سعوديات يداعبن الكرة الصفراء

رغم العقبات التي تعترض المرأة السعوديَّة في ممارسة الرياضة، إما لمفاهيم ينسبها البعض للدين وإما لقوانين مجتمعية فرضها المجتمع عليها؛ ما أدخلها في مشاكل صحيَّة ونفسيَّة معاً، إلا أنَّ هنالك فتيات من هذا الجيل حاولن كسر تلك المفاهيم؛ لاستعادة حقهن في ممارسة الرياضة.

فبدأن ممارسة نوع من الرياضات تتناسب وطبيعتهن، وفي بيئة تحافظ على خصوصيتهن بعيداً عن أعين الرجال، فأصبحنا نسمع عن ميادين تستأجرها فتيات أو نساء لممارسة الرياضة التي يرغبن بها، وتكون متنفساً لهنَّ.

"سيدتي نت" التقت مجموعة من السيدات في مجالات مختلفة، جمعت بينهن رياضة التنس الأرضي؛ ليطلعننا على تجاربهن والمواقف التي حصلت معهن، والفوائد التي جنيْنَها.

لا مستحيل رغم التحديات
نادية أبو السعود (43 عاماً) زوجة وأُم لأربعة أولاد، ماجستير في العلوم، ورئيسة قسم لزراعة الكبد وسرطان الدم بالمستشفى العسكري. مارست رياضة التنس منذ 9 سنوات. تقول: رغم الصعوبات التي تعانيها المرأة السعوديَّة في مجال الرياضة، من قيود مجتمعيَّة، وافتقار الملاعب المخصصة لذلك، ومن بينها رياضة التنس الأرضي، إلا إنَّ شعاري كان دائماً أن لا مستحيل، ومن أراد أن يحقق شيئاً فعليه بالمثابرة والإصرار.

وفي ما يتعلق برياضة التنس لم يكن أمامنا، نحن مجموعة من النساء، سوى نادي «جولد جيم»، الذي يتطلب منَّا دفع مبالغ عالية لممارسة هوايتنا، ولم يكن باستطاعة الجميع دفع تلك المبالغ في كل مرَّة.

سخرية رجالية!
وعن المواقف التي تعرضت لها تذكر أبو السعود أنَّها، وفي إحدى المرات التي كانت تبحث فيها عن ملعب، اتصلت بفندق البلاد، فردَّ عليها أحد الشباب العاملين، بلهجة فيها من الاستهزاء والاستنكار، وقال لها: أنت من تريدين اللعب أنت؟ وعندما أكدت له قال لي: إذن سنأخذ إجازة لنأتي ونشاهدك وأنت تلعبين.

ولم تخف أبو السعود أنَّها وفي إحدى المرات توجهت إلى مكتب حقوق الإنسان وحكت للموظفة المسؤولة، وهي في قمة غضبها وعصبيتها، عن عدم السماح لهن بمزاولة الرياضة، لكن وكما تقول عندما استمعت الموظفة لها تغيرت ملامحها وعبست في وجهها، فهنالك ما هو أهم من الرياضة لم تنله المرأة.

وفيما يتعلق بمسيرتها في مجال رياضة التنس تقول: كان لديَّ مدرب فلبيني، وعندما شاهد تحسن مستواي ومهارتي طلب مني الانضمام إلى فريق الجالية الفلبينية، الذي شاركت معه في بطولات، وحصلنا على جوائز، ومن ثمَّ انضممت إلى الفريق الأميركي، وخلال مسيرتي حصلت على 16 بطولة، جميعها ما بين المركز الأول والثاني والثالث.

وتنصح أبو السعود النساء والفتيات بالإقبال على ممارسة الرياضة، خاصة التنس؛ لفوائده في معالجة كثير من الأمراض، فقد كان سبباً في علاجها من الروماتيزم الذي كانت تعاني منه، إضافة إلى أنَّ رياضة التنس مهمة لكل امرأة تبحث وتحلم عن مظهر رشيق ومتناسق، بل والسعي لإنشاء فريق نسائي والمشاركة في بطولات دوليَّة مخصصة للنساء فقط.

تفاؤل بالرياضة النسائيَّة
سحر حسن نصيف، التي حصلت على الماجستير بإحدى الجامعات البريطانية في الأدب الأميركي، وأُم لـ6 أبناء، وجدة لأحد عشر حفيداً، فضلت بعد أن تقاعدت منذ عام واحد الاستمتاع بحياتها، خاصة أنَّها درست ومنذ طفولتها في مدارس خاصة في الإسكندريَّة؛ ما أتاح لها فرصة تعلم أنواع مختلفة من الرياضات، ومنها السباحة التي نالت بها بطولة الجمهوريَّة المصريَّة في السباحة، وبعد عودتها إلى السعوديَّة عملت مدربة سباحة في الجمعيَّة الفيصليَّة في جدة لمدة عام واحد، ومن ثمَّ مارست رياضة التنس الأرضي أثناء إقامتها في لندن إلى أن انضمت إلى المجموعة الأميركيَّة لرجال الأعمال؛ لممارسة التنس الأرضي.

وعن الفوائد التي لمستها نصيف نتيجة ممارستها هذه الرياضة تقول: التنس الأرضي من الرياضات التي تساعد على تحفيز الذكاء لدى الإنسان، وهي مفيدة للجسم والقلب والعظام، وتساعد على توافق جميع عضلات الجسم، إضافة إلى أنَّها تعزِّز المعارف الاجتماعيَّة.

والدتي مثلي الأعلى
أما سمر بغدادي، زوجة، وخريجة رياضيات، التي بدأت ممارسة رياضة التنس الأرضي منذ طفولتها لأنَّ والدتها هي من حببتها بها وكانت مثلها الأعلى، فقالت: هنالك مهارات نسائيَّة سعوديَّة عديدة، خاصة في مجال التنس، لكنَّها مازالت تبحث عن إتاحة الفرصة.

وعن الفوائد التي جنتها أثناء ممارستها لهذه الرياضة أوضحت بغدادي أنَّ رياضة التنس تعد علاجاً لمرض الاكتئاب، الذي أصبح مرض العصر، وهي معركة ذهنيَّة بقدر ما هي معركة لاستعراض القدرات والمهارات البدنيَّة، متمنية أن يزداد إقبال السعوديات لممارسة هذه الرياضة، وأن يزداد عدد المدربات، وتُهيأ البيئة الرياضية في السعوديَّة أكثر وبصورة أفضل.