رغم ندرة قصص الحب ورموزه التي تركت أثراً على البشرية جمعاء، ونتذكرها دائماً عند واقعة أي حب مثالي أو عذري لم يكتب لها القدر النهاية السعيدة، فمازالت موجودة في وجدان جميع الناس؛ لأن فطرة الإنسان هي الحب، ومنها كتب الشاعر ابن عربي عن الحب مقطعاً من الشعر بدايته:
أدين بدين الحب أنى توجهت ركائبه فالحب ديني وإيماني
إحدى رموز الحب في العالم ما قبل الميلاد خلال عصر البطالمة هي قصة «كليوباترا وأنطونيوس»، التي مازال الأدباء والمبدعون حتى الآن في كافة مجالاتهم، سواء كانت أدباً أو شعراً أو دراما ينسجون منها معظم إلهاماتهم، ورغم الخيالات الكثيرة في هذه الرواية التي كان لها واقع معيش بالإسكندرية، إلا أنها أصبحت مصدراً للرومانسية العنيفة، وتضحيات الحب لدى الملوك؛ من أجل رفعة بلادهم، حيث فضلت الملكة كليوباترا أن ترمز لهذا الدور مع حبيبها أنطونيوس الذي استطاع الزواج منها، وتقديم مصر لها مستقلة عن الإمبراطورية الرومانية، الأمر الذي أثار حفيظة أوكتافيوس، خلال تولي كليوباترا ملك مصر، وتولي زوجها أنطونيوس قيادة الجيوش؛ ما أدى لقيام الحرب بين أوكتافيوس وأنطونيوس، والتي انتهت بهزيمة أنطونيوس في معركة أكتيوم البحرية وانتحاره.
وكان سبب انتحاره هزيمته وانخفاض معنوياته وفشله أمام أوكتافيوس، وخوفاً من التجريس في موكب النصر، ولم يقبل أوكتافيوس أن ينتقل العرش من كليوباترا إلى أحد أبنائها، فاختارت أن تنتحر على أن تدخل روما في موكب النصر، عليها الذل والعار مسلسلة، وفضلت أن تقتل نفسها ميتة مقدسة بحية الكوبرا، وكان ذلك في نفس الشهر الذي مات فيه زوجها، وحبيبها وهو شهر أغسطس سنة 30 ق.م.
ومنذ ذلك الحدث تفتخر النساء والزوجات بالتضحيات التي فعلتها الملكة كليوباترا، نظير حبها زوجَها أنطونيوس، الذي انتحر هو الآخر؛ لحبهما الأكبر لمصر.
روميو وجولييت
أما الرواية التي ألهبت مشاعر المحبين وهي «روميو وجوليت». وهي من أعظم أعمال الكاتب الإنجليزي وليام شكسبير، وتعتبر من الكلاسيكيات العالمية التي نسجت أحداثها بإحدى المدن الإيطالية، وهي فيرونا، وقد مثلت كثيراً في مسرحيات وأفلام قديماً وحديثاً، وظهرت مترجمة في الكثير من لغات العالم، حتى أصبح أي شخص عاطفي أو مغرم يشار إليه باسم روميو، وكذلك الحال بالنسبة لجولييت.
كما أن مشاهد روميو وجولييت ألهمت الكثير من الرسامين لرسم مشاهد المسرحية، ونتج عن ذلك تراث من اللوحات العالمية الشهيرة.
لدرجة أن المحبين بأوربا اتخذوا من أحد المباني الأثرية بالمدينة الإيطالية فيرونا مقصداً لهم؛ لتعليق إحدى الذكريات الرومانسية بين الحبيبين على جنبات المباني؛ لتخليده معتبرين هذا المكان الذي التقي فيه روميو بجوليت، حيث تجد في صور هذا المبني ملايين الرسائل والهدايا متناثرة في كل مكان بهذا الأثر.
عنترة وعبلة
أما في الجزيرة العربية، وبالتحديد في العصر الجاهلي فكان أحد رموز الحب هي قصة الفارس العبسي عنترة وحبيبته ابنة عمه عبلة، والتي لم تكلل بالزواج. وقد قضى عنترة حياته راهباً متبتلاً في محراب حبها، يغني لها ويتغنى بها، ويمزج بين بطولته وحبه مزجاً رائعاً جميلاً. وهو يصرح في بعض شعره بأنها تزوجت، وأن زوجها فارس عربي ضخم أبيض اللون، يقول لها في إحدى قصائده الموثوق بها، التي يرويها الأصمعي الثقة:
إما تَرَيْني قد نَحَلْتُ وَمَنْ يكنْ غَرَضاً لأَطْرافِ الأَسِنَّة يَنْحَـلِ
فلربَّ أبلجَ مثل بعلـكِ بادنٍ ضَخْمٍ على ظهر الجواد مُهيّل
غادرتهُ متعفراً أوصاله والقومُ بين مجَرحٍ ومجدل
والثابت أن عبلة تزوجت من غير عنترة بعد ذلك الكفاح الطويل الذي قام به من أجلها. ولم يتحقق للعاشقين حلمهما الذي طالما عاشا فيه، ومنذ ذلك التاريخ اتخذت هذه الحادثة رمزاً للحب المثالي في إحدى صوره.
قيس وليلى
أما المسرحية الشعرية «مجنون ليلى» للراحل أحمد شوقي (أمير الشعراء) رمزاً من رموز الحب المعاصر في الإقليم العربي، والتي تغنى بها موسيقار الأجيال الراحل محمد عبد الوهاب مع الراحلة أسمهان في مسرحية غنائية بينهما، والتي تعبر عن شكل الحب بالبادية العربية، وكيف كان المحبون يعبرون عن حبهم في قصائد غزلية مؤثرة.
تابعي أيضا: