ظاهرة مآدب النميمة النسائية، منتشرة في الوطن العربي كله، كما يؤكد المستشار الأسري السعودي ناصر الثبيتي، وأحياناً تهدم العُرْس نفسه؛ لأنّ فلانة لا تعرف كيف تلبس، أو أنّ فلانة زوجها بخيل عليها، وهو ما يدفع بالكثيرات لمباراة تنافسية سببها الغيرة، فيتحول العُرْس إلى نشرة إخبارية بين الحاضرات أثناء أو بعد انتهاء الحفل.
في السعودية: أم العروس «مكشرة»
حفلاتهم، حسب قول نسائهم، ملولة، والحاضرات إما مشاركات في الغناء والرقص، أو ملتزمات يمارسن هواية البحلقة والانتقاد، ورغم ذلك ترجع نورة الشبل، مديرة القسم الإعلامي بمركز طالبات جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض همسات النميمة إلى الفوارق الاجتماعية بين الأسر، والمستوى المادي، ومن واقع تجربتها في زواج ابنتها تقول نورة: «أم العروسة تسمع تعليقات من قبيل مكشرة، أو فرحانة، أو أنها ترقص كثيراً، أو أنها لم تسلم على فلانة ولم ترحب بعلانة! كل تلك الانتقادات وغيرها تولت صديقاتي نقلها لي بعد انتهاء الحفل.
الإعلامية رنا سالم علّقت: «حتى الأعراس العائلية لا يغيب عنها النقد والتعليق وإنما أقل مقارنة بالأفراح التي تتم بشكل أوسع».
كثير من الفتيات لا يحضرن إلى مقر حفل زفافهن، ويتوجهن مباشرة إلى الفندق أو إلى عش الزوجية، وترجع إسلام الخالدي، طالبة جامعية، ذلك إلى الرغبة في التخلص من تعليقات المدعوات. والمشكلة في الأعراس الكبيرة كما تراها أروى الركابي، موظفة، زيادة مساحة الفرجة والتعليقات، سواء كانت على العروس التي لا تمكث في الحفل سوى ساعة تقوم خلالها بعمل مراسم الزفة وتقطيع تورتة الحفل، تتابع: «لابد من بهارات أخرى عن كيفية رقص ابنة فلان، وعن طلاق شقيقتها، وخطبة ابن عمها. يعني باختصار عملية مراقبة مجهرية».
سندريلا الليلة
بما أن العروس ستكون سندريلا الليلة، فمن الطبيعي برأي الفنانة التشكيلية نجوى قربان أن تكون مثار الأحاديث والنقد. وهي نفس الانتقادات التي تمتد حتى مدينة حائل في شمال السعودية كما تشير إيمان الحليان، موظفة، فلا فستان العروس، ولا ماكياجها، ولا طريقة مشيتها، ولا إكسسواراتها تسلم من الانتقاد.
وبرأي مصممة الأزياء فاتن الفضل، فإن المفاجآت قد تكون سبباً لإثارة المشاكل، ومن ذلك طلب عروس من زوجها أن يحملها أثناء مراسم العُرْس، وأخرى أن يدخل في صندوق لتفاجئ الحاضرات بخروجه منه، تتابع فاتن: «عندما علمت والدة العريس بذلك هددت ابنها إذا قبل بذلك بأن تترك العُرْس، ولكنه لم يبالِ ونفذ ما طلبت منه عروسه؛ لتغادر والدته حفل زفافه تاركة الصالة لتأليف القصص والروايات عن الموقف».
في الإمارات: العروس «وحدة ما تستحي»
أول ما يتساءلون عنه، كيف تعرف العريس على العروس، وإذا كان بعيداً يبدأ الشك والهمز واللمز، وإذا ارتفعت المصاريف يقولون: «ليش هال كثر خسروا العروس ما تسوي»، وإذا اقتصدوا قالوا: «أهل العُرْس ما أكرمونا»، وحالة! كما تقول المحامية خديجة الخنبولي.
فيما ترجع ناهد داود المري، سيدة أعمال، أحاديث النميمة إلى الفراغ.
وعند خروج نور عبد الفتاح، جامعية، مع جدتها من قاعات الأفراح قالت الجدة وهي تضحك: «إيش بلاها العروس وحدة ما تستحي، من يوم ما دخلت وهي تضحك وتنظر يمين وشمال، أنا يوم عُرْسي ما قدرت أرفع راسي؛ مستحية من الجميع»!
فيما تنتقد أسماء الزعابي، مديرة تنفيذية، في صالات الأفراح، بعض التجاوزات الناتجة عن اختلاف التربية بين سيدة وأخرى، وتعترف خديجة أبو عيشة، موظفة، أنها تحرص على تلبية معظم دعوات الأعراس لشغفها بالموضة، وتجد التجمع النسائي فرصة لانتقاد ملابس الأخريات، وتعتقد الكاتبة عائشة عبد الرحمن، أن النميمة في الأعراس قلّت عن السابق، ورغم ذلك يظل تفكير بعض النساء سطحياً.
وترى إنتصار الأميري، موظفة في شركة سياحة، أن النفاق الاجتماعي في العُرْس شر لابد منه.
في مصر دخلة في «التخشيبة»
في عُرْس ابنة خالة هبة مجدي عبد الحق، موظفة، تركز الحديث عن عراقة أصول عائلة العريس، والتي لا تتناسب مع عائلة العروس الريفية. فيما العُرْس الذي حضرته سهى عبد الرحيم، موظفة، تحول لمعركة؛ فأقرباء العروس أقنعوا أم العروس بأن البوفيه صغير، وأنه لا يليق بمستوى المعازيم.
وفوجئت ربى نجيب إسكندر، موظفة، حضرت أحد الأفراح بأن العروس تركت عريسها وجلست بجوار صديقاتها السبع يتحدثن عن سيدات الفرح، وعندما عادت إلى الكوشة لم تجد عريسها. فيما دهش شقيق سارة عبد الكريم، طالبة، عندما حضر عُرْساً الكل فيه رجال سوى العروس ووالدتها وحماتها وأختها فقط؛ خوفاً من النميمة.
وبما أن العريس جواهرجي، تحولت نميمة العُرْس، الذي حضرته رنا عبد الملاك، للشبكة، وأنها ليست على الموضة ورخيصة الثمن، فخلعتها العروس وألقتها أرضاً وداست عليها بقدميها.
في المغرب: وسامة العريس مهمّة
في المغرب يتركز اهتمام النمامات على حلة العروس، تعلّق صفاء وهابي، طالبة، «إضافة إلى العريس طبعاً، إن كان وسيماً طويلاً أو قصيراً». توافقها الرأي إلهام الرايس، موظفة، فيما تركز مروى طلال، طالبة، على مكان الاحتفال، وتلتفت إيمان السلاوي، طالبة، إلى بدلة العريس!
لكن وفاء الرهوني، صحافية، لا تهتم بالتعليقات بقدر ما تستمتع بالاحتفال. وتخالفها الرأي وئام متالي، طالبة، التي تهتم بأدق تفاصيل العرس، ولا تصف خولة الزين، هذا نميمة، بل استمتاع بالمناسبة.
ومن تجربته يرى «إدريس الحجام»، أول خاطبة «رجل» في المغرب، أن أول ما يلتفت له الناس للانتقاد هي العروس، ثم العريس.
في فلسطين: إياه والإمساك بيدها
تعودت شيماء يوسف، طالبة جامعية، أن تجلس مع صديقاتها في ركن منزو يراقبن كل حركات وسكنات العروسين، فيما تراقب أم عمر ريان، موظفة، العروس، خاصة حين ترفع ذراعيها إن كان هناك سواد تحت إبطيها.
فيما تنتقد أم موسى تنيرة، ربة منزل، قريبات العروس والعريس اللواتي يستعرضن جمالهن وثيابهن، وتنتقد ميساء خليل، موظفة، هلع الضيوف أمام المأكولات.
وأجمل موقف لا تنساه أم وسيم حمود، ربة منزل، عروس قصيرة جداً ارتدت حذاء بكعب عال، وحين رقصت مع العريس تعثرت بثوبها الأبيض ووقعت أرضاً. فيما النميمة تكون برأي أم عبد الله زناد، ربة بيت، على العجائز المتصابيات في الحفل. وتعتبر الخاطبة الغزية نفيسة النميمة في الأعراس ملح العُرْس.