تعود فكرة تلوين الشعر إلى آلاف السنين؛ حيث استخدم البشر طرقاً متنوعة لتغيير لون شعرهم، سواء لأغراض جمالية أو دينية أو اجتماعية. من استخدام المواد الطبيعية في الحضارات القديمة، إلى الصبغات الكيميائية في القرن العشرين، وصولاً إلى صبغات الشعر الجاهزة التي أصبحت متاحة في الأسواق اليوم، يعكس هذا التطور تزايد الاهتمام بالعناية بالمظهر والجمال، ما جعل صبغات الشعر أحد المستحضرات الأساسية في عالم التجميل، وجزءاً أساسياً من صيحات الجمال والموضة.
لكن، منْ كان أول من صنع صبغات الشعر كمستحضر تجميلي؟ وكيف تطورت هذه المنتجات حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم؟
في الآتي، "سيدتي" تستعرض تاريخ صبغات الشعر وكيف كانت تُصنع في مختلف العصور حتى وصولها إلى صبغات الشعر الجاهزة في عصرنا الحالي، وأهم الشركات التي كانت رائدة في تطوير هذه المنتجات.
ألوان صبغات الشعر في العصور القديمة: من الحناء إلى الأعشاب الطبيعية
مصر القديمة: شاع صبغ الشعر بين الفراعنة والمجتمع المصري بشكل عام في العصور المصرية القديمة. وكانوا يستخدمون طرقاً طبيعية لتلوين شعرهم، ومنها الحناء التي كانت تعتبر مادة أساسية للحصول على اللون الأحمر أو البني. وأيضاً الكركم والخزامى لتحقيق ألوان دافئة. وفي الصين القديمة، تم استخدام الرماد النباتي والتربة الغنية بالمعادن، لتغيير لون الشعر. كذلك، في حضارة اليونان القديمة، كان الشعر يتم تلوينه باستخدام مواد نباتية وأملاح معدنية.
ألوان صبغات الشعر في العصور الوسطى: من الفواكه المطحونة إلى الخل
العصور الوسطى: غالباً، ما كانت تستخدم صبغات الشعر من قبل الطبقات العليا والنبلاء في تلك الفترة، حيث كانت تمثل علامة الثراء والمكانة الراقية في المجتمع. وكان يتم صبغ الشعر باستخدام مكونات طبيعية، مثل الحناء لصبغ الشعر، وصبغات الأعشاب، إلى جانب الكرنب الأحمر أو الفواكه المطحونة للحصول على ظلال متنوعة من الأحمر والبني. بينما كانت المجتمعات الأقل دخلاً تعتمد على العلاجات البسيطة مثل الخل والماء، لتخفيف لون الشعر بشكل طبيعي.
صبغات الشعر في عصر النهضة: من الأعشاب إلى الدهون الطبيعية
عصر النهضة، في هذه الحقبة، بدأ استعمال صبغات الشعر يتوسع بشكل أكبر بين الطبقات العليا في أوروبا. وأصبح الشعر جزءاً من معايير الجمال المترفة. كان يتم تلوين الشعر من خلال غلي الأعشاب والنباتات، مثل البابونج للحصول على اللون الذهبي الفاتح، والجوز للحصول على صبغة شعر باللون البني الداكن. مع تطور العصر، بدأ يظهر الاتجاه نحو استخدام الزيوت الطبيعية المفيدة للشعر، مثل زيت الزيتون، لتعزيز لون الشعر.
صبغات الشعر في القرن التاسع عشر: مرحلة جديدة لتلوين الشعر
القرن التاسع عشر، في هذه الفترة، ظهرت أولى الصبغات الكيميائية التي كانت تحتوي على الزيوت المعدنية والأمونيا. على الرغم من أن هذه الصبغات ليست آمنة تماماً، فقد شكلت بداية مرحلة جديدة في تاريخ صبغات الشعر، وبداية لثورة جديدة في مجال العناية بالشعر، حيث أصبح الناس قادرين على تغيير لون شعرهم بشكل أكثر دقة وسهولة.
صبغات الشعر في القرن العشرين: ألوان جريئة
القرن العشرون: بفضل ظهور الصبغات الجاهزة التي يمكن استخدامها في المنزل. قدمت شركات صبغات شعر تحتوي على مواد، تساعد على تفتيح الشعر أو تغميقه، ، وأصبح بإمكان الأفراد من مختلف الطبقات الاجتماعية اختيار الألوان المفضلة بسهولة تامة، وتجربة مجموعة واسعة من الألوان، بدءاً من الألوان الطبيعية مثل البني والأشقر وصولاً إلى الألوان الجريئة مثل الأحمر والأزرق.
صبغات الشعر في عصرنا الحالي: مستحضرات آمنة
اليوم، ومع التطور الملحوظ في صبغات الشعر، هناك خيارات لا حصر لها من الألوان، من الطبيعية إلى الألوان غير التقليدية مثل الأرجواني والأزرق والأخضر. وبدأت بعض العلامات التجارية في تطوير صبغات شعر خالية من المواد الكيميائية القاسية كالأمونيا، لتوفير تجربة أكثر راحة وأقل ضرراً للشعر.. كذلك، ظهرت صبغات الشعر تقدم مجموعة متنوعة من الألوان، من الألوان الطبيعية مثل صبغة الشعر البني الفاتح الأشقر، إلى الألوان الجريئة مثل الأزرق والأرجواني. فأصبحت صبغات الشعر أكثر من مجرد تغيير للمظهر، بل هي تعبير عن الشخصية والهوية.
أول مستحضر لصبغ الشعر.. ابتكار بالألوان
أول صبغة شعر مركبة باللون البنفسجي
عام 1800، قام الكيميائي الإنجليزي ويليام هنري بيركين William Henry Perkin، باكتشاف عرضي غيّر صبغة الشعر إلى الأبد. في محاولة لتوليد علاج للملاريا، ابتكر ويليام أول صبغة مركبة في عام 1863. كان اللون البنفسجي. بعد فترة وجيزة، استمد أستاذ الكيمياء أوغست هوفمانAugust Hoffman مادة في صبغات الشعر لتغيير لون الشعر، والتي لا تزال الأساس لمعظم صبغات الشعر الدائمة اليوم.
أول صبغة شعر آمنة في العالم
في عام 1907، استخدم كيميائي فرنسي شاب يدعى يوجين شويلر Eugène Schueller، مادة اسمها "بارا فينيلينديامين"، وهي مادة كيميائية اكتشفت في القرن الماضي، لأول صبغة اصطناعية في العالم، والتي أطلق عليها "أوريال" Oréal. بعد ذلك بعامين، أسس شويلر شركته "لوريال" L'Oréal، الشركة الفرنسية لصبغ الشعر غير المؤذي، وهو اسم يهدف إلى تخفيف مخاوف الناس من استخدام صبغات الشعر المصنعة بمواد قاسية. مع مرور الوقت، أصبحت لوريال إحدى الشركات الرائدة في صناعة مستحضرات التجميل بشكل عام، وصبغات الشعر بشكل خاص.
ما رأيك التعرف إلى الفرق بين اللولايت والهايلايت للشعر
أول صبغة شعر باللون الأشقر
عام 1950، قدمت شركة كليرول Clairol، التي أسسها جيلب فانوديد Gelb founded مع زوجته جين كلير Jane Clair، أول منتج ثوري لصبغ الشعر في المنزل، يعمل على تفتيح الشعر دون تبييضه، ما سمح للنساء بتلوين شعرهن في المنزل. هذا الاختراع فتح المجال أمام الأفراد لتغيير لون شعرهم في المنزل بسهولة، وهو ما ساعد في انتشار صبغات الشعر بشكل غير مسبوق.
تقنيات لصبغ الشعر
عام 1970، برزت تقنية جديدة لتلوين الشعر، وهي "البلياج" ولاقت شعبية واسعة، لتأثيرها الطبيعي على خصلات الشعر الملونة. حيث تعتمد هذه التقنية على تفتيح بعض خصلات الشعر بلون أفتح من الشعر الطبيعي، ما يعزز من جاذبية الشعر.
أحدثت السنوات الأخيرة تحولاً في مكونات صبغات الشعر وألوانها، بما في ذلك التقنيات، من تقنية البلياج إلى الهايلات وصولاً للأومبري. هذا بالإضافة إلى تطوير صبغات خالية من الأمونيا وأكثر اعتناءً بصحة الشعر، ما جعل صبغات الشعر في يومنا هذا، أحد العناصر الأساسية في عالم التجميل والجمال.
المصادر:
- www.loreal.com
- edition.cnn.com
- www.byrdie.com