثنا كيف شرعت الحضانة وفق ما ذهبت إليه أحكام قانون الأحوال الشخصية الإماراتي الاتحادي لمصلحة المحضون، فجعل الحضانة للأم، ثم للأب، ثم أم الأم وما تبعه من ترتيب، كما وقرر أن تكون سن الحضانة لدى النساء للذكر إلى سن الـ11 عاماً، وللأنثى إلى سن الـ13 عاماً.
يوضح المحامي: «في قضية سميحة، أن الأب يريد الانتقام من شخص الأم بالأبناء، وكان ذلك ظاهراً من خلال ردوده بالمحكمة، وأنها تأخذ نفقة تنفقها على نفسها. أما الدفع بدعوى إسقاط الحضانة بالجنون، فهي حيلة قديمة؛ لكن القاضي يأخذ بها، ويحول الشخص المتهم بالجنون، إلى لجنة طبية؛ تشخص الحالة وتعطي تقريراً، يحكم به في النهاية. وأعتقد أن القانون، سيكون بصفها؛ خاصة، وأنها سيدة عاملة، ولها مكانتها، ولم تصنف العصبية في أي يوم من الأيام، على أنها جنون».
 
جهل بالحقوق

«ثمة عنف اجتماعي، ناجم عن النظرة القاصرة للمرأة؛ كوجود وكدور»، حسب ما صرحت الدكتورة علياء إبراهيم، اختصاصية اجتماعية، وتابعت: « كثيرات ممن تعرضن لهذا النوع من عنف الأزواج؛ حيث لازالت أغلب النساء في مجتمعاتنا؛ يفتقرن للتوعية بحقوقهن وواجباتهن»، تتابع: «جهل سميحة بمعرفة حقوقها؛ هو الذي لم يمكنها بالمطالبة بها منذ البداية».
 
ليست ظاهرة

اتصلت «سيدتي نت» بالدكتور عبد العزيز الحمادي، رئيس شعبة الحالات الأسرية في محاكم دبي، والذي اعتبر القضية، مشكلة عنف أسري؛ لا تزال ضمن إطار المشكلة، ولم ترتق لأن تصبح ظاهرة.
وتابع: «وفقاً للإحصائيات، فإن 5% من مجموع القضايا الأسرية، التي ترد إلى شعبة الحالات الأسرية في محاكم دبي، تعود للعنف، وهناك العديد من المفاهيم المغلوطة؛ التي تنتشر بالمجتمع، وبين الأزواج خاصة، وتسهم في انتشار العنف وتعزيزه، ومنها: الفهم الخاطئ لمفهوم قوامة الرجل على المرأة، وإساءة استخدام الزوج لحق التأديب»!.