قد تعجب الفتاة بصديقتها أو مدرستها، إما لجمالها أو لمظهرها أو لأسلوبها ورقتها في الكلام، فلا تجالس غيرها، ولا تتكلم إلا معها، وتقوم بتقليدها في جميع شؤونها، وقد يتطور ذلك الإعجاب إلى ما يسمى بالحب. ومن ثم قد تصبح العلاقة من نوع خاص. وفي الآونة الأخيرة انتشرت حالات الإعجاب بين الفتيات في المدارس والجامعات.
فما الأسباب التي تدفع الفتاة إلى التعلق بفتاة مثلها؟ وما مظاهره؟ وما السن التي يكثر فيها الإعجاب بين الفتيات؟
«سيدتي نت» ناقشت القضية للوقوف على أسبابها وطرق علاجها.
أكدت الطالبة رزان العمري، الصف الأول المتوسط، أنها لاحظت هذه الحالة بين صديقاتها، وأنها تستاء كثيراً لذلك، وتنصحهن بالابتعاد عنها وتجنبها.
أما الطالبة لولوة العنزي، فكانت من ضحايا الإعجاب المثلي، وتم فصلها من إحدى المدارس الخاصة، حيث كان بينها وإحدى صديقاتها، التي تسمى البوية، علاقة إعجاب تطورت إلى درجة خطيرة؛ ما اضطر إدارة المدرسة، بعد اتخاذ كل السبل التربوية لمعالجتها وإعلام الأهل بكل التفاصيل، إلى فصلها من المدرسة.
حالات فردية
لمعرفة مدى انتشار هذا الحالات، سألنا حياة المطوع، رئيسة قسم التوجيه والإرشاد بالإدارة العامة لتعليم البنات بجدة، فأجابت: «من وجهة نظري، هذه الحالات لا تعتبر ظاهرة، بل حالات فردية، لها دوافعها، قد تكون أسرية أو مدرسية. والتعامل مع هذه المشكلة يتم على ثلاثة مستويات:
• المستوى الإنمائي: وتستفيد منه جميع الطالبات، وهو عبارة عن برامج توعوية تركز على التمسك بالعقيدة والقيم وتقوية الوازع الديني، ودور الأسرة والمدرسة في تدعيم ذلك.
• المستوى الوقائي: ويتضمن برامج إرشادية تُبصِّر الطالبات بعواقب هذه المشكلة نفسياً واجتماعياً وأسرياً.
• المستوى العلاجي: ويعتمد على دراسة الحالة بأساليب فنية، ووضع خطة علاجية للطالبة صاحبة الحالة، مع متابعتها حتى إنهاء المشكلة. وتشمل الخطة التعامل مع الطالبة والأسرة، باعتبار أن الأسرة لها الدور الأكبر. وفي حال عدم استجابة الطالبة لكل هذه الإجراءات وإصرارها على عدم الاستجابة يتم تطبيق قواعد السلوك والمواظبة عليها؛ لأن المصلحة العامة مقدمة على الخاصة، حفاظاً على سلوك بقية الطالبات في المدرسة.
حرمان ولفت انتباه
المرشدة الطلابية سناء زقوت، بمدرسة دوحة الجزيرة، أوضحت أن من بين أسباب هذه الحالات: التقليد الذي يشيع بين الفتيات في تلك المرحلة، بالإضافة إلى الحرمان العاطفي، والرغبة في لفت الأنظار وإثبات الذات.
وعن أصعب الحالات التي مرت عليها خلال عملها كمرشدة طلابية في عدة مدارس، قالت: «كانت لطالبة في المرحلة المتوسطة، أعجبت بزميلتها لدرجة خطيرة، وعند تحليل المشكلة لمعرفة أسبابها ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة لها، اتضح أنها تعاني من انعدام الحوار والثقة بينها وبين والدتها، وكان ذلك العامل الأكبر في عدم استجابة الفتاة للعلاج أو النصح والإرشاد، بل وصل بها الأمر إلى ادعاءات كاذبة على أهلها، وعند تقصي الحقائق اتضح أنها من نسج الخيال، كنوع من التشتيت والهروب».
تتابع سناء زقوت: «تنشأ بعض السلوكيات والممارسات من خلال عوامل متعددة، تُكرس في نمط حياة الطالبة، وتؤثر في سلوكها، وتحدد نوع وأنماط علاقاتها وصداقاتها، فتنجذب إلى زميلة بعينها، وتبوح لها بعاطفتها؛ لأنها تأمن لها، وترى فيها مستودعاً لأسرارها، وإشباعاً لغريزة التكامل والتوحد مع ذات أخرى تنصهر فيها، وتبحث من خلالها عن علاقة تفتقدها في المحيط الأسري، أو الاجتماعي.
القسوة والحرمان من الأسباب
وللتأكيد على دور الأسرة، قالت سناء زقوت: «الوضع الأسري له دور كبير في وصول بعض الفتيات إلى هذه الحالة، ومن ذلك: ضعف أساليب التحاور الأسرية بكلمات الحب والحنان، إما خجلاً أو تكبراً، كما أن المعاملة القاسية تجعل الفتاة تبحث عن بديل خارج الأسرة، أو تبحث عن شخصية قوية تحكمها لضعف شخصيتها، وقد ترفض الفتاة الدور الأنثوي، بسبب ظروف المعاملة الأخوية القاسية ووجودها بين إخوة ذكور، فتحاول تقمص شخصياتهم، أو تحويل شخصيتها؛ لتجعل من حولها يعجب بها.
وهذه العوامل لها دور في انحراف السلوك لدى الفتاة بما يسمى بـ "السحاق"، ومن الأهمية بمكان اكتشاف انحراف الفتاة مبكراً؛ حتى يمكن إشباع الحرمان العاطفي لديها، ولكل مرحلة عمرية احتياجاتها، ولابد من إشباعها؛ حتى لا تؤثر في المرحلة التي تليها».
وأكدت المرشدة الطلابية أن علماء النفس والاجتماع يعتبرون الإعجاب حرماناً عاطفياً إذا تطور وتجاوز حدوده، ونتج عنه بعض السلوكيات الخاطئة، فبعض الفتيات يعتدل سلوكهن عند إدراكهن أن ما يفعلنه خطأ وغير مقبول، والأخريات يخفينه خجلاً أو خوفاً من المجتمع، فيكوّن بداخلهن صراعاً بين الذات والقيم.