ينادي المؤذن للصلاة. ببطء تركع «سيدة مسنة» على سجادة الصلاة، حركتها بالغة الصعوبة، كما تنهض بجهد. «لا يمكنها الصلاة بهذا الشكل» ربما كانت تلك الفكرة هي التي دفعت الطالبة الإماراتية في الجامعة الأميركية بالشارقة «سارة العقروبي»؛ لإيجاد وسيلة للتخفيف من معاناة «جدتها الطاعنة في السن». «سيدتي نت» تلتقي بسارة وتستفسر عن هذا الابتكار.
الابتكار جعل سارة تعتلي منصة التكريم في معرض «سالوني ساتالايتي» للتصميم، الذي انعقد في مدينة ميلان الإيطالية لأصحاب التصاميم المبتكرة من كل أنحاء العالم. سارة وبمشاعر اختلط فيها الفرح بالحزن شرحت لـ«سيدتي نت» حقيقة الحكاية وقالت: «كانت البداية مرتبطة بجدتي «أمل»؛ إذ كانت تعاني كثيراً عند محاولتها اتخاذ وضعية السجود أثناء أداء الصلاة، حيث كانت هذه الآلام تمثل هاجساً يومياً لي كفتاة شابة.
التحقت سارة للدراسة في كلية العمارة والفنون والتصميم في أميركية الشارقة. تتابع سارة: «بدأت بالبحث بخطوات جادة عن وسيلة تعين جدتي على أداء الصلاة براحة وطمأنينة، تشبه تلك الراحة والطمأنينة، التي ترتسم على وجهها عقب الانتهاء من الصلاة».
رحلت
من هنا ولدت لديك الفكرة. فكرة كرسي «الأمل»، الذي يتيح للمصلين كبار السن أداء الصلاة بسهولة ويسر، ولكن هل باشرت العمل في مشروعك بشكل علني؟
كان عملي خفية عن جدتي؛ المشروع اكتمل وأصبح متاحاً للمصلين، ولكن جدتي كانت قد رحلت عن الحياة إلى عالم آخر.
عظمة العرش
ما قصة حرف الكاف المطبوع على جلد الكرسي؟
يرمز لآية الكرسي في القرآن الكريم، وهي الآية التي تتحدث عن عظمة عرش الخالق واتساعه بعرض السموات والأرض. ويساعد كرسي الأمل المصلين في صلاتهم بفضل تصميمه، الذي يدعم تردد اهتزازاته القدرة لدى المرضى على تحريك أجسامهم.
ما هي آلية الكرسي؟
فيه مجسَّات تحرك جسد المصلي بسهولة، دون أن يضطر هو لبذل الجهد وعبر اهتزازات متتالية.
قدرات كامنة
الجامعة الأميركية في الشارقة هي الأولى والوحيدة في الشرق الأوسط، التي تم قبولها للمشاركة في هذا المعرض؛ لذلك بدا الدكتور بيتر هيث، مدير الجامعة فخوراً بابتكار سارة. وقال: «تكريمها يعتبر اعترافاً دولياً؛ لجودة برامج العمارة والفنون والتصميم في الجامعة، بالإضافة إلى تميز شراكاتها الفعالة إقليمياً ودولياً، وهو إنجاز عظيم يشير إلى نجاح الجامعة بتشجيع طلابها لإطلاق مواهبهم وقدراتهم الكامنة. فنحن نعلِّم طلبتنا بنفس الطريقة التي سوف يعملون بها في المستقبل».
فيما اعتبر البروفيسور دي سباتينو عميد كلية العمارة والفنون والتصميم، ابتكار سارة صوت إبداع الشرق الأوسط، وطاقته المتحركة في ميلان. وتابع: «جميع الطالبات تلقين عروضاً لإنتاج أعمالهن، ولكن لم نتخذ أي قرار حتى الآن، فنحن نعتبر هذه الأعمال ملكاً لهن، وقد احتفظنا بتفاصيل الجهات التي تقدمت بالعروض؛ ليتسنى للطالبات تقييم العروض بمزيد من التفصيلات».
مواصلة الطريق وتبني المشروع من جهة لم يبد أمراً سهلاً للكثير من الطلاب، وتدخل فيه اعتبارات اقتصادية كثيرة، منها ما يتعلق بالجامعة، ومنها ما يتعلق بالشركة التي ستتبنى الابتكار، وتقيس درجة ربحيته في السوق. لذلك تمنى عبدالله الدرمكي، موظف، أن لا يتم الإبقاء على هذا التصميم حبيس الأدراج وتابع: «ابتكار الطالبة الإماراتية هو انعكاس لتلاحم وعمق العلاقة التي تربط الأسرة الإماراتية ببعضها البعض، وقدرتها على التنافس في ميادين الابتكار عالمياً».
وطالبت هبة محمد، ربة منزل، المستثمرين الداعمين من أصحاب المال والموسرين بأن يتبنوا هذا المنتج، ويقوموا بتصنيعه وتسويقه بشكل تجاري، بحيث يصبح في متناول اليد لجميع كبار السن في بلادنا والبلاد المجاورة.
فيما يأمل سيف علي الخاطري، أن يصبح كرسي الأمل منتجاً متوفراً في الأسواق، لا أن يعلو التصميم الصدأ، ويبقى حبيس الأدراج، شأنه شأن اختراعات عدة، قام بها طلبة في جامعاتنا ولاتزال أبحاثهم وابتكاراتهم قيد الرفوف والأدراج. فذلك يشكل إحباطاً لأصحاب الأفكار الخلاقة، الذين لا يجدون من يدعمهم، وهنا يظهر دور أصحاب الأموال الذين عليهم أن يدعموا هذا المجال الحيوي والهام.