تحرص الفتيات من مختلف الأعمار على متابعة المنتديات والمواقع الاجتماعيَّة على شبكات الإنترنت، وكثيرات منهن حريصات على المشاركة، وإيصال أصواتهن للعالم في جميع مواضيع الحياة، وتحديداً فيما يخص شأنهن، وقد سهّل ذلك اقتناء معظمهن أجهزة الهواتف الذكيَّة واللوحيَّة التي تصلهن مباشرة للمواقع من دون قيود.
ولكن مستوى المشاركة فيها يكون بشكل محصور من واحدة لأخرى، فبعضهن يتجهن إلى تغيير أسمائهن الحقيقيَّة إلى أسماء مستعارة خفيَّة أو ألقاب ذات معانٍ مجهولة؛ خوفاً من متابعة الأهل والأزواج لهن، والخروج من دائرة الكبت بشكل حُر من دون تقييد لذاتهن.
«سيدتي نت» اتصلت بالاستشاري الأسري والخبير النفسي بمستشفى المشفى بجدة الدكتور خالد باحاذق؛ ليوضح لنا أسباب إخفاء الفتيات لأسمائهن وهن يتواصلن عبر المواقع الإلكترونيَّة ودوافع ذلك.
تعمد بعض الفتيات إلى إخفاء أسمائهن الحقيقيَّة لعدة أسباب مختلفة، منها: عدم إعجابها باسمها الحالي؛ لكونه غير محبوب لديها، أو قد يكون مجالاً للتندر أو السخرية من قبل الآخرين، أو بقصد إخفاء شخصيتها بسبب خوفها التعرض لها من قبل أشخاص مجهولين لإبداء رأيها في أمر ما، أو ما تناولته في كتاباتها ضد أشخاص، أو افتضاح أمرها لدى أسرتها من سلوكيات غير مقبولة في ثقافتهم وعاداتهم.
كما أنَّ غالبيَّة المجتمع يشعر بإحراج من ذكر اسم فتاة من الأسرة، مع أنَّه أقل تحرجاً من ذكر أسماء الأخريات؛ لأنَّه يعتقد أن ذكر اسمها هو تعرض للعرض مع علمه اليقين بأسماء أمهات المؤمنين والصحابيات الكرام. وللأسف أنَّ وزارة التربية والتعليم سارت على نفس الثقافة، بقصد أو من دون قصد، بعدم تسمية مدارس البنات بعكس مدارس البنين، حيث إنَّ جميع مدارس الأبناء تم تسميتها بأسماء شهيرة للصحابة والتابعين ومن جاء ذكرهم في التاريخ الإسلامي؛ لذا بقيت مدارس البنات تذكر بالأرقام.
أما السلبيات نتيجة كبت البنات في المجتمع فهي كثيرة، وأولها فقدانهن ثقتهن الذاتيَّة، خاصة في التعامل مع الجنس الآخر، وذلك بريبة وشك وخوف.
تأثير المجتمع ومبدأ العيب
لكن مازالت قضيَّة إبراز اسم المرأة للمجتمع عند البعض تعدُّ من الحدود التابعة لمبدأ العيب والعرف والتقاليد، كما أوضحت جيهان أحمد ناشطة على موقع «تويتر» أنَّ المسألة غير قابعة تحت فئة معينة أو محددة، فأكثر العائلات السعوديَّة تخاف على اسم البنت تحديداً؛ لأنَّه يندرج تحت مسمى الشرف، أو الخوف عليها من الشوشرة التي قد يتهمها البعض أو قد يبتزها باسمها أو باسم العائلة!
أسباب غير أخلاقيَّة
في حين أوضحت الأستاذة جميلة كعكي الباحثة في قضايا المرأة، قائلة: لجوء بعض الفتيات لهذه المواقع قد يكون من أجل التسلية غير الأخلاقيَّة وغير المشروعة، بحيث تضع صوراً خليعة أو صور فتيات مجهولات، القصد منها الغرر، ولتبتعد عن الشبهة تدخل بأسماء مجهولة؛ خوفاً من كشف ألاعيبها الخفيَّة.
الأهل السبب الأكبر
وأقرت سمراء عزوز المتدربة في الشؤون الاجتماعيَّة الأسريَّة، بأنَّه قد يكون السبب هو الكبت الذي يعيشه الكثير من الفتيات في المجتمع الماحي لشخصيَّة الفتاة، وبعض الأسر مقتنعة بفكرة اسم الفتاة يمس العائلة بأكملها، ويجب التنبه والحذر من الوقوع في الشبهات؛ خوفاً على مصلحة العائلة.
وربما الفتاة تدخل لعالم الإنترنت وليس في دواخلها أي نيَّة للعبث، لكن بمجرد خوفها من قوانين أهلها تضطر لأن تبهم اسمها، وتغيِّر ذاتها أمام المجتمع الإلكتروني؛ لأخذ راحتها بتفاعلها مع القضايا ومواضيع الحياة من دون تشكيل أي خطورة لها أو بشيء يمس عائلتها بحيث لا أحد يعلم من هي.
وتلقت «سيدتي نت» محادثة من إحدى الفتيات التي تخفي اسمها الحقيقي عبر المواقع الاجتماعيَّة خشية المعاكسات ومعرفة رقم هاتفها وقالت: لا أريد أن أضطر إلى تغيير رقم هاتفي كل فترة، فقد ظهرت حديثاً في التقنية برامج يمكنك من خلالها معرفة جميع أرقام الشخص واسمه واسم عائلته، وهذا يعتبر من أكبر أسباب عدم إفصاحي عن اسمي الحقيقي خشية الإيذاء من شباب فارغة العقول، يستغلون معظم أوقاتهم بـ«الفضاوة» والبحث عن تسلية قد تتشكل في السعي وراء بنات الناس وإيذائهن.
الغيرة والبحث عن حريَّة
وأخرى علقت بأنَّ السبب الأكبر هو أنَّ زوجها يراقبها ما بين الحين والآخر خفية، عندما كانت تظهر باسمها الحقيقي، حتى ضاق بها الأمر ذرعاً، فألغت جميع حساباتها على المواقع الاجتماعيَّة، ورجعت باسم مستعار بعيد كل البعد عن مواقع الشبهة لها، وأوضحت ارتياحها الكامل بمزاولة تواصلها مع أصدقائها والمجتمع بكامله بحرّية ومن دون تقييد أو خوف من مراقبة الزوج، مبينة أنَّها لا تفعل شيئاً خاطئاً، سوى غيرة زوجها القاتلة التي كانت سبباً في دفعه للمراقبة والبحث من ورائها عن كل ما يدور بينها وبين أصدقائها، السيدات، «والرجال» أكثر تحديداً.